للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- المؤسسة الاجتماعية الأساسية هي الأسرة تنظم غريزة التناسل بالزواج, والزواج بواحدة يكفل حسن تربية البنين. وعلى الأسرة يقوم المجتمع المدني وتقوم الدولة, فلا يعتبر الزواج أمرًا عاطفيًّا فحسب، ولكنه واجب مقدس, ويجب أن يصدر عن الشعور بالواجب، أي: أن يعقد لأجل المجتمع والدولة، وحينئذ يعد عملًا خلقيًّا. لذا كان الطلاق منكرا مبدئيا، ولا ينبغي أن يسمح به إلا في حالات استثنائية يعينها القانون. والمجتمع المدني يتكون من الأسر, ولكنه ليس صنعها أو صنع الأفراد بحيث تكون الحكومة مسئولة أمامهم. إنه مرحلة في تطور الروح المطلق، فهو طبيعي لا عرفي, والغرض منه صيانة الحقوق وحماية المصالح الفردية؛ وبهذا الاعتبار يمكن أن يتكون من قوميات مختلفة، مثلما يشاهد في سويسرا. فهو ينظم غريزة الانتقام إذ يضع القصاص المدني أو القانون الجنائي؛ وينظم الأنانية في الحياة الاقتصادية. وليس القصاص المدني انتقامًا أو إصلاحًا خلقيًّا, ولكنه جزاء عدل يمكن أن يذهب إلى حد الإعدام. أما غرض الدولة فيزيد على ما تقدم تحقيق الروح المطلق، والتضحية بالمصالح الخاصة في سبيله. فهي قومية، لها لغتها ودينها وأخلاقها وأفكارها. هي إذن تامة الوحدة، لا يقف منها الفرد موقف الخصم باسم النقد الشخصي, وهي غاية، والأسرة والمجتمع المدني وسيلتان إليها، تستوعبهما في وحدة عليا هي الروح المطلق محققًا بتمامه. وجودها دليل "سير الله على الأرض" ويجب احترامها كما يحترم إله أرضي. نظامها لازم من طبيعتها التاريخية ولا يفرض عليها من خارج نظام منقطع الصلة بها ولو كان صادرًا عن العقل.

ليست الجمهورية أكمل أنظمة الحكم، سواء أكانت شعبية أم أرستقراطية, الجمهورية تسرف في تقدير الفرد وتضحي بالمثل الأعلى في سبيله أو في سبيل الأسرة أو الطبقة؛ لذا اضمحلت الجمهوريات القديمة. النظام الطبيعي هو الملكية؛ لأنها تشخص الدولة والفكرة القومية في زعيم واحد هو محل سلطانها ورمز تقاليدها، هو العقل اللاشخصي وقد صار عقلًا واعيًا، هو الإرادة الكلية وقد صارت إرادة شخصية. يستنير برأي مجلس تشريعي مكون من خير ممثلي القوى القومية، وبخاصة القوى العقلية، ولكن هذا الرأي استشاري بحت، وسلطة الزعيم مطلقة، وحكمة الروح المطلق تؤيده, فتجنبه الانحراف إلى الأنانية والطغيان!

هـ- كيف تكون العلاقات بين الدول؟ كان كنط قد ارتأى أن كل دولة

<<  <   >  >>