للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأشياء في هذه الدرجة فتختلف الإحساسات. وهذان المبدآن رياضيان يبرران تطبيق الرياضيات على العلم الطبيعي. ولكل من مقولات الإضافة مبدأ: المبدأ الأول "الجوهر باقٍ في تعاقب الظواهر, وكميته لا تزيد ولا تنقص" إذ لما كان الجوهر لا يتغير من حيث وجوده، فلا يمكن أن تزيد كميته أو تنقص. المبدأ الثاني "جميع التغيرات تقع تبعًا لقانون ترابط العلة والمعلول" أي: في تعاقب منتظم، إذ لو كانت نسبة التعاقب بين الظواهر غير منتظمة، لما كان للنسبة قيمة موضوعية، وما انتظام التعاقب إلا العلية. المبدأ الثالث "جميع الظواهر المدركة معًا في المكان متفاعلة" فإن الشرط الذي يجعل معرفة التقارن موضوعية هو أن يكون شيئان بحيث لا يوجد أحدهما قبل الآخر ولا بعده, فتقارنهما هكذا هو العلامة التي تسمح لنا بتطبيق مقولة التفاعل. ولكل من مقولات الجهة مبدأ: المبدأ الأول "كل ما يتفق والشروط الصورية للتجربة "وهي المكان والزمان والمقولات" فهو ممكن". المبدأ الثاني "كل ما يتفق والشروط المادية للتجربة فهو موجود في الواقع" أي: إن إدراك الشيء، أو إدراك علاقته بشيء مدرك، تبعًا لمبادئ الإضافة، يدل على وجوده الواقعي. المبدأ الثالث "كل ما يتفق مع الوجود الواقعي تبعًا للشروط العامة للتجربة فهو ضروري". ويلزم من هذا أن ليس في الطبيعة صدفة أو علية عمياء، وإنما كل شيء فيها يتوقف على شروط، ويقع بموجب ضرورة معقولة. ومبادئ الإضافة والجهة تعين الأشياء بعلاقاتها فيما بينها، أو بعلاقاتها بقوتنا المدركة، فهي مبادئ قوية ""دينامية"" أي: مبادئ الحركة والتغير تقوم عليها القوانين الطبيعية.

ب- والنتيجة التي وصلنا إليها هي أن المقولات والمبادئ تعني أن الطبيعة لكي تكون معلومة لنا، يجب أن تطابق الشروط التي نستطيع أن نتصور وجودها عليها، أو أن شروط الطبيعة تستنبط من شروط الفكر. وهكذا يتجلى لنا الانقلاب الذي أحدثه كنط, إذ جعل الأشياء تدور حول الفكر بدل أن يعتقد الناس جميعًا أن الفكر يدور حول الأشياء. ولكن هل هناك استنباط حقا؟ الحق أن كنط رأى العناصر الضرورية للعلم، والموجودة في العلم بالفعل، والتي لا تدرك بالحواس، فاستخلصها وحاول أن يستنبطها فما فعل إلا أن وضعها وضعًا، وما كان الاستنباط إلا محاولة صناعية. وهو يلتمس دليلًا آخر على صحة مذهبه؛ فإنه ينبه على أن التحليل

<<  <   >  >>