للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ مَظِنَّةُ اللَّدَدِ، وَالضَّمِيرُ فِي بِطَلَبِهِ يَرْجِعُ لِلتَّفْلِيسِ، أَيْ: بِسَبَبِ طَلَبِ الْغَرِيمِ التَّفْلِيسَ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَحُذِفَ فَاعِلُهُ وَهُوَ الْغَرِيمُ، وَقَوْلُهُ: دَيْنًا مَفْعُولٌ لِأَجَلِهِ لَا مَفْعُولٌ بِهِ، أَيْ: يُفَلَّسُ الشَّخْصُ بِسَبَبِ طَلَبِ الْغَرِيمِ التَّفْلِيسَ لِأَجْلِ دَيْنٍ صِفَتُهُ كَذَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي طَلَبِهِ رَاجِعًا لِلْغَرِيمِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ وَدَيْنًا مَفْعُولُهُ كَمَا فَعَلَ بَعْضٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الْغَرِيمِ دَيْنَهُ طَلَبُهُ لِلتَّفْلِيسِ وَهُمْ قَدْ جَعَلُوهُ احْتِرَازًا عَنْ طَلَبِ الْمَدِينِ تَفْلِيسَ نَفْسِهِ، أَوْ الْحَاكِمِ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ.

، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الْأَرْبَعَةِ بِسَبَبِ التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ وَهُوَ بَيْعُ مَالِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُ مَالِهِ بِحَضْرَتِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَحَبْسُهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَرُجُوعُ الْإِنْسَانِ فِي عَيْنِ مَالِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَمَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَأَوْلَى غَيْرُهُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هُنَا

(ص) فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ لَا فِي ذِمَّتِهِ (ش) الْفَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَيْ: فَبِسَبَبِ حَجْرِهِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ وَلَوْ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَمَا فِي الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْبَيْعِ حَيْثُ كَانَ بِمُحَابَاةٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مِنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ يُمْنَعُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ وَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ التَّصَرُّفُ أُوقِفَ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ رَدًّا وَإِمْضَاءً، وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ اشْتَرَى أَوْ اكْتَرَى بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَا يُمْنَعُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ مَالٍ يَطْرَأُ لَهُ غَيْرُ مَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ

(ص) كَخُلْعِهِ وَطَلَاقِهِ وَقِصَاصِهِ وَعَفْوِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ وَتَبِعَهَا مَالُهَا إنْ قَلَّ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُفَلَّسَ لَا يُمْنَعُ مِنْ خُلْعِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَالًا مِنْهَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَعَلَ مُخَالَعَتَهُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مِنْ الْبُيُوعِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ مَا بَاعَهُ غَيْرَ مُتَمَوَّلٍ كَانَ كَالْعَدَمِ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ الْمُفَلَّسُ مِنْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ عَنْهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ نَفَقَتَهَا إنْ قِيلَ كَيْفَ جُعِلَ لَهُ الطَّلَاقُ مَعَ أَنَّ الصَّدَاقَ يَدْفَعُهُ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ هِيَ تُحَاصِصُ بِهِ طَلَّقَ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ الْمُفَلَّسُ أَنْ يَقْتَصَّ مِمَّنْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الدِّيَةِ، وَالْقَوَدِ، وَالْأَظْهَرُ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِمْ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ جَبْرُهُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعَفْوِ عَمَّنْ وَجَبَ لَهُ عَلَيْهِ جِرَاحُ عَمْدٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، وَإِلَّا فَلَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعِتْقِ لِأُمِّ وَلَدِهِ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ الدَّيْنِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهَا مَالُهَا إلَّا إنْ قَلَّ، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَتَبِعَهَا مَالُهَا إنْ قَلَّ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ اُنْظُرْ ح

(ص) وَحَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ (ش) الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ يَرْجِعُ لِلتَّفْلِيسِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ عَلَى الشَّخْصِ يَحِلُّ بِفَلَسِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ فِي الْحَالَتَيْنِ قَدْ خَرَجَتْ، وَالشَّرْعُ قَدْ حَكَمَ بِحُلُولِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحِلَّ لَلَزِمَ إمَّا تَمْكِينُ الْوَارِثِ مِنْ الْقَسْمِ، أَوْ عَدَمِهِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] وَلِلضَّرُورَةِ الْحَاصِلَةِ لِلْكُلِّ بِوَقْفِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بَقَاءَهُ مُؤَجَّلًا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ) فَإِنْ قُلْت: شَرْطُهُ الِاتِّحَادُ فِي الْفَاعِلِ قُلْت فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ دَيْنِ إلَخْ.

