أ- سفير سافوي في بطرسبرج من ١٨٠٣ إلى ١٨١٧. كان قد آمن بمبادئ الثورة في شبابه، فردته مظالم الثورة إلى التفكير في تجديد النظام بالرجوع إلى الدين. ولما أرسل إليه دي بونالد كتابه الأول رد عليه يقول: إنه كان قد وصل إلى نفس المذهب. أشهر كتبه "أسمار بطرسبرج" و"البابا" و"اعتبارات في الثورة الفرنسية" و"مراجعة فلسفة بيكون".
ب- يرى هو أيضًا أن العناية الإلهية طبعت فينا الحقائق وعلمتنا الكلام، فتبلورت الحقائق في الألفاظ. ويعارض لوك في دعواه بأن جميع معارفنا مستفادة من الإحساس، ويعارض العلم الحديث في تفسيره للأشياء بالمادة فحسب، فيقول: إن المادة لا يمكن أن تكون علة، وإن لنا في شعورنا بتأثير إرادتنا دليلًا على أن علة الحركة إرادة. وللعلماء أن يتوفروا على علومهم، وليس لهم أن يطبقوا مناهجها ونتائجها على الأمور الاجتماعية والدينية. في هذه الأمور كان الرأي الخاص وكانت حرية التعبير عن الآراء الخاصة أصل الشر في العصر الحديث. بدأ الشر بالبروتستانتية، واستمر بفلسفة بيكون وفلسفة لوك وفلسفة القرن الثامن عشر يمثلها فولتير "آخر البشر بعد الذين يحبونه". ودواء هذا الشر الاعتماد على عصمة البابا، فيكفل للمجتمع النظام والسلام. وإن قيل: إن هذه العصمة سر من الأسرار، أجاب: إن الأسرار تكتنفنا من كل جانب: فالعقل ينكر الحرب والحرب قائمة في الطبيعة جمعاء كوسيلة خفية لاستبقاء الحياة؛ والجلاد ممقوت من الناس أجمعين, وهو عامل على صيانة كيان المجتمع. ويمضي دي مستر في تأييد السلطة إلى حد الارتياب في العقل وهو القائل: إن الله طبع فينا الحقائق, وأن ليس أسخف من الزعم بأن الإنسان ترقى بالتدريج من الجهل إلى العلم ومن التوحش إلى الحضارة، فيقول: إن الذين يصيبون في الحكم قلائل، وإن لا واحد يصيب في الحكم على جميع الأشياء، وإن كل مرتبة من مراتب الموجودات قاصرة عن التي فوقها, فلعل فوقنا مرتبة لا ندرك منها شيئًا فنكون بالنسبة إليها كالعجماوات بالنسبة إلينا، فالخير كل الخير في التعويل على السلطة. فهو لا يميز تمييزًا واضحًا بين ما للعقل وما للدين، وهو كاتب مجيد يجري في تفكيره على نسق أقرب إلى الخطابة منه إلى البرهان.