للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا اتِّفَاقًا لِوُجُوبِ إنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَتَأْخِيرُهُ إنَّمَا هُوَ رِفْقٌ بِالْحَمِيلِ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ، أَوْ لَا يَعْلَمَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ، أَوْ يَعْلَمَ فَيُنْكِرَ. فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ الْمُوسِرَ إنْ سَكَتَ (ش) أَيْ كَذَا وَيَلْزَمُ الْحَمِيلَ تَأْخِيرُ رَبِّ الدَّيْنِ الْغَرِيمَ الْمُوسِرَ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمُوسِرَ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى الْمُعْسِرَ أَيْ أَنَّ تَأْخِيرَ الطَّالِبِ الْمَدِينَ الْمُوسِرَ يَلْزَمُ الضَّامِنَ إنْ سَكَتَ أَيْ الضَّامِنُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالتَّأْخِيرِ مِقْدَارَ مَا يَرَى أَنَّهُ رَضِيَ وَيَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الْمَعْلُومُ هَلْ السُّكُوتُ رِضًا أَوْ لَا وَإِلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (ص) أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ مُسْقِطًا (ش) عَطْفٌ عَلَى سَكَتَ أَيْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَمِيلُ بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ الثَّانِي وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلْحَمِيلِ إنْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ مُسْقِطًا لِلضَّمَانِ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَإِلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْهُ وَلَزِمَهُ (ش) أَيْ وَإِنْ أَنْكَرَ الضَّامِنُ التَّأْخِيرَ أَيْ لَمْ يَرْضَ بِهِ حِينَ عَلِمَ بِهِ وَقَالَ لِرَبِّ الْحَقِّ تَأْخِيرُك إبْرَاءٌ لِي مِنْ الضَّمَانِ حَلَفَ رَبُّ الْحَقِّ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ الضَّمَانَ حِينَ أَخَّرَ الْمَضْمُونَ وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ عَلَى بَقَاءِ الضَّمَانِ وَإِذَا حَلَفَ لَزِمَ الضَّامِنَ الضَّمَانُ وَغَرِمَ الْمَالَ حَالًّا وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ عَنْ الْغَرِيمِ وَهُوَ رَبُّ الْحَقِّ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ التَّأْخِيرُ وَسَقَطَتْ الْكَفَالَةُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ.

(ص) وَتَأَخَّرَ غَرِيمُهُ بِتَأْخِيرِهِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ (ش) الْمُرَادُ بِالْغَرِيمِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَالْهَاءُ وَاقِعَةٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إذَا أَخَّرَ الْحَمِيلَ بِالدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِهِ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِالتَّأْخِيرِ الْحَمِيلَ فَقَطْ دُونَ الْمَدِينِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَ الْغَرِيمَ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ الْحَمَالَةَ كَانَ لَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ إنْ قَالَ وَضَعْت الْحَمَالَةَ دُونَ الْحَقِّ فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ عِيَاضٌ أَخَذَ مِنْهُ عَدَمَ انْقِلَابِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ وَتَأَخَّرَ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ وَالْمَدِينُ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ أَوْ غَابَ فَقَدِمَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الضَّمَانِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الْمُبْطِلَاتِ فَقَالَ (ص) وَبَطَلَ إنْ فَسَدَ مُتَحَمَّلٌ بِهِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحَمَالَةَ تَسْقُطُ عَنْ الضَّامِنِ إذَا كَانَ الْمُتَحَمَّلُ بِهِ فَاسِدًا كَمَا إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ لِهَذَا دِينَارًا فِي دِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ أَوْ ادْفَعْ لَهُ دَرَاهِمَ فِي دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَأَنَا حَمِيلٌ لَك بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ الْحَمَالَةُ بِذَلِكَ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ فَلَا خِلَافَ فِي سُقُوطِهَا.

(ص) أَوْ فَسَدَتْ كَ بِجُعْلٍ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْحَمَالَةُ إذَا فَسَدَتْ نَفْسُهَا كَمَا إذَا أَخَذَ الضَّامِنُ جُعْلًا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ مَعَ زِيَادَةِ الْجُعَلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَأَمَّا الْجُعَلُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَدِينِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَمِيلٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَاللَّامُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لِمَدِينِهِ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ كَ بِجُعْلٍ وَصَلَ

ــ

[حاشية العدوي]

الْكَفِيلِ وَأَمَّا فِي الرِّسَالَةِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْغَرِيمِ وَهُوَ رَسُولُهُ.

(قَوْلُهُ مِقْدَارُ مَا يَرَى إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَانْظُرْ لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلِمَ وَسَكَتَ هَلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ وَادَّعَى الْجَهْلَ يُعْذَرُ بِهِ إذْ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُهُ الْخِلَافُ) أَيْ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ مَاشِيًا عَلَى أَنَّهُ رِضًى (قَوْلُهُ وَغَرِمَ الْمَالَ حَالًّا) وَيَأْخُذُهُ عِنْدَ أَجَلِ التَّأْخِيرِ وَمَعْنَى لُزُومِ الضَّامِنِ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ فِي الْحَالِ وَلَا يُؤَخِّرُ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِالْبَقَاءِ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ الْمَضْمُونِ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ نَعَمْ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الضَّامِنِ عَاجِلًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّهُ يُطَالِبُ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَكَذَا يَسْقُطُ التَّأْخِيرُ إنْ نَكَلَ وَيَبْقَى الْحَقُّ حَالًّا.

(قَوْلُهُ إنْ قَالَ وَضَعْت إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ طَلَبَ الْغَرِيمُ إلَخْ لَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يَحْتَاجُ لَهُ مَعَ الْمَوْضُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ وَضَعْت الْحَمَالَةَ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْمَوْضُوعَ وَهُوَ وَضْعُ الْحَمَالَةِ بِجَامِعِ وَضْعِ الدَّيْنِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ إذَا وَضَعَ الدَّيْنَ أَوْ الْحَمَالَةَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ فَلِذَا أَتَى بِقَوْلِهِ إنْ قَالَ إلَخْ وَاحْتُرِزَ بِالشَّرْطِ مِنْ وَضْعِهِمَا مَعًا وَلَمْ يُحْتَرَزْ عَنْ وَضْعِ الدَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إذَا وَضَعَ الدَّيْنَ فَقَطْ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ (قَوْلُهُ فَأَيْسَرَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ) أَيْ أَجَلِ التَّأْخِيرِ أَيْ وَالتَّأْخِيرُ لِلْغَرِيمِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ غَابَ أَيْ الْغَرِيمُ وَقَوْلُهُ فَقَدِمَ أَيْ قَدِمَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا فِي أَثْنَاءِ أَجَلِ التَّأْخِيرِ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ تَقْدِيمَ الضَّامِنِ أَوْ اشْتَرَطَ الْأَخْذَ لِأَيِّهِمَا شَاءَ.

[مُبْطِلَاتِ الضَّمَانِ]

(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْحَمَالَةَ لَازِمَةٌ لِلْحَمِيلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْحَمِيلَ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ صَاحِبَ الدَّيْنِ فِي دَفْعِ مَالِهِ لِلثِّقَةِ بِهِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوْ مَا تُحْمَلُ بِهِ.

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ بَهْرَامَ بُطْلَانُ الْحَمَالَةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَوْ فَاتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَوَجَبَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ يَكُونُ ضَامِنًا فِي الْقِيمَةِ كَالرَّهْنِ الْوَاقِعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي الْقِيمَةِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَوْثِقَةٌ بِالْحَقِّ وَفِي كَلَامِ تت مَا يُفِيدُهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلَمَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ بِالْفَسَادِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَإِنَّ الْحَمَالَةَ تَبْطُلُ حَتَّى فِي الْقِيمَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَتْ الْحَمَالَةُ كَالرَّهْنِ.

(قَوْلُهُ أَوْ فَسَدَتْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْبُطْلَانُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ وَبِالْفَسَادِ الْفَسَادُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ فَاللَّامُ فِي إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ لِأَنَّ الْجُعْلَ إمَّا لِلضَّامِنِ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ رَبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>