تصور البقاء في الزمان، ورسم العلية تصور التعاقب الراتب في الزمان، ورسم التفاعل أو الاشتراك تصور تقارن أعراض جوهرين في الزمان. رابعًا رسم الجهة تصور الوجود في جملة الزمان، فإن الظواهر يمكن أن توجد إما في أي زمان كان، وهذا هو الإمكان؛ أو في زمن معين، وهذا هو الوجود الواقعي؛ أو في كل زمن، وهذه هي الضرورة. فالرسم الذاتي يعطينا فكرة عن الطريقة التي يمكن أن تطبق بها المقولات على الظواهر بوساطة فعل المخيلة المبدعة في اللاشعور.
ز- هكذا يقول كنط، ولنا على أقواله ملاحظات: فأولا ليس العدد رسمًا للكمية، ولكنه حقيقة الكمية المتصورة، فإن العدد جميع آحاد موجودة أو مفترضة، وليس يهم كونه يتم في الزمان. ثانيًا ليس الوجود في الزمان رسمًا للكيفية، ولكنه هو أيضًا حقيقة الموضوع المتصور، فإن الظاهرة كيفية بذاتها. ثالثًا ليس نظام تعاقب الزمان مقابلا لمقولات الإضافة ومحتما تطبيقها، فإن البقاء في الزمان قد يتفق للعرض كما يتفق للجوهر، ونحن نستطيع تصور جوهر لا يبقى سوى لحظة واحدة؛ وتصور التعاقب الراتب لا يدل دائمًا على العلية، بل قد يكون محض تعاقب؛ وكذلك تصور تقارن أعراض جوهرين لا يدل حتمًا على التفاعل, فكيف نميز بين مختلف الحالات؟ رابعًا ليس تصور الوجود في جملة الزمان مقابلا لمقولات الجهة؛ فليس الإمكان مجرد الوجود في أي زمان كان، وليست الضرورة مجرد الوجود في كل زمن؛ ولكن لكل منهما تعريفًا قائمًا على ماهية الشيء من حيث هو موجود بذاته أو مفتقر إلى غيره، وكنط لا يلحظ الماهية المعقولة لأنه يجعل من العقل قوة غير مدركة. أما الوجود في زمن معين، فيرجع إلى مقولة الكيفية كما سبق. وعلى ذلك, فلكل مقولة في واقع الأمر مفهوم يختلف عن الرسم الخيالي الذي يقال: إنه يدل عليه، وهذا المفهوم يدركه العقل، ولكن العقل عند كنط غير مدرك.
ح- والآن وقد تمت نظرية الأحكام التركيبية الأولية، أي: نظرية الحساسية والفهم والتطابق بينهما، نستطيع أن نرى مبلغ ما فيها من عبث وتهافت. إن كنط، لكي يبرر موضوعية الإحساس، يضع شيئًا خارجيًّا مؤثرًا فينا، فيناقض مذهبه من حيث إن العلية عنده مقولة جوفاء، إن خولتنا الحق في الربط بين الظواهر,