لهذه الوقائع، من حيث إن العلم معرفة القانون, وإن الاتفاق خارج عن القانون. ولكن ما يعجز العقل الإنساني عن تفسيره قد يكون معقولًا للعقل الإلهي باعتباره عقلًا مشخصًا حيًّا لا مجرد عقل منطقي. على أن الله ليس موضوع علم, بل موضوع إيمان.
١٨٣ - شارل رنوفيي " ١٨١٥ - ١٩٠٣ ":
أ- تخرج هو أيضًا في مدرسة الهندسة بباريس، وكان كمعظم طلابها مشايعًا لسان سيمون, مناصرًا لفكرة الجمهورية. وكان أوجست كونت معيدًا له بهذه المدرسة، وكان جول لكيي قرينًا له وصديقًا، وقد قال هو عنه:"إنه الرجل الذي قشع الغشاوة عن عينيه، وعلمه ما الحرية وما اليقين وما العلاقة بين الحرية والإيمان" فكانت الحرية الركن الأول من أركان مذهبه, وساقته إلى نقد كل مذهب يعتبر الحياة الخلقية مظهرًا ضروريًّا لقانون كلي أو لموجود مطلق, أعني: الآلية العلمية والجبرية التاريخية والدين. وقادته دراسته الرياضية إلى العناية بفكرة اللانهاية, فرأى أن العدد اللامتناهي ممتنع, وأن كل مجموع واقعي يجب أن يكون متناهيًا، فكان التناهي ركنا آخر من أركان مذهبه ساقه إلى نقد كل نظرية من نظريات الاتصال التي تضع بين الأشياء فوارق غير متناهية فتندرج من شيء إلى آخر تدرجًا متصلًا، وجاء هذا النقد موافقًا لمواقفة من الحرية والأخلاق. ودرس ديكارت وكنط وهيوم، فأخذ بالتصورية وبنسبية المعرفة، أي: بأن ليس هناك سوى ظواهر وأن ظاهرة ما لا تفهم إلا باعتبارها مركبة من ظواهر أخرى أو داخلة في تركيب ظواهر أخرى, فكان هذا الموقف الركن الثالث من أركان مذهبه وجاء مطابقًا للركنين الأولين، فإن متناقضات العقل التي حصرها كنط تحتم علينا الاختيار بينها، وإنما تختار القضايا التي تثبت للعالم خصائص متناهية فنعدها صادقة ونعد نقائضها كاذبة، بخلاف ما ذهب إليه كنط من أن القضايا ونقائضها غير قابلة للتفنيد، وساقه هذا الاعتبار إلى فلسفة نقدية سميت بالفلسفة النقدية الجديدة neo-criticisme. وتلك هي قسمات فلسفته تجدها منبثة في جميع كتبه.
ب- هذه الكتب هي:"محصل الفلسفة القديمة"" ١٨٤٢ " محصل