مِنْ خَصَائِصِ الْأَبِ فَغَيْرُهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ كَالْأُمِّ اتِّفَاقًا وَلَا الْجَدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَقَارِبِ وَأَمَّا مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ إذَا أَقَرَّ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ ثَبَتَ النَّسَبُ فَهُوَ إقْرَارٌ لَا اسْتِلْحَاقٌ وَإِذَا اسْتَلْحَقَ الْأَبُ فَإِنَّمَا يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ لَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلُّحُوقِ النَّسَبِ وَلَوْلَا أَنَّ الشَّرْعَ خَصَّهُ بِالْأَبِ لَكَانَ اسْتِلْحَاقُ الْأُمِّ أَوْلَى لِأَنَّهَا اشْتَرَكَتْ مَعَ الْأَبِ فِي مَاءِ الْوَلَدِ وَزَادَتْ عَلَيْهِ الْحَمْلَ وَالرَّضَاعَ وَاحْتَرَزَ بِمَجْهُولِ النَّسَبِ عَنْ مَعْلُومِهِ أَيْ الثَّابِتِ النَّسَبِ وَيُحَدُّ مَنْ اسْتَلْحَقَهُ حَدَّ الْقَذْفِ وَمَقْطُوعُهُ كَوَلَدِ الزِّنَا أَيْ الثَّابِتُ أَنَّهُ وَلَدُ زِنًا لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ نَسَبَهُ عَنْ الزَّانِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ مَجْهُولُ النَّسَبِ اللَّقِيطُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ فَالْحَصْرُ مُنَصَّبٌ عَلَى الْأَبِ وَمَجْهُولُ النَّسَبِ وَهَذَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ بِإِنَّمَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ وَالْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٌ أَيْ لَا يُسْتَلْحَقُ إلَّا الْأَبُ وَلَا يَكُونُ اسْتِلْحَاقٌ مِنْ الْأَبِ إلَّا لِمَجْهُولِ النَّسَبِ
(ص) إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ أَوْ الْعَادَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْعَقْلُ أَوْ الْعَادَةُ فَإِنْ كَذَّبَهُ الْعَقْلُ أَوْ الْعَادَةُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَسْتَلْحِقَ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ نِكَاحٌ وَلَا تَسْرِ أَبَدًا حَيْثُ فُرِضَ الْعِلْمُ بِذَلِكَ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يُسْتَلْحَقَ مَنْ وُلِدَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ وَأَمَّا إنْ شَكَّ هَلْ دَخَلَ أَمْ لَا فَمُقْتَضَى اخْتِصَارِ الْبَرَاذِعِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ وَدُخُولُ الْمَرْأَةِ بَلَدَ الزَّوْجِ وَالشَّكُّ فِي دُخُولِهَا يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الرَّجُلِ كَذَا يَنْبَغِي وَأَمَّا تَكْذِيبُ الشَّرْعِ فَقَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَجْهُولُ النَّسَبِ (ص) وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِ الْحَاءِ رِقًّا لِمَنْ يُكَذِّبُ الْمُسْتَلْحِقَ بِكَسْرِهَا أَمَّا إنْ كَانَ رِقًّا لِمَنْ يُكَذِّبُهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إخْرَاجِ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ (ص) أَوْ مَوْلًى (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شَخْصًا وَحَازَ وَلَاءَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ شَخْصٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ هَذَا وَلَدِي وَكَذَّبَهُ الْحَائِزُ لِوَلَائِهِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي ذَلِكَ وَمَنْطُوقُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ مَا إذَا صَدَّقَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ وَلَائِهِ وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ رِقٌّ أَوْ وَلَاءٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ بَاعَهُ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بَاعَهُ (ص) لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ (ش) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ كَانَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلًى فَلَا يَلْحَقُ بِهِ لُحُوقًا تَامًّا لَكِنَّهُ يَلْحَقُ نَسَبَهُ بِهِ فَقَطْ أَيْ إذَا عُلِمَ تَقَدُّمُ مِلْكِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ عَلَى أُمِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ أَيْضًا وَأَمَّا إنْ صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ فَإِنْ عَلِمَ تَقَدَّمَ الْمِلْكَ لَهُ سَقَطَ مَا بِيَدِ الْمُصَدَّقِ وَصَارَ أَبًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ لَهُ لَحِقَ نَسَبُهُ بِهِ فَقَطْ وَيَبْقَى رِقًّا لِسَيِّدِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَيَكُونُ صَدَرَ بِالْمَشْهُورِ ثُمَّ حَكَى مُقَابِلَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ عَلَى قَوْلٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا الَّذِي كَذَّبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ لُحُوقُهُ بِهِ إذَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَكُونُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ لَا لِقَوْلِهِ أَوْ مَوْلَى وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَعِيفٍ.
