للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يُمَتِّعَهَا أَوْ رَدَّهَا إلَى عِصْمَتِهِ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا سَقَطَتْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً (ص) كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَهُوَ أَنَّ الْمُتْعَةَ تُدْفَعُ لَهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ لِوَرَثَتِهَا إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً وَاحْتَرَزَ بِالْمُطَلَّقَةِ مِمَّنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا فَإِنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا فِي فَسْخٍ كَلِعَانٍ) لِأَنَّ الْمُلَاعَنَةَ قَدْ حَصَلَ لَهَا غَايَةُ الضَّرَرِ مِمَّا لَا تَجْبُرُهُ الْمُتْعَةُ وَقَوْلُهُ " فِي نِكَاحٍ " لَاغٍ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي نِكَاحٍ لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ لَازِمٍ وَاللُّزُومُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِ فَمَا يَفُوتُ بِالدُّخُولِ أَوْ الطُّولِ أَوْ وِلَادَةِ الْأَوْلَادِ لَازِمٌ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ غَيْرِ اللَّازِمِ كَنِكَاحِ ذَاتِ الْعَيْبِ فَإِنَّهَا إذَا رُدَّتْ بِهِ لَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا غَارَّةٌ بِعَيْبِهَا أَوْ مُخْتَارَةٌ لِفِرَاقِهِ لِعَيْبِهِ.

(ص) وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا مَلَكَ جَمِيعَ الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ لِأَنَّ الْمَالِكَ إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجَةَ فَإِنَّ الزَّوْجَ وَمَا يَمْلِكُهُ مِلْكٌ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَنْزِعَ مَا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الزَّوْجَ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ لَمْ يَحْصُلْ عِنْدَهَا وَحْشَةٌ لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَمَّا لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْضَ الْآخَرِ فَالْمُتْعَةُ لِحُصُولِ الْأَلَمِ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَعْضِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ (ص) إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ أَوْ فُرِضَ لَهَا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمُخْتَارَةً لِعِتْقِهَا أَوْ لِعَيْبِهِ وَمُخَيَّرَةً وَمُمَلَّكَةً (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ لِأَنَّ الْمُخْتَارَةَ لِعِتْقِهَا إلَخْ يَصْدُقُ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ " مُطَلَّقَةٍ " يَشْمَلُ مَا ذُكِرَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ سَبَبِهِ أَوْ مِنْ سَبَبِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِعِوَضٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا بِرِضَاهَا فَإِنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا إذْ لَا وَحْشَةَ لَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ اخْتَلَعَتْ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهَا هِيَ الْمُخْتَلِعَةُ وَأَنَّهَا مُخْتَارَةٌ وَلَمْ يَقُلْ خَلَعَتْ وَكَذَلِكَ لَا مُتْعَةَ لِمَنْ زُوِّجَتْ تَفْوِيضًا وَقَدْ فَرَضَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقًا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِبَقَاءِ سِلْعَتِهَا وَأَخْذِهَا نِصْفَهُ أَمَّا لَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبْلَ الْفَرْضِ فَإِنَّهَا تُمَتَّعُ، وَمَفْهُومُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَعْدَهُ لَهَا الْمُتْعَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَنْ نُكِحَتْ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى ابْتِدَاءً وَكَذَلِكَ لَا مُتْعَةَ لِمَنْ عَتَقَتْ وَاخْتَارَتْ فِرَاقَ زَوْجِهَا الْعَبْدِ أَوْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ " لَازِمٍ " وَأَحْرَى لَوْ فَارَقَهَا لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهَا لِأَنَّهَا غَارَّةٌ وَأَمَّا الْمُخْتَارَةُ لِتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا أَوْ ثَانِيَةٍ أَوْ عِلْمِهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلِفَتْ أَكْثَرَ فَإِنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ سَبَبُهُ الزَّوْجُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَتْ كَالْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ تَخْتَارُ نَفْسَهَا لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا دَخْلَ لِلزَّوْجِ فِيهِ وَكَذَلِكَ لَا مُتْعَةَ لِمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ لِأَنَّ تَمَامَ الطَّلَاقِ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مَبْدَؤُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَقِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْمُتْعَةُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الرَّجْعَةِ أَعْقَبَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْإِيلَاءِ لِتَسَبُّبِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ عَنْهُ فَقَالَ:

