نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَاقْتِصَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْمَنْعِ عَلَى الْآدَمِيِّ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ مَنَافِعُ الْخَشَبِ الَّذِي ابْتَدَأَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي التَّمْثِيلِ بِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنَافِعُ فَقَالَ (ص) وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ جِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ مِنْ الْخَشَبِ فِي جِذْعٍ لَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ جُذُوعٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي اكْتِفَائِهِ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ فَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ أَيْ فِي جُذُوعٍ غَيْرِهِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ يُصْنَعُ مِنْهُ صِغَارٌ فَيُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يُخْرَجُ مِنْهُ، وَهُوَ مُزَابَنَةٌ لِأَنَّ الْجُذُوعَ إذَا غُيِّرَتْ عَنْ خِلْقَتِهَا بِنَشْرِهَا وَنَجْرِهَا لَمْ تَكُنْ جُذُوعًا، وَإِنَّمَا تُسَمَّى جَوَائِزَ إلَّا عَلَى تَجَوُّزٍ، وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ أَيْ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ طُولٌ، وَلَا غِلَظٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ (ص) وَكَسَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ سَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْدَةِ عَلَى مَذْهَبِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، وَاخْتَلَفَتْ الْمَنْفَعَةُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهَا أَيْضًا فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ سَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفٍ دُونَهُ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ بَعْضٍ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى سَلَمِ بَعْضِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فِي بَعْضِهِ الْآخَرِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْمَنْفَعَةُ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى سَلَمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِي الْآخَرِ فَقَالَ (ص) وَكَالْجِنْسَيْنِ، وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ كَرَقِيقِ الْقُطْنِ، وَالْكَتَّانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ الْجِنْسِ فِي جِنْسٍ آخَرَ، وَلَوْ تَقَارَبَتْ مَنَافِعُهُمَا لِتَبَايُنِ الْأَغْرَاضِ كَرَقِيقِ ثِيَابِ الْقُطْنِ، وَرَقِيقِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَيَجُوزُ سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ وَيَأْتِي أَنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُ رَقِيقِ الْغَزْلِ فِي غَلِيظِهِ، وَعَكْسُهُ وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بِالْأَوْلَى ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَكَالْجِنْسَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنًى إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ لَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ، وَالْجِنْسَانِ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ، وَالْكَتَّانُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (ص) لَا جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلُهُ عِجْلُ أَحَدِهِمَا (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى كَفَارِهِ، وَيُقَدِّرُ مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَمَنْفَعَةً رِبَوِيَّةً فِي الْمَعْطُوفِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَطْفِ بِلَا أَنْ لَا يُصَدَّقَ أَحَدُ مُتَعَاطِفَيْهَا عَلَى الْآخَرِ أَيْ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ اخْتِلَافًا شَرْعِيًّا كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ لَا إنْ اخْتَلَفَتْ الْمَنْفَعَةُ اخْتِلَافًا رِبَوِيًّا كَجَمَلٍ إلَخْ أَوْ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ، وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ جَمَلًا مَثَلًا فِي جَمَلَيْنِ مِثْلُهُ أَحَدُهُمَا مُعَجَّلٌ، وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ لِأَنَّهُ رِبًا لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ، وَالْمُعَجَّلُ زِيَادَةٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَوْ أُجِّلَا مَعًا.
أَمَّا لَوْ عُجِّلَا مَعًا لَجَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مَحْضُ بَيْعٍ، وَمَفْهُومُ مِثْلِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ أَجْوَدَ مِنْ الْمُعَجَّلِ، وَمِثْلُ الْمُؤَجَّلِ أَوْ أَدْنَى لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فِي الْمُعَجَّلِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ فِي التَّمْثِيلِ بِهِ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ فِي جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ) مِثْلُهُ فِي شب (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ غَلِيظًا فَقَطْ، وَأَمَّا الطُّولُ وَحْدَهُ فَلَا يَكْفِي خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ.