[أَحْكَامِ الْحَجْرِ]

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ الْتَزَمَ شَيْئًا) ، أَيْ: كَانَ يَلْتَزِمُ لِزَيْدٍ دِينَارًا مَعْرُوفًا (قَوْلُهُ: فَلَا يُمْنَعُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ إلَخْ) فَإِذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ وَمَالُ الْغُرَمَاءِ بَاقٍ فَلَهُمْ مَنْعُهُ حَتَّى يُوَفِّيَ دَيْنَهُمْ وَقَوْلُهُ لَا فِي ذِمَّتِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفِ مَالٍ فِيمَا فِي يَدِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ وَلِذَا يُمْنَعُ الْمُفَلَّسُ مِنْ تَزَوُّجٍ بِزَوْجَةٍ وَتَسَرٍّ بِسِرِّيَّةٍ بِخِلَافِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعِ.

(قَوْلُهُ: الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ) ، أَيْ: فَوَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَعْفُوَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْجَانِيَ بِالدِّيَةِ قَهْرًا عَنْهُ وَأَشْهَبُ يَقُولُ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَقْتَصَّ، أَوْ يَعْفُوَ وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ:، وَالْأَظْهَرُ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ) ، أَيْ: وَلَوْ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ، أَيْ: فَلَا نَظَرَ حَتَّى عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِمْ إلَخْ) أَيْ بِجَامِعِ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِاسْتِحْدَاثِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْعَفْوِ) أَيْ فَلَهُ الْعَفْوُ عَمَّا لَا مَالَ فِيهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ، وَسَوَاءٌ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالِ يَدْفَعُهُ لِلْغُرَمَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ الدَّيْنِ) الْمُنَاسِبُ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ التَّفْلِيسِ، وَأَمَّا مَنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عِتْقَهَا؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ دُونَ وَلَدِهَا وَعِبَارَةُ عب الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلً التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ وَلَوْ بَعْدَ الْأَعَمِّ (فَائِدَةٌ) لَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ أَحْبَلَ أَمَتَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ إلَّا أَنْ يَفْشُوَ ذَلِكَ قَبْلُ بَيْنَ الْجِيرَانِ، أَوْ شَهِدَ بِهِ النِّسَاءُ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِهِ) ، أَيْ: بِالْفَلَسِ الْأَخَصِّ لَا قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ مَعَ تَمْكِينِهِ إيَّاهُ مِنْ الْبَيْعِ، وَالْقَسْمِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَا بِالْمَوْتِ، وَلَا بِالْفَلَسِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الذِّمَّةَ فِي الْحَالَتَيْنِ قَدْ خَرِبَتْ) أَمَّا فِي الْمَوْتِ فَظَاهِرُهُ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَبِاعْتِبَارِ مَا بِيَدِهِ، أَيْ: فَالْخَرَابُ مِنْ حَيْثُ مَا بِيَدِهِ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ عَدَمُ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيَدِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَالشَّرْعُ حَكَمَ بِحُلُولِهِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ مُخْبِرٌ بِالشَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ) أَمَّا كَوْنُ تَمْكِينِ الْوَارِثِ مِنْ الْقَسْمِ بَاطِلًا فَلِأَنَّ الْإِرْثَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدُّيُونِ، وَأَمَّا عَدَمُ الْقَسْمِ فَلَا يَظْهَرُ بُطْلَانُهُ مِنْ الْآيَةِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا فَالْآيَةُ نَاظِرَةٌ لِبُطْلَانِ تَمْكِينِ الْوَارِثِ فِي الْقَسْمِ وَلِلضَّرُورَةِ إلَخْ نَاظِرٌ لِعَدَمِ تَمْكِينٍ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ) ، وَأَمَّا لَوْ طَلَبَ الْكُلُّ لَكَانَ لَهُمْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>