(بَابُ الْإِيلَاءِ)

كَذَا قِيلَ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ تَسَبُّبُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ عَنْهُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَهُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِي تَوْجِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ: إنَّ كُلًّا مِنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ كَذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلِذَا جَمَعَهُمَا مَعًا وَأَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّلَاقِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّجْعَةَ مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءُ لُغَةً الِامْتِنَاعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: ٢٢] ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِيَمِينٍ وَشَرْعًا عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: حَلِفُ زَوْجٍ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ) أَيْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ طَلَّقَهَا عَنْ مُشَاوَرَةٍ أَمْ لَا أَيْ بَائِنٍ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مَفْرُوضٌ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَيْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا خَرَجَتْ مَنْ ارْتَدَّتْ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَانْظُرْ لَوْ ارْتَدَّ هُوَ وَلَوْ أُرِيدَ مَنْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِطَلَاقِهَا فَيُسْتَثْنَى الْمُرْتَدَّةُ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا) أَيْ إلَّا لِرَضَاعٍ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ كَانَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ كَمَا إذَا ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: فَلَهَا أَنْ تَنْزِعَ مَا فِي يَدِهِ) وَأَيْضًا حَصَلَ لَهَا الْجَبْرُ بِمِلْكِهِ عَلَى أَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى عِتْقِهِ فَيَتَزَوَّجُهَا (قَوْلُهُ: اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ) أَيْ فِي الْغَالِبِ لِأَنَّ الْمُخْتَارَةَ لِلْعَيْبِ لَا طَلَاقَ مَعَهَا (قَوْلُهُ: كَانَ الطَّلَاقُ مِنْهُ) أَيْ فِي الْمُخْتَلِعَةِ وَاَلَّتِي فُرِضَ لَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْهَا أَيْ كَالْمُفَوَّضَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ سَبَبِهِ كَالْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ سَبَبِهَا كَذَاتِ الْعَيْبِ وَالْمُخْتَلِعَةِ (قَوْلُهُ: بِرِضَاهَا) تَقْيِيدٌ فِي الْغَيْرِ وَأَمَّا مِنْ غَيْرِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَتُمْنَعُ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ اخْتَلَعَتْ دُونَ خُولِعَتْ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: لِمَنْ زُوِّجَتْ تَفْوِيضًا) قَاصِرٌ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَنْ فُرِضَ لَهَا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: كَمَنْ نُكِحَتْ إلَخْ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ لَا مُتْعَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهِ) وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِهِمَا فَكَذَلِكَ إذَا اخْتَارَتْ هِيَ الْفِرَاقَ وَأَمَّا لَوْ اخْتَارَ هُوَ الْفِرَاقَ فَيُمَتِّعُهَا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ التَّمَتُّعِ لَوْ فَارَقَهَا لِأَجْلِ عَيْبٍ بِهَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ: اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ) وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَمِدْهُ فَلَا يُعَوَّلُ إلَّا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

[بَابُ الْإِيلَاءِ]

(بَابُ الْإِيلَاءِ) (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) الظَّاهِرُ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا أَصْلًا لَا بَائِنًا وَلَا رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ: فَلِهَذَا جَمَعَهُمَا) الْمُؤَلِّفُ أَيْ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِمَا طَلَاقًا جَمَعَهُمَا الْمُؤَلِّفُ أَيْ أَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّلَاقِ الشَّامِلِ الْبَائِنِ وَغَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يُفِيدُ التَّوْجِيهَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَعْلِ الْإِيلَاءِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا غَايَتُهُ إفَادَةُ جَمْعِ الْأَمْرَيْنِ وَالْإِتْيَانُ بِهِمَا عَقِبَ الطَّلَاقِ وَقَدْ يُقَالُ مَحَطُّ الْفَائِدَةِ عَلَى قَوْلِهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّجْعَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّجْعَةَ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: وَلِأَيِّ شَيْءٍ قَدَّمَ الرَّجْعَةَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تُؤَخَّرَ عَنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ الْمُتَّفَقِ عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَعِبَارَةُ الْحَطَّابِ وَاخْتُلِفَ فِي مَدْلُولِ الْإِيلَاءِ لُغَةً فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>