للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٤٥ - مذهبه ٣ - علم الاجتماع:

أ- هذا العلم من إبداع أوجست كونت، وقد خصَّص له ثلاثة مجلدات من كتابه "دروس في الفلسفة الواقعية". دعاه Saciologie فذاع هذا الاسم وعرفه بأنه "العلم الذي يتخذ له موضوعًا ملاحظة الظواهر العقلية والأخلاقية التي بها تتكون الجماعات الإنسانية وتترقى". وكثيرًا ما يسميه بالعلم الاجتماعي الطبيعي Physique Saciale ليدل على منهجه الاستقرائي وليميز بينه وبين علم السياسة الذي ينهج نهجًا قياسيًّا ابتداء من فكرة الطبيعة الإنسانية, أو من غاية للدولة توضع أولًا. وهذا لا يمنع من أن يتضمن علم الاجتماع مسائل جوهرية من علم النفس والاقتصاد السياسي والأخلاق وفلسفة التاريخ. والعلم فيه لأجل العمل، فإننا -ولو أن الإنسانية تنمو طبقًا لقوانين ضرورية- نستطيع استعجال التقدم وتلطيف الأزمات بتوفير الظروف الملائمة، وذلك إما بتعديل ظروف الحياة المادية كالتربة الغذاء، أو بتعديل ظروف الحياة الاجتماعية بالأخذ عن حضارات مختلفة أو بتدبير حكومي. ويقسم أوجست كونت علم الاجتماع إلى قسمين؛ أحدهما الاجتماع الساكن S. statique يفحص عن الشروط الدائمة لوجود المجتمع أي: الأوضاع الملازمة له؛ والقسم الآخر S. dynamique يفحص عن قوانين نمو المجتمع أي: تطور هذه الأوضاع. والفكرة الأساسية في القسم الأول هي فكرة النظام، وفي القسم الثاني فكرة التقدم. والقسمان مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، إذ إن النظام والتقدم مترتبان الواحد على الآخر، وهذا ما تغفل عنه المدرسة الرجعية والمدرسة الثورية على السواء، الأولى تتمسك بالنظام، والثانية تدعو إلى التقدم. وليس هذا التقسيم خاصا بعلم الاجتماع، ولكنه مشترك بين العلوم؛ ففي الرياضيات تنظر الهندسة إلى العالم في حالة السكون، وتنظر إليه الميكانيكا في حالة الحركة؛ وفي عالم الجماد ينظر علم الطبيعة إلى القوى الطبيعية في حالة التوازن، وتنظر إليها الكيمياء في حالة الفعل؛ وفي عالم الحياة يدرس علم التشريح تركيب الأعضاء فيمثل السكون، ويدرس علم الفسيولوجيا وظائف الأعضاء فيمثل الحركة.

ب- من وجهة الاجتماع الساكن, يجب أولًا الفحص عن أصل الاجتماع.

<<  <   >  >>