التاريخية، بل أيضًا كل معنى يستلزمه تفسير الظواهر الطبيعية ولا نتمثله أو نتخيله، كمعنى القوة التي ندرك ضرورتها لتفسير التغير والحركة. وقد استبعد ديكارت بالفعل معنى القوة، فنتجت له نتائج سنذكرها فيما بعد. وقد تذرع الكثيرون بهذه القاعدة لنبذ الدين لما يعول عليه من أحداث تاريخية تتعلق بنزول الوحي، وما يتضمن من عقائد تفوق إدراك العقل، وقالوا: إن هذه القاعدة عبارة عن إعلان حرية الفكر وإسقاط كل سلطة.
د- القاعدة الثانية "أن أقسم كل مشكلة تصادفني ما وسعني التقسيم, وما لزم لحلها على خير وجه". ذلك بأننا لما كنا نطلب الوضوح فيجب علينا أن نذهب من المركب إلى بسائطه، ومن الكل إلى أجزائه، أي: مما هو تابع لغيره ومعقول بهذا الغير إلى ما هو مستقل بنفسه ومعقول بذاته. وهذا هو التحليل؛ والغرض منه الحدس الذي هو المعرفة الحقة.
هـ- القاعدة الثالثة "أن أسير بأفكاري بنظام، فأبدأ بأبسط الموضوعات وأسهلها معرفة، وأرتقي بالتدريج إلى معرفة أكثر الموضوعات تركيبًا، فارضًا النظام حتى بين الموضوعات التي لا تتتالى بالطبع". وهذه قاعدة التركيب بعد قاعدة التحليل، ولها فرعان: الأول التدرج من المبادئ إلى النتائج، وذلك بأن ننظر أولًا في حد من حدود المسألة، ثم في حد آخر، ثم في النسبة بينهما، ثم في حد ثالث، وهكذا حتى نأتي على جميع الحدود ونسبها؛ والفرع الثاني هو افتراض النظام حين لا يتبين نظام الحدود، ثم استخراج النتائج بالطريقة التركيبية المذكورة، والمقصود بالنظام "نظام الأسباب" الذي بموجبه تلزم معرفة حد من معرفة حد سابق لزومًا ضروريًّا؛ وإذا لم ينتج النظام المفروض افترضنا نظامًا آخر، إلى أن نصل إلى النظام الملائم, فهنا يتدخل العقل إذ لا يقوم العلم إلا بالنظام.
والقاعدة الرابعة "أن أقوم في كل مسألة بإحصاءات شاملة، سواء في الفحص على الحدود الوسطى أو في استعراض عناصر المسألة، بحيث أتحقق أني لم أغفل شيئًا". هذه القاعدة تمكن من تحقيق القاعدة السابقة؛ فإنها ترمي إلى استيعاب كل ما يتصل بمسألة معينة، وترتيب العناصر التي يتوصل إليها. وهي تفيد في التحقق من صدق النتائج التي لا تستنبط رأسًا من المبادئ البينية بذاتها،