وإذا كانت الأخلاق على ما يقول دوركيم من الاختلاف والتغير، فكيف نعلل ما يبدو لبعضها من ضرورة عند جميع الجماعات؟ ويفسر دوركيم المؤسسات والقواعد الاجتماعية طبقًا لنظرية التطور، فيبدأ بأبسط الصور ويسمي الجماعات التي تلاحظ عندها هذه الصور بالبدائية، في حين أن المنهج العلمي يقضي بالقول بأن الحالة المسماة بدائية هي أبسط ما وصل إلى علمنا من حالات، لا أنها الحالة الأولى تاريخيا، إذ قد تكون الإنسانية بدأت على حالة عقلية متقدمة، وقد تكون الجماعات التي نعتبرها الآن بدائية منحدرة من جماعات متحضرة زالت عنها الحضارة. فالاجتماعيون يعدون البسيط قديمًا وليس هذا بالضروري، ويعتقدون أنهم يؤيدون مذهب التطور وهم إنما يقبلونه مبدئيًّا.
٢٠٩ - ليفي برول " ١٨٩٧ - ١٩٣٩ ":
أ- كان أستاذًا لتاريخ الفلسفة، وله في هذا الباب كتاب عن "أوجست كونت" ودراسات أخرى. وناصر المذهب الاجتماعي بكتبه الآتية:"فلسفة الأخلاق وعلم الأخلاق"" ١٩٠٣ " و"الوظائف الفكرية في الجماعات الدنيا"" ١٩١٠ " و"العقلية البدائية"" ١٩٢٢ " و"الروح البدائية"" ١٩٢٧ " و"الفائق الطبيعة والطبيعة في الفكر البدائي"" ١٩٣١ ".
ب- في كتابه عن الأخلاق يريد أن ينظر إلى الأفعال الإنسانية على أنها ظواهر طبيعية وحسب، فينتقد فلسفة الأخلاق، ويقترح بديلا منها علمًا للأخلاق. ويرجع نقده إلى ثلاثة أمور: الأول أن فلسفة الأخلاق تزعم أنها علم معياري يعين ما ينبغي أن تكون عليه الأفعال الإنسانية، في حين أن العلم دراسة وصفية للظواهر وقوانينها، ففكرة العلم المعياري تنطوي على تناقض. الأمر الثاني أن الفلاسفة مختلفون في المبادئ متفقون مع ذلك في قواعد السلوك، وهذا يدل على أنه لا يوجد بين القواعد وبين المبادئ التي يدعون أنهم يستنبطونها منها صلة منطقية. الأمر الثالث أن الفلاسفة يضعون قضيتين لا يمكن قبولهما: الأولى أن هناك طبيعة إنسانية فردية واجتماعية هي واحدة في كل زمان ومكان ومعلومة لهم إلى حد كبير يستطيعون معه أن يعينوا لها القواعد الملائمة لكل حالةمن حالات الحياة، والحقيقة أن التباين شديد جدًّا بين الناس أفرادا وجماعات, والقضية الأخرى