للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى ذَلِكَ فَتُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَهَذَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُشْكِلٌ إذْ لَيْسَ ثَمَّ قَوْلٌ بِعَدَمٍ الْإِجْزَاءِ سَوَاءٌ أَجْمَعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَحَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: وَهَلْ تُجْزِئُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ قَوْلَانِ لَطَابَقَ الْمَنْقُولَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى نَفْي الْمُوجِبِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى نَفْيِهِ عَنْ إمَامِهِمْ وَهَذَا عَلَى مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَاعِدَةِ كُلِّ سَهْوٍ لَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَمَّنْ خَلْفَهُ لَا يَكُونُ سَهْوُهُ عَنْهُ سَهْوًا لَهُمْ إذَا هُمْ فَعَلُوهُ، وَأَمَّا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُؤَلِّفِ فِي مَسْأَلَةِ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً الْمُخَالِفُ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِجَمْعِهِمْ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَعَنْ إمَامِهِمْ.

(ص) وَتَارِكُ سَجْدَةٍ مِنْ كَأُولَاهُ لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا (ش) يُرِيدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا سَهْوًا نَحْوَ سَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مَثَلًا وَفَاتَ التَّدَارُكُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاعْتَقَدَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ يَظُنُّهَا زَائِدَةً فَإِذَا عَلَيْهِ مِثْلُهَا لَا تُجْزِئُهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ الْخَامِسَةُ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ الرَّابِعَةُ فِي ثُلَاثِيَّةٍ إنْ تَعَمَّدَهَا عِنْدَ سَحْنُونَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ غَلَّابٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَاعِبٌ، أَمَّا لَوْ صَلَّى خَامِسَةً أَوْ رَابِعَةً سَاهِيًا وَذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ اهـ.

وَعُلِمَ مِنْ تَقْرِيرِنَا لِلْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَذَكَّرَ السَّجْدَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ كَأُولَاهُ بَعْدَ مَا عَقَدَ الرَّكْعَةَ الزَّائِدَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَأَمَّا إنْ تَذَكَّرَ مَا ذُكِرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي بِهِ زَائِدًا؛ لِأَنَّهَا عِوَضٌ عَمَّا حَصَلَ فِيهِ الْخَلَلُ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَإِلَّا فَهُوَ الْفَرْعُ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِخَامِسَةٍ.

وَلَمَّا كَانَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ لَهُ شَبَهٌ بِسُجُودِ السَّهْوِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْمَحْدُودَةِ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ أَتْبَعَهُ بِهِ مُعَبِّرًا بِجُمْلَةٍ لَفْظُهَا الْخَبَرُ وَمَعْنَاهَا الطَّلَبُ فَقَالَ (ص) {فَصْلٌ سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ} (ش) فَاعِلُ سَجَدَ فِي كَلَامِهِ هُوَ قَارِئٌ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطٍ وَبِلَا إحْرَامٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِسَجَدَ وَالْأُولَى مِنْهُمَا تُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْدِيَةِ وَالْمَعْنَى سَجَدَ الْقَارِئُ مَعَ حُصُولِ شَرْطِ الصَّلَاةِ لَهَا أَوْ بِسَبَبِ حُصُولِ شَرْطِهَا مِنْ طَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَنَحْوِهَا وَبِهَذَا شَابَهَتْ الصَّلَاةَ وَلَمَّا كَانَتْ مِنْ تَوَابِعِ الْقِرَاءَةِ كَانَ لَهَا بِهَا أَيْضًا شَبَهٌ وَهُوَ عَدَمُ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَلِذَا قَالَ (بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ قَارِئٌ) أَيْ: وَبِلَا رَفْعِ يَدَيْنِ أَيْ: بِلَا إحْرَامٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ الَّذِي هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ هَذَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْتُ لِمُوجِبٍ) أَيْ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالِاتِّفَاقِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ قَالَ قُمْتُ لِمُوجِبٍ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ الرَّكْعَةُ - اتِّفَاقًا فِي الصُّورَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ يَظُنُّهَا زَائِدَةً) أَيْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَائِدَةً عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٦] إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ غَلَّابِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ: مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ الْبُطْلَانُ إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ وَبِتَعَمُّدِ كَسَجْدَةٍ أَيْ: مِنْ الْبُطْلَانِ فِيهَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَا هُنَا عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمْ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ يُرَاعُونَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَفِي الْحَطَّابِ عَنْ الْهَوَّارِيِّ الْمَشْهُورُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَمَا لِابْنِ غَلَّابٍ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّ لَهُ عُذْرًا فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُجْزِئُهُ) وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُجْزِئُ السَّاهِي وَلَعَلَّهُ لِفَقْدِ قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ تَعَمَّدَهَا (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ مَا يَأْتِي زَائِدًا) فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ الْخَلَلَ قَبْلَ عَقْدِهَا لَا تَكُونُ خَامِسَةً، وَإِنَّمَا تَكُونُ رَابِعَةً إذْ قَدْ يَفْعَلُهَا بِنِيَّةِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَفْعَلَهَا بِنِيَّةِ أَنَّهَا خَامِسَةٌ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَلَلِ قَبْلَ عَقْدِهَا وَإِنْ سُلِّمَ ذَلِكَ فَلَا تَضُرُّ هَذِهِ النِّيَّةُ كَنِيَّةِ الْإِمَامِ أَنْ لَا يَحْمِلَ عَنْ الْمَأْمُومِ مَا يَحْمِلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي غَيْرِ الْمَسْبُوقِ) أَقُولُ بَلْ يُتَصَوَّرُ فِي الْمَسْبُوقِ أَيْضًا وَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ.

[فَصْلٌ سُجُودَ التِّلَاوَةِ]

{فَصْلٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ} (قَوْلُهُ وَإِنْ تَفَارَقَا فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ) وَذَلِكَ أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَبَعْضُ أَفْرَادِ سُجُودِ السَّهْوِ تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ) أَيْ: الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ إذْ يَجُوزُ أَنْ تُفْعَلَ عَلَى الدَّابَّةِ أَيْ: لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ وَفِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الدَّوَرَانُ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ) الْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ لِلْمَعِيَّةِ وَلَا تَظْهَرُ السَّبَبِيَّةُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الشَّرْطِ لَيْسَ سَبَبًا لِلسُّجُودِ وَإِنَّمَا سَبَبُ السُّجُودِ الْقِرَاءَةُ أَوْ السَّمَاعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ جَعْلَهَا لِلسَّبَبِيَّةِ يُنَافِي أَنَّ مَدْخُولَهَا شُرُوط (قَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْدِيَةِ) لَا يَظْهَرُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُلَابَسَةِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ سَجَدَ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ) أَيْ: فَيَحْتَاجُ إلَى إحْرَامٍ وَسَلَامٍ وَرَفْعِ يَدَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلِّمٍ فِي الْكُلِّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ لَا يَرْفَعُهُمَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَكَمَا لَا يَحْتَاجُ هُنَا لِتَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ لَا يَحْتَاجُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إلَى تَكْبِيرٍ زَائِدٍ عَلَى تَكْبِيرِ الْهَوِيِّ. نَعَمْ سُجُودُ السَّهْوِ يَحْتَاجُ لِسَلَامٍ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ، فَإِنْ قُلْت: يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِالْإِحْرَامِ النِّيَّةَ أَيْ: فَيَحْتَاجُ لَهَا فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَيْ: الْبَعْدِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ عج قَدْ قَالَ لَا تُطْلَبُ مِنْهُ النِّيَّةُ فِي سُجُودِهِ لَا نِيَّةُ الْفِعْلِ وَلَا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً لِمَا لَا نِيَّةَ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>