للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعيين وظائفها في المعرفة العلمية. وتلك هي الفكرة النقدية التي بنى عليها كنط فلسفته، ولكنها لن تنضج عنده إلا بعد زمن غير قصير.

ح- أما روسو فكان يدعو إلى الرجوع للطبيعة أي: للفطرة خالصة مما غشاها به المجتمع من عرف وتقليد. وقد قال كنط: إنه كان يعتقد أن العلم أكبر عنوان للمجد، والغاية القصوى للإنسانية، حتى احتقر الشعب الجاهل، فرفع روسو الغشاوة عن بصيرته وعلمه أن حال الطبيعة أسمى من حال المدنية، وأن التربية يجب أن تكون سلبية في الأكثر, فتقتصر على ضمان حرية الميول الطبيعية، وتنبذ إكراه العرف المصطنع. إن روسو عالم الأخلاق، فكما أن نيوتن وجد المبدأ الذي يربط ما بين قوانين الطبيعة المادية، كذلك استكشف روسو الحقيقة البسيطة التي تضيء الطبيعة الإنسانية إلى أعماقها، وهي الخلقية الصافية المستصفاة من كل إضافة زائفة.

٩٥ - نقد الميتافيزيقا:

أ- نأتي الآن إلى مرحلة ثانية من ١٧٦٠ إلى ١٧٧٠ شرع فيها كنط ينقد الفلسفة العقلية في النظريات والخلقيات قبل أن يستبين مذهبه. ففي رسالة بعنوان "الأساس الممكن الوحيد للبرهنة على وجود الله" " ١٧٦٣ " يذكر أربعة أدلة على وجود الله، فينقد الدليل الوجودي الذي يستخرج الوجود كمحمول من فكرة الله كموضوع، ويقول: ليس الوجود "العيني" محمولًا متضمنًا في فكرة؛ ثم ينقد الدليل الطبيعي الذي ينتقل من وجود حادث إلى وجود ضروري كامل، فيحتج بأن هذا الدليل يذهب من الضروري إلى الكامل كأنهما متساوقان فيعود إلى الدليل الوجودي؛ وينقد دليل العلل الغائية بحجة أن كمال العالم نسبي, فلا يدل بذاته على موجود كلي الكمال، وأن هذا الدليل أيضًا يعود إلى الدليل الوجودي. يبقى دليل يذهب من الممكن إلى المطلق، فيراه صحيحًا لأن الممكن لا يعقل بما هو كذلك إلا بالإضافة إلى موجود عيني ضروري لولاه لكان الممكن ممتنعًا، وهذا خلف؛ ويرى كنط أن الأدلة الثلاثة السالفة إذا بنيت على هذا الدليل صارت صحيحة.

ب- وفي "دراسة في وضوح مبادئ العلم الإلهي النظري والأخلاق"

<<  <   >  >>