وَعَلَى الْمَأْمُورِ الِاثْنَا عَشَرَ لِلْأَجَلِ يُؤَدِّيهَا لِبَائِعِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ فَهُوَ مِمَّا يَمْضِي بِالثَّمَنِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً رُدَّتْ بِعَيْنِهَا أَوْ فَاتَتْ فَعَلَى الْآمِرِ فِيهَا الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِهَا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ إلَخْ إيضَاحٌ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ أَوْ يُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ أَوْ يَفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا قَائِمَةً أَوْ فَائِتَةً لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً تُرَدُّ بِعَيْنِهَا إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ تُرَدُّ حِينَئِذٍ.
، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ، وَمَا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ صِحَّةٍ وَفَسَادٍ، وَكَانَ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِهِ الْغَرَرُ، وَكَانَ بَيْعُ الْخِيَارِ مُسْتَثْنًى مِنْ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