فرنسا، وألف فوريي فرقة نموذجية، ولكنها أخفقت. وحوالي منتصف القرن كان لمذهبه في أمريكا مائتا ألف من الأتباع.
١٤٢ - أوجست كونت " ١٧٩٨ - ١٨٥٧ ":
أ- هو الذي حقق أماني سان سيمون، فدون موسوعة علمية، ووضع علما سياسيا، ودينا إنسانيا. ولد بمونلبتي في أسرة شديدة التعلق بالكثلكة، ولكنه فقد الإيمان منذ الرابعة عشرة. وكان تلميذًا ممتازًا في الرياضيات, فالتحق بمدرسة الهندسة بباريس في السادسة عشرة يحصل علومها ويستكمل ثقافته بقراءة كتب فلسفية كثيرة، وبخاصة كتب هيوم ودي مستر ودي بونالد. هذه المدرسة من خلق الثورة، وكانت مركز الثقافة العلمية والفكرة الجمهورية، وكان جل طلابها متشيعين لسان سيمون، وهو في طليعتهم. فاتصل به في ١٨١٧ وظل كاتبًا له ومعاونًا حتى ١٨٢٢ لما أراد سان سيمون أن يرجئ الإصلاح العلمي ليشرع في الإصلاح الاجتماعي، فخالفه لاقتناعه، بعد قراءة دي مستر، أن الشرط الأول للنجاح إعادة وحدة الاعتقاد إلى العقول كما كان الحال في العصر الوسيط, ولكن بوساطة العلم لا بوساطة الدين. ونشر بهذا المعنى كتابًا بعنوان "مشروع الأعمال العلمية الضرورية لإعادة تنظيم المجتمع"" ١٨٢٢ " ثم بعنوان "السياسة الواقعية"" ١٨٢٤ " يعلن فيه أن فلسفة القرن الثامن عشر القائمة على حرية الرأي وسلطة الشعب، فلسفة مفيدة في النقد والهدم عقيمة في الإنشاء؛ لأن هذين المبدأين نقديان لا منظمان؛ وأن الواجب قبل كل شيء وضع مذهب علمي شامل تقوم عليه سياسة واقعية تمتنع معها حرية الرأي كما تمتنع في الرياضيات أو العلم الطبيعي؛ إذ يتبين منها أن العلاقات الإنسانية خاضعة لقوانين، وأن النظام الاجتماعي متضامن مع جملة الحضارة كما تبدو في العلم والفن والصناعة، فيستقر المجتمع على خير حال. وذلك هو البرنامج الذي سيعمل فيلسوفنا على تحقيقه.
ب- بدأ إذن بتحرير موسوعة العلوم الواقعية والمحاضرة فيها " ١٨٢٦ " فأقبل على الاستماع إليه جمهور من العلماء، ولكنه ما ألقى ثلاث محاضرات حتى انتابته أزمة عقلية ترجع إلى مزاجه العصبي وإرهاق العمل وشواغل الحياة، فعنيت