القانون، والقانون إرادة الكل تقر الكلي أي: المنفعة العامة، إذ إن الشعب لا يريد إلا المنفعة العامة، فالإرادة الكلية مستقيمة دائمًا. ومن يأبَ الخضوع لها يرغمه المجتمع بأكمله، إذ إنه "حين يغلب الرأي المعارض لرأيي فهذا دليل على أني كنت مخطئًا, وأن ما كنت أعتبره الإرادة الكلية لم يكن إياها". والمجتمع القائم على العقد يؤلف هيئة معنوية أو "شخصًا عامًّا" تبدأ فيه الخليقة ويقوم الحق، بعد أن كان كل فرد يتبع إرادته الخاصة. ولهذا المجتمع "دين مدني""م ٤ ف ٨ " لا يدع للفرد ناحية من الحياة مستقلة عن الحياة المدنية. ويتعين على الدولة أن تنكر دينًا كالمسيحية يفصل بين الروحي والسياسي, وألا تطيق إلى جانبها سلطة كنسية إذ "لا قيمة لما يفصم الوحدة الاجتماعية" وإنما لزم الدين لأنه ما من دولة قامت إلا وكان الدين أساسها. على أن يكون هذا الدين مقصورًا على العقائد الضرورية للحياة، تفرض كقوانين حتى لينفى أو يعدم كل من لا يؤمن بها "لا باعتباره كافرًا, بل باعتباره غير صالح للحياة الاجتماعية". هذه العقائد هي عقائد القانون الطبيعي: وجود الله، والعناية الإلهية، والثواب والعقاب في حياة آجلة، وقداسة العقد الاجتماعي والقوانين, ولكل أن يضيف إليها ما يشاء من الآراء في ضميره.
ب- كذلك الرجوع إلى الطبيعة في التربية، فيترك الطفل يربي نفسه بنفسه، وبذلك ينشأ حرًّا جديرًا بأن يكون عضوًا في دولة حرة، إذ ما من وسيلة لتربية الطفل لأجل الحرية إلا تربيته بالحرية. وهذا يعني أن التربية يجب أن تكون سلبية ما أمكن، فتقتصر على معاونة الطفل في تربيته نفسه بنفسه، وتجتنب كل ما يضيق عليه ويقيده. وإن قيل لنا: إننا بهذا نعرضه لأن يجرح نفسه ويتألم، كان الجواب: فليكن "إن الألم أول ما ينبغي أن يتعلمه, وهو بأكبر حاجة لأن يتعلمه". على أن المربي لا يقف متفرجًا إذا رآه يعرض حياته للخطر بقلة تجربته، بل ينبهه وينهاه بقوة. ولكن هذه الحالة نادرة؛ فبرنامج التربية يشتمل على أربع مراحل هي: حياة الطبيعة، الحياة العقلية، الحياة الخلقية، الحياة الدينية. في المرحلة الأولى، وهي التي تمتد من الطفولة الأولى إلى الثانية عشرة، يوجه المربي جهده إلى تكوين الجسم، ولا يعرض للنفس بحال احترامًا لحقوق الطبيعة الطيبة أصلًا، فيحذر أن يريد