إهداء إلى الأميرة إليزابث، ورسالة إلى المترجم عرض فيها فلسفته عرضًا عامًّا، وبَيَّن ما بينها وبين الفلسفة القديمة من تعارض.
ي- ومن ذلك الحين مال إلى الأخلاق، وكتب فيها رسائل إلى الأميرة إليزابث ابنة فردريك ملك بوهيميا المخلوع واللاجئ إلى هولندا, هذه الرسائل يظهر فيها تأثير الرواقيين وبخاصة سنيكا. ثم وضع "رسالة في انفعالات النفس" وهي آخر مؤلفاته، نشرت سنة ١٦٤٩ , وتخللت إقامته الطويلة في هولندا ثلاث رحلات قصيرة إلى فرنسا " ١٦٤٤، ١٦٤٧، ١٦٤٨ " ومناقشات حادة بينه وبين بعض العلماء واللاهوتيين، ونزاع عنيف بين أنصاره وخصومه. وفي سنة ١٦٤٩ قصد إلى أستكهولم تلبية لدعوة كريستين ملكة السويد، فتأثر بالبرد وساءت صحته, وقضي في ١١ فبراير ١٦٥٠.
٣٢ - الفلسفة ومنهجها:
أ- يعرف ديكارت الفلسفة بقوله:"إن كلمة فلسفة تعني دراسة الحكمة ولسنا نقصد بالحكمة مجرد الفطنة في الأعمال، بل معرفة كاملة بكل ما في وسع الإنسان معرفته بالإضافة إلى تدبير حياته وصيانة صحته واستكشاف الفنون. ولكي تكون هذه المعرفة كما وصفنا، فمن الضروري أن تكون مستنبطة من العلل الأولى". ثم يقول في تقسيمها: "إن قسمها الأول الميتافيزيقا، وهي تشتمل على مبادئ المعرفة التي منها تفسير أهم صفات الله وروحانية نفوسنا وجميع المعاني الواضحة المتميزة الموجودة فينا. والقسم الثاني العلم الطبيعي، وفيه -بعد أن نكون وجدنا المبادئ الحقة للماديات- نفحص عن تركيب العالم على العموم، ثم على الخصوص عن طبيعة هذه الأرض وجميع الأجسام, وبالأخص عن طبيعة الإنسان، حتى يتسنى لنا استكشاف سائر العلوم النافعة له. وعلى ذلك فالفلسفة كلها بمثابة شجرة, جذورها الميتافيزيقا، وجذعها العلم الطبيعي، وأغصانها باقي العلوم، وهذه ترجع إلى ثلاثة كبرى، أعني: الطب والميكانيكا والأخلاق، أي: أعلى وأكمل الأخلاق التي تفترض معرفة تامة بالعلوم الأخرى، والتي هي آخر درجات الحكمة. كما أنه لا يجنى الثمر من جذور الأشجار ولا من الجذع بل من أطراف الأغصان، فكذلك تتعلق المنفعة الرئيسية للفلسفة