وَالْفَرْقُ تَيْسِيرُ قَطْعِ الطَّوِيلِ فَالْمَنْفَعَةُ مُتَقَارِبَةٌ بِخِلَافِ الْغَلِيظِ فِي رَقِيقَيْنِ لِأَنَّ فِي نَشْرِهِ كُلْفَةً (قَوْلُهُ فِي جِذْعٍ) أَيْ أَوْ جُذُوعٍ لِأَجْلِ أَنْ يُنَاسِبَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الَّذِي بَيْنَ الطَّوِيلِ الْعَرِيضِ، وَغَيْرِهِ قَوِيٌّ جِدًّا فَكَأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَبَايِنَانِ تَبَايُنًا قَوِيًّا فَلِذَا سَاغَ جَعْلُهُ سَلَمًا فِي وَاحِدٍ، وَفِي اثْنَيْنِ إلَّا أَنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ اجْتِمَاعِ الطُّولِ وَالْغِلَظِ، وَنَصُّهَا فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْخَشَبُ لَا يُسْلَمُ مِنْهَا جِذْعٌ فِي جِذْعَيْنِ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ اخْتِلَافُهُمَا كَجِذْعِ نَخْلٍ طَوِيلٍ كَبِيرٍ غِلَظُهُ، وَطُولُهُ كَذَا فِي جُذُوعٍ صِغَارٍ لَا تُقَارِبُهُ فَيَجُوزُ لِأَنَّ هَذِهِ نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ اهـ. فَانْظُرْ مَعَ هَذَا قَوْلَ الشَّارِحِ أَوْ جُذُوعٍ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ، وَالْجَوْدَةِ) جَمَعَ بَيْنَ الْجَوْدَةِ وَالْقَطْعِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُطْلَقَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مُقْتَضِيَةً الْجَوَازَ بَلْ فِيهَا الْمَنْعُ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْدَةِ وَالْقَطْعِ، وَلِذَا قَالَ شب فَإِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ شَاسٍ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْدَةِ مَعًا، وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِمَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِلْجَوَازِ لَا أَحَدُهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ سَيْفٍ فِي سَيْفَيْنِ إلَّا إذَا اخْتَلَفَا مَعَ الْوَاحِدِ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ، وَالْقَطْعِ لَكِنْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، وَنَصُّهُ الْحَدِيدُ جَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ صِنْفٌ حَتَّى يُعْمَلَ سُيُوفًا، وَسَكَاكِينَ فَيَجُوزُ سَلَمُ الْمُرْتَفِعِ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْمُرْتَفِعِ، وَلِذَا قَالَ تت، وَسَوَاءٌ كَانَ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ أَوْ الْجَوْدَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ بَعْضٍ) وَهُوَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فَإِنَّهُ قَالَ وَأَمَّا سَلَمُ سَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفٍ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ فَالظَّاهِرُ فِيهِ الْجَوَازُ اهـ.
[سَلَمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ فِي الْآخَرِ]
(قَوْلُهُ كَرَقِيقِ ثِيَابِ الْقُطْنِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كَرَقِيقِ أَيْ ثِيَابَ الْقُطْنِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فَزَادَ لَفْظَ ثِيَابٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ) وَجْهُ الْجَوَازِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِيَّةِ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَنْفَعَةِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا فَصَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسَيْنِ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَعْنَى الْمُلَاحَظِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ (قَوْلُهُ مِثْلُهُ) صِفَةٌ لِجَمَلَيْنِ، وَمِثْلُ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ لِشِدَّةِ إبْهَامِهَا، وَكَذَا شِدَّةُ إبْهَامِهَا مَانِعَةٌ مِنْ تَثْنِيَتِهَا (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَفَارِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَلَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ نَقُولُ مُسَلَّمٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ، وَهُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ فَارِهَ الْحُمُرِ لَا يَصْدُقُ عَلَى جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute