للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ حَلَالًا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ طَوَافُهُ بَطَلَ سَعْيُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا طَافَ لِلْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وُجُوبًا حِلًّا حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إلَّا مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّيْدِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَلِّلُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ، وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ، وَأَمَّا مَسُّ الطِّيبِ فَيُكْرَهُ، وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِي مَسِّهِ، فَقَوْلُهُ: حِلًّا حَالٌ مِنْ فَاعِلِ رَجَعَ أَيْ: رَجَعَ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ الْكَافِ.

(ص) وَاعْتَمَرَ وَالْأَكْثَرُ إنْ وَطِئَ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ، أَوْ إفَاضَتِهِ وَرَجَعَ حَلَالًا وَأَكْمَلَ كُلَّ إحْرَامِهِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ وَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ، سَوَاءٌ حَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ زَادَ وَيُهْدِي وَقِيلَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ وَطِئَ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لِأَجْلِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي الطَّوَافِ بِتَقْدِيمِ الْوَطْءِ فَأَمَرَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَوَافٍ صَحِيحٍ لَا وَطْءَ قَبْلَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْعُمْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَطَأْ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شَيْءٌ اُنْظُرْ وَجْهُهُ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَرْكَانِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ الْمُخْتَصِّ بِالْحَجِّ فَقَالَ (ص) وَلِلْحَجِّ حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ (ش) أَيْ: وَالرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُخْتَصُّ بِالْحَجِّ خَاصَّةً دُونَ الْعُمْرَةِ وُقُوفٌ بِعَرَفَةَ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ مِنْ الْوُقُوفِ مَعْنَاهُ لُغَةً، بَلْ مُطْلَقُ الطُّمَأْنِينَةِ وَالْكَوْنُ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَ وَاقِفًا أَوْ جَالِسًا، أَوْ مُضْطَجِعًا وَكَيْفَمَا تَصَوَّرَ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " حُضُورُ "، وَإِنَّمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ الْوُقُوفَ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لِمَوْضِعٍ مِنْهَا فَضْلٌ عَلَى غَيْرِهِ إذَا وَقَفَ مَعَ النَّاسِ عَبَّرَ بِمَا يَشْمَلُ جَمِيعَهَا فَقَالَ: " جُزْءِ " عَرَفَةَ الدَّالِّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْحُضُورِ فِي أَيٍّ كَانَ مِنْهَا، وَإِضَافَةُ " حُضُورُ " إلَى " جُزْءِ " عَلَى مَعْنَى فِي، وَإِضَافَةُ " جُزْءِ إلَى عَرَفَةَ عَلَى مَعْنَى مِنْ أَيْ: الْكَوْنُ فِي جُزْءٍ مِنْ عَرَفَةَ أَيِّ جُزْءٍ مِنْ عَرَفَةَ أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا، لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ وَيُكْرَهُ الْبُعْدُ عَنْهُمْ وَأَنْ يَقِفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ؛ وَالْقُرْبُ مِنْ الْهِضَابِ حَيْثُ يَقِفُ الْإِمَامُ أَفْضَلُ، وَالْهِضَابُ جَمْعُ هَضْبَةٍ بِوَزْنِ تَمْرَةٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ الْجَبَلُ الْمُنْبَسِطُ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ جَبَلٌ خُلِقَ مِنْ صَخْرَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ الْجَبَلُ الطَّوِيلُ الْمُتَمَنِّعُ الْمُنْفَرِدُ قَالَ ابْنُ مُعَلَّى: وَاسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ الْوُقُوفَ حَيْثُ وَقَفَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ الْمَفْرُوشَةِ فِي أَسْفَلِ جَبَلِ الرَّحْمَةِ، وَهُوَ الْجَبَلُ الَّذِي بِوَسَطِ أَرْضِ عَرَفَةَ، ثُمَّ إنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ: " وَلِلْحَجِّ " لِلِاسْتِئْنَافِ، وَلِلْحَجِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَيْ: رَجَعَ الْمُقَدَّرُ بَعْدَ الْكَافِ) أَيْ: رَجَعَ مَنْ فَسَدَ طَوَافُ قُدُومِهِ، وَقَدْ سَعَى بَعْدَهُ، أَوْ فَسَدَ طَوَافُ إفَاضَتِهِ وُجُوبًا أَيْ: وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ رَجَعَ الْمُصَرِّحُ بِهِ لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ حَرَمًا.

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَرَجَعَ إلَى هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بَيْنَ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ لِنُسُكِهِ فِي الْعَمْدِ

(قَوْلُهُ زَادَ وَيُهْدِي إلَخْ) ، أَمَّا إذَا أَصَابَ النِّسَاءَ كَمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْهَدْيُ ظَاهِرٌ وَلِذَا نَصَّتْ عَلَى الْهَدْيِ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ النِّسَاءَ فَظَاهِرُ عَدَمِ الدَّمِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ الْهَدْيُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ سَعْيِهِ قَبْلَ دُخُولِ الْحَرَمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْإِفَاضَةِ لِلْمُحْرِمِ مُوجِبٌ لِلْهَدْيِ وَهَذَا مُرْتَضَى الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لِأَجْلِ الْخَلَلِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعُمْرَةَ تُوجِبُ لِنَفْسِهَا طَوَافًا أَيْضًا فَلَا يَقَعُ الْجَبْرُ لَهَا، وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَ الْإِتْيَانُ بِهَا لِأَجْلِ الْخَلَلِ الْوَاقِعِ فِي طَوَافِ الْحَجِّ فَكَأَنَّهَا لَمْ تُوجِبْ طَوَافًا لِنَفْسِهَا، وَفِي مُرَاعَاةِ مَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَذْهَبِ نَظَرٌ لِأَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَى مَنْ هُوَ خَارِجُهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ شَيْءٌ) وَجْهُ الشَّيْءِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ إذَا وَطِئَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطَأْ فَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَاعْتَمَرَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِعُمْرَةٍ، سَوَاءٌ وَطِئَ أَمْ لَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ أَنَّ وَطِئَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ قَالَ بِعَدَمِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ: وَاعْتَمَرَ إنْ وَطِئَ وَالْأَكْثَرُ عَدَمُهَا لَوَافَقَ الْمَذْهَبَ قَالَ الْحَطَّابُ: وَجُلُّ النَّاسِ هُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٌ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَالْمُرَادُ بِالْجُلِّ خَارِجُ الْمَذْهَبِ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ مُحَشِّي تت: إنَّ الْخِلَافَ فِي الْعُمْرَةِ مَعَ الْوَطْءِ، مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إثْبَاتُهَا وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَنْ مَعَهُ نَفْيُهَا، أَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ فَلَا مُوجِبَ لِلْعُمْرَةِ وَلَا قَائِلَ بِهِ فِيمَا نَعْلَمُ

. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَالرُّكْنُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ، وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَهِيَ وَرُكْنُهُمَا الْإِحْرَامُ، أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ الْوُقُوفَ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مُطْلَقُ الْكَوْنِيَّةِ (قَوْلُهُ: فُضِّلَ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ: مُقْتَضٍ لِوُجُوبِ الْمُكْثِ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَيٍّ) أَيْ: أَيُّ جُزْءٌ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَإِضَافَةُ حُضُورِ إلَى جُزْءٍ إلَخْ) وَلَوْلَا جَعْلُهَا بِمَعْنَى " فِي " لَوَرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاقِفَ فِي الْهَوَاءِ فِي عَرَفَةَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْأَرْضِ، أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا، أَوْ شَاهَدَ عَرَفَةَ وَهُوَ فِي الْحَرَمِ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْحُضُورَ ضِدُّ الْغَيْبَةِ فَمَعْنَاهُ الْمُشَاهَدَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَعْنَى مَنْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهَا بِمَعْنَى اللَّامِ لَا بِمَعْنَى مَنْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْمُضَافِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ كَيَدِ زَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ الْبُعْدُ عَنْهُمْ) ؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْمُنْفَرِدَةَ أَكِيلَةُ السَّبْعِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقِفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَقِفَ مَعَ النَّاسِ أَيْ: يَقِفَ عَلَى جِبَالِ عَرَفَةَ لَا فِي أَرْضِهَا (قَوْلُهُ وَالْقُرْبُ إلَخْ) هَذَا يَكُونُ مُسْتَحَبًّا ثَالِثًا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْقَامُوسِ هُوَ) أَيْ: الْهَضْبَةُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَعْنًى لُغَوِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ، أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَانْظُرْ مَا الْوَاقِعُ هُنَا وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهَا كُلُّهَا فِي مَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ غَيْرُ الْهَضَبَاتِ فَيَتَعَارَضُ الْحَالُ حَيْثُ إنَّهُ أَوَّلًا جَعَلَ الْقُرْبَ مِنْ الْهَضَبَاتِ أَفْضَلَ، وَهُنَا جَعَلَ الْمُسْتَحَبَّ الْقُرْبَ مِنْ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ؛ لِأَنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ الرَّسُولُ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي وَقَفَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>