(ص) وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إنْ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى كَذِبِهِ (ش)
ــ
[حاشية العدوي]
لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِلْحَاقٍ (قَوْلُهُ وَلَا الْجَدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إلْحَاقِ وَلَدٍ بِفِرَاشِهِ لَا فِي إلْحَاقٍ بِفِرَاشِ غَيْرِهِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ الْجَدِّ لَا يَسْتَلْحِقُ إذَا قَالَ هَذَا ابْنُ وَلَدِي وَأَمَّا إنْ قَالَ أَبُو هَذَا ابْنِي أَوْ وَالِدُ هَذَا ابْنِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَبُ يَسْتَلْحِقُ دُونَ الْأُمِّ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ لِأَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ (قَوْلُهُ مَجْهُولَ النَّسَبِ) وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُسْتَلْحَقُ أَوْ أُمُّهُ (قَوْلُهُ وَالْقَاعِدَةُ أَغْلَبِيَّةٌ) قَدْ يُقَالُ الْمَحْصُورُ فِيهِ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَمْرَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهُ أَنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْمَحْصُورِ وَهُوَ الِاسْتِلْحَاقُ وَكَأَنَّهُ قَالَ الِاسْتِلْحَاقُ مَحْصُورٌ فِي وُقُوعِهِ مِنْ الْأَبِ عَلَى مَجْهُولِ النَّسَبِ
[شَرْطَ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ]
(قَوْلُهُ لِصِغَرِهِ) أَيْ لِاسْتِلْحَاقِهِ أَكْبَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيَهُ (قَوْلُهُ فَمُقْتَضَى اخْتِصَارِ الْبَرَاذِعِيِّ إلَخْ) هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لَهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ إلَخْ) حَلٌّ لِلْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَاعَهُ إلَخْ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا (قَوْلُهُ يَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَخْ) وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْمَنْطُوقِ أَيْ إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحَق بِالْفَتْحِ رِقًّا أَوْ مَوْلًى لِمَنْ صَدَّقَ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ نَسَبُهُ بِهِ فَقَطْ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى رِقِّهِ وَكَوْنُهُ عَتِيقًا لِمَنْ لَهُ رِقُّهُ أَوْ وَلَاؤُهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَلْحَقُ بِهِ نَسَبُهُ وَيَسْتَمِرُّ مَوْلًى أَوْ رِقًّا لِلْمَالِكِ فِي صُورَتَيْنِ الْأُولَى إذَا صَدَقَ مَالِكَهُ أَوْ مُعْتِقُهُ الْمُسْتَلْحِقِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمُسْتَلْحَقِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّهِ رِقٌّ ثَانِيَتُهُمَا إذَا كَذَّبَهُ وَتَقَدَّمَ لَهُ مِلْكٌ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ يَلْحَقُ نَسَبُهُ وَيَبْطُلُ مَا لِلسَّيِّدِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ وَلَاءٍ إذَا صَدَقَ الْمُسْتَلْحَقُ وَتَقَدَّمَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ الرَّابِعَةُ لَا يَلْحَقُ نَسَبُهُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ السَّيِّدِ أَوْ الْمُعْتِقِ فِيمَا إذَا كَذَبَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا عَلِمَ تَقَدُّمَ مِلْكِ الْمُسْتَلْحَقِ لَهُ عَلَى أُمِّهِ) أَيْ أَوْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ) أَيْ إذَا كَانَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلًى وَهَلْ مُرَادُهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ لُحُوقًا تَامًّا عَلَى الْمَشْهُورِ لَكِنْ يَلْحَقُ بِهِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَشْهَبَ أَيْ بِشَرْطِ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ لُحُوقًا نَاقِصًا بِدُونِ ذَلِكَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَعِيفٍ) وَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحِقُهُ وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ عَتَقَ فَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الِاسْتِلْحَاقِ وَهُنَاكَ عَلَى الْعِتْقِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا هُنَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِذَلِكَ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى الْمُبَالَغَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ أَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَمْرَيْنِ الْعِتْقُ وَعَدَمُهُ مَعَ أَنَّ الَّذِي فِيهَا الْعِتْقُ فَقَطْ فَكَيْفَ نُسِبَ لَهَا ذَلِكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ عَدَمَ الْعِتْقِ لَمَّا كَانَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ نُسِبَ لَهَا اهـ. ك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute