إلى الحاضر فإلى المستقبل، وأنه كثرة أفعال في وحدة غير متجزئة. فالعالم من ثمة وحدة حاصلة على نفس الخصائص، إلا أنه غير محدود. العالم وجدان واحد هو وجدان الله؛ وكل وجدان، مع تميزه من غيره في الظاهر، فهو مظهر من الوجدان الكلي. والكواكب ملائكة السماء، والأرض متنفسة لأنها كل منظم بفصولها المطردة؛ وأجزاؤها نفوس الموجودات الأرضية من نبات وحيوان وإنسان, وهذه النفوس بالإضافة إليها كأفكارنا بالإضافة إلى أنفسنا.
ب- لكن شهرة فخنر قائمة على أنه مؤسس علم النفس الفيزيقي، ولو أنه يضيف هذا الشرف إلى أرنست هنريخ فيبر " ١٧٩٥ - ١٨٧٨ " أستاذ التشريح بجامعة ليبزج الذي كان بدأ تجاربه في قياس الإحساسات سنة ١٨٣٠ وبعد ست عشرة سنة أعلن القانون المعروف باسمه, وهو:"إن الزيادة في قوة المؤثر الضرورية لإحداث أقل زيادة مدركة في الإحساس، هي كسر مطرد من هذه القوة". وهذا القانون صحيح على وجه التقريب في الإحساسات المتوسطة القوة، ولكنه لا يعني أن القياس واقع على الإحساسات بما هي ظواهر وجدانية. فشرع فخنر يجري التجارب, وكان كتابه "مبادئ علم النفس الفيزيقي"" ١٨٦٠ " أول كتاب منظم في علم النفس مبني على الرياضيات.
ج- وهو يعرف علم النفس الفيزيقي بأنه "مذهب مضبوط في العلاقات بين النفس والجسم، وبصفة عامة بين العالم الفيزيقي والعالم النفسي". فنحن بإزاء علم تجريبي بحت يتناول الظواهر وقوانينها دون أن يعرض لجوهر النفس ولا لجوهر الجسم, ولما كان الفرض مشروعًا في العلم الواقعي افترض فخنر أن التقابل بين النفس والجسم يرجع إلى أن ما يبدو أنه النفس من الداخل يبدو أنه الجسم من الخارج، وهذا ما سمي "التوازي النفسي الفيزيقي" وقد صادفناه عند ليبنتز وسبينوزا وغيرهما كنتيجة لمذهب ميتافيزيقي، في حين أنه عند فخنر فرض علمي يشرف على علم مستقل يتخذ من قياس الظواهر الخارجية, وما تحدثه فينا من ظواهر عصبية قياسًا للظواهر النفسية التي لا تقاس مباشرة.
د- وبعد تجارب طويلة وضع فخنر هذه النتيجة وهي: لكي يزيد الإحساس أقل فرق مدرك يجب أن تكون الزيادة في المؤثر ١/ ١٧ للمجهود العضلي و ١/ ٣ للمس والحرارة والصوت، و ١١/ ١٠٠ للضوء, ثم عين الحد الأدنى للمؤثر في