" ١٧٦٤ " يذهب إلى أن العقل المنطقي لا يجد في ذاته حقائق معينة، وإنما يجد مبادئ عامة جوفاء، كمبدأ الذاتية الذي لا يعطينا بنفسه موضوعًا للعلم. ومن هذا القبيل فكرتا الواجب والكمال، وهما في الفلسفة العقلية الفكرتان الأساسيتان للأخلاق. ففكرة الكمال لا تعرفنا بالكامل الذي يجب طلبه وما فكرة الواجب إلا فكرة الضرورة القانونية الخالية من كل تعيين.
ج- وفي "أحلام واهم معبرة بأحلام الميتافيزيقا"" ١٧٦٦ " ينطق العنوان بقصد المؤلف إلى التهكم والنقد. الواهم أو الإشراقي هو الذي يدعي الاتصال بموجودات روحية عليا، مثل سويدنبورج السويدي معاصر كنط, والميتافيزيقي أيضًا يتحدث عن مثل هذه الموجودات، ولكنه يزدري الإشراقي. فهو يعتقد إذن أن ليس لها تجربة مباشرة، وهو مضطر إلى الإقرار بأنه لا يدركها في أنفسها، وأنه إنما يعرفها بضرب من المعرفة السلبية، وفي هذه الحالة تكون الميتافيزيقا علم حدود العقل الإنساني، ولا تستطيع مجاوزة التجربة التي هي المعرفة الحقة. ولا بأس في ذلك؛ لأن هذا الذي يفوت علمنا ويعتبر ضروريا لتنظيم حياتنا الخلقية، وهو عالم الأرواح، هو موضوع إيمان لا موضوع برهان. على أن تصور مثل هذا العالم قد تصبح له قيمة لو جاءت وقائع تثبت أن ثمة وحدة أو مشاركة روحية بين الموجودات العاقلة، وقد يكون الضمير الخلقي إحدى هذه الوقائع لما ينطوي عليه من الواجب، أي: تقرير ما يجب أن يكون بغض النظر عن التجربة، ولما تفترض صفته الكلية من الارتباط بين جميع الضمائر؛ وقد يمكن تأويله بأنه وحي بعالم معقول تخضع فيه الإرادات الجزئية لقوانين خاصة, أو لإرادة كلية.
د- وكانت نقطة التحول إلى فلسفته رسالة باللاتينية في "صورة ومبادئ العالم المحسوس والعالم المعقول"" ١٧٧٠ " خولته الحق في اعتلاء كرسي المنطق وما بعد الطبيعة. يذهب فيها إلى أن المعرفتين الحسية والعقلية تختلفان، ليس فقط بدرجة التمييز كما يقول العقليون، بل كل الاختلاف: المعرفة الحسية تؤدي إلينا كيفيات، وهذه الكيفيات تبدو في المكان والزمان، والمكان والزمان معنيان كليان، فهما إذن من مصدر آخر غير التجربة، هما صورتان يفرضهما الفكر على الكيفيات المحسوسة، فالمعرفة الحسية مجموعة ظواهر. أما المعرفة العقلية فتلوح