وضعها الله أو "أن الله صانع الساعة لا مخلص الإنسان" على حد تعبير أحد المؤلفين، وهذا هو المذهب الطبيعي يتخذ له سندًا من فيزيقا نيوتن. لذا نرى فولتير يذهب إلى التفاؤل أول الأمر, نقول للملحد:"إن ما هو شر بالإضافة إليك هو خير في النظام العام"؛ ثم حدث زلزال بلشبونة أودى بكثيرين، فثارت ثائرة فولتير في قصيدة معروفة، ورأى أن وجود الشر اعتراض هائل في أيدي الملحدين.
وكذلك هو يتردد في مسألة الخلود، مع أنه كان يقول بضرورة إله يثيب ويعاقب، وبضرورة الدين للشعب الذي لا يأتي الفضيلة عن عقل ونزاهة كالفلاسفة "! " ولكنه مفتقر إلى حافز ورادع. فهو لا يرى رابطة ضرورية بين روحانية النفس وخلودها، فقد تكون النفس روحية ثم لا تكون خالدة؛ وهو يبين أن القول بنفس متمايزة من الجسم "على طريقة ديكارت" يثير إشكالات عاتية، ويعارض ما نحسه من علاقة مطردة بين قوانا الفكرية وتركيبنا الجسمي. على أنه لا يعتقد أن الفكر صادر عن المادة، إلا أن يكون الله قد منح المادة قدرة على التفكير كما قال لوك. وهو يتردد في مسألة الحرية, فقد أعلن "أن خير المجتمع يقتضي أن يعتقد الإنسان بحريته" ثم مال إلى الجبرية بحجة أننا لا نريد دون سبب, وتابع لوك في أن الحرية ليست حرية الإرادة بل حرية تنفيذ الفعل المراد، فقال:"إن حريتي تقوم في أن أمشي حين أريد أن أمشي, ولا أكون مصابًا بالنقرس" أما المصاب بالنقرس فلا حرية له.
ز- وهكذا نرى فولتير يعالج مسائل معروفة بأساليب معروفة، ولا يفلح في إقامة مذهب متسق. وهو يمثل روح عصره خير تمثيل، ذلك الروح الخفيف الهازل الذي يقنع بالآراء الجزئية، ويتعمد الانتقادات، ويتخذ من النكتة حجة ومن السخرية دليلًا. وقد كان فولتير أكبر عامل على نشر هذا الروح, واستطالة أثره إلى أيامنا.
٨٢ - ديدرو " ١٧١٣ - ١٧٨٤ ":
أ- بدأ حياته القلمية بالترجمة عن الإنجليزية، وكان مما ترجمه