للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متى استخدم في الفحص عن المطلق الذي تنتهي إليه ظواهرنا الوجدانية، وصل إلى موضوع لا يستعمل كمحمول فلا يستند إلى شيء آخر, هذا الموضوع هو معنى الأنا أو النفس كجوهر. والقياس الشرطي المتصل "وهو يعلق مشروطًا على شرطه" متى استخدم في الفحص عن العلة المطلقة للعلل الطبيعية، وصل إلى معنى العالم كجملة العلل أو الشروط. والقياس الشرطي المنفصل "وهو يعارض بين حدين, فيضع أحدهما بناء على ارتفاع الآخر" متى استخدم للفحص عن الشرط المطلق لجميع موضوعات الفكر، وصل إلى معنى العلة المطلقة أو الموجود الأعظم وهو الله. ومن هنا نشأت ثلاثة علوم: علم النفس النظري يزعم أنه علم النفس باعتبارها جوهرًا مفكرًا؛ والعلم الطبيعي النظري يزعم أنه علم العالم باعتباره جوهرًا كذلك؛ والعلم الإلهي النظري يزعم أنه علم الله. فبمراجعة مسائل هذه العلوم وأدلتها، يتبين لنا أن الأدلة سوفسطائية، وأن المسائل وهمية نشأت من اعتقاد أننا ندرك بتلك توحيدًا نهائيًّا.

د- سوف يتضح الآن مقصد كنط باستخدام هذه الأقيسة الثلاثة، فيتضح مقدار ما بذل من تصنع وافتعال. إننا لا نرى مسوغًا لوضع النطق كقوة متمايزة من الفهم، فإن معاني النفس والعالم والله تكتسب بتطبيق مقولتي الجوهر والعلية على كل ظاهرة قبل النظر إلى جملة الظواهر. وكنط نفسه يذكر بين المقولات مقولة "الجملة" ففكرة "جملة الظواهر" متوفرة للفهم، وفي المقولات الثلاث المذكورة الكفاية. ولكن كنط ورث عن فولف هذا التقسيم للميتافيزيقا، وورث فكرة النطق عن الأفلاطونيين، من فلاسفة ومتصوفين، وكانوا يميزون بين قوة استدلالية تضع العلم الطبيعي، وقوة حدسية تدرك الروحيات، دون أن يفطنوا إلى أن علمنا بالروحيات قائم هو أيضًا على تطبيق مبدأ العلية، لا على حدس مباشر؛ فأراد هو أن يلتمس لكل أساسًا منطقيًّا.

١٠٢ - الجدل الصوري: ٢ - نقد علم النفس النظري:

أ- يدعي هذا العلم أنه يبرهن على وجود النفس كجوهر قائم بذاته, ابتداء من "أنا أفكر" وأنه يعين ماهية النفس بتطبيق المقولات على "أنا أفكر" فيصل إلى أن النفس بسيطة وشخصية أي: باقية هي هي تحت ما يعرض لها من تغيرات،

<<  <   >  >>