للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخالدة. فهو يرجع إلى أربع مسائل كبرى يركب لها أربعة أقيسة, ولكن هذه الأقيسة أغاليط يشتمل كل منها على أربعة حدود؛ لأن أحد الحدود الثلاثة في الظاهر مأخوذ في الحقيقة بمعنى في إحدى المقدمتين وبمعنى آخر في الأخرى. لذا يسمي كنط هذه الأقيسة "أغاليط العقل الخالص".

ب- المسألة الأولى جوهرية النفس، تدلل عليها الميتافيزيقا بهذا القياس: "ما لا يتصور إلا كذات، فهو لا يوجد إلا كذات، وهو من ثمة جوهر؛ والموجود المفكر لا يتصور إلا كذات؛ وإذن فهو لا يوجد إلا كذات أي: جوهر". هذا القياس غلط؛ لأن المقصود بالذات في المقدمة الكبرى هو "الشيء" الذي يتصور كذات، أي: الذات التي تدرك كذلك، أو الذات التي هي في الوقت نفسه موضوع إدراك؛ وفي الصغرى ليس المقصود "شيئًا" من حيث إن قولنا: الموجود المفكر أو أنا أفكر لا يتضمن موضوع فكر، بل يعني الشرط الضروري لإمكان الحكم وإحداث وحدة الشعور، فإن "أنا أفكر" هي الصورة التي تجمع الظواهر في فكر واحد بعينه. ذلك بأن ليس لنا حدس بنفسنا كذات مفكرة، وكل ما ندركه هو فكرنا متعلقًا بموضوعات لا مستقلًّا. فإذا طبقنا المقولات على "أنا أفكر" كان هذا التطبيق فعلًا منطقيًّا صرفًا عاطلًا من أية قيمة موضوعية، من حيث إن المقولات لا تطبق تطبيقا موضوعيا إلا على الحدوس الحسية. فلا يسوغ الانتقال من وحدة الفكر كشرط منطقي إلى وحدة جوهر متقوم بذاته.

ج- المسألة الثانية بساطة النفس، تدلل عليها الميتافيزيقا بهذا الأساس: "الموجود الذي يفترض فعله ذاتًا بسيطة هو جوهر بسيط؛ والنفس موجود يفترض فعله "وهو الفكر" ذاتًا بسيطة "لأن التفكير رد التصورات إلى الوحدة، وهذا ما لا يستطيعه الموجود المركب"؛ وإذن فالنفس جوهر بسيط". ولكن المراد بلفظ بسيط في الكبرى موجود مدرك بالحدس كموجود بسيط, وفي الصغرى المراد موجود يتراءى لنفسه كأنه موجود بسيط. وبعبارة أخرى: لأجل أن نفكر يكفي أن نعتبر نفسنا ذاتا بسيطة، وليس من الضروري أن نكون كذلك حقا.

د- المسألة الثالثة شخصية النفس، تدلل عليها الميتافيزيقا بهذا القياس: "الحاصل على الشعور بذاته في أوقات مختلفة هو جوهر شخصي؛ والنفس حاصة على هذا الشعور؛ وإذن فالنفس جوهر شخصي". ولكن هنا أيضًا ينتقل القياس

<<  <   >  >>