ز- ورأى ديكارت أن يمهد الطريق لمذهبه ويجسّ النبض حوله، فأذاع سنة ١٦٣٧ شيئًا من علمه الطبيعي في ثلاث رسائل قدم لها برسالة يقص فيها تطور فكره، ويجمل مذهبه في الفلسفة والعلم. وكان العنوان الأصلي للكتاب برمته "مشروع علم كلي يرفع طبيعتنا إلى أعلى كمالها، يليه البصريات والآثار العلوية والهندسة، حيث يفسر المؤلف أغرب ما استطاع اختياره من موضوعات تفسيرًا يسهل فهمه حتى على الذين لم يتعلموا". فاستبدل به هذا العنوان "مقال في المنهج لإجادة قيادة العقل والبحث عن الحقيقة في العلوم، يليه البصريات والآثار العلوية والهندسة، وهي التطبيقات لهذا المنهج". ويبين لنا من هذا أن الوحدة قد تمت في فكر ديكارت بين الفلسفة والعلم الطبيعي الرياضي والغاية المرجوة منه, وهي "رفع طبيعتنا إلى أعلى كمالها".
ج- وأراد أن يعرض مذهبه على اللاهوتيين باللاتينية بعد أن عرضه على عامة المثقفين بالفرنسية "آملًا أن الذين لا يستخدمون سوى عقلهم الطبيعي خالصًا يقدرون آراءه خيرًا من الذين لا يؤمنون إلا بالكتب القديمة". فعاد إلى ما في "المقال" من آراء فلسفية؛ فتوسع في شرحها وتأييدها، فكان له من ذلك كتاب أسماه "تأملات في الفلسفة الأولى، وفيها البرهان على وجود الله وخلود النفس".
وقبل تقديمها للطبع استطلع فيها رأي نفر من الفلاسفة واللاهوتيين ليستدرك ما قد يأخذونه عليه، فيهيئ للكتاب قبولًا حسنًا وينال رضا لاهوتيي السوربون فدونوا اعتراضات كثيرة ألحقها بالتأملات وعقب عليها بردوده، ونشر الكل سنة ١٦٤١. وفي الطبعة الثانية " ١٦٤٢ " قال في العنوان "تمايز النفس من الجسم" بدل "خلود النفس" على اعتبار أن النفس متى كانت متمايزة من الجسم كانت خالدة. ونشرت للكتاب ترجمة فرنسية سنة ١٦٤٧ بقلم الدوق دي لوين.
ط- وخطر لديكارت أن أنجع وسيلة لإذاعة فلسفته وعلمه الطبيعي ربما كانت تلخيصهما في كتاب مدرسي سهل التناول. فنشر سنة ١٦٤٤ باللاتينية "وكانت لغة العلم والتعليم في أوروبا" كتاب "مبادئ الفلسفة" مع إهداء إلى السوربون، وحاول أن يحمل معلميه السابقين على تقريره في مدارسهم فيحل هو محل أرسطو، فلم يجيبوه إلى رغبته. ونشرت للكتاب ترجمة فرنسية سنة ١٦٤٧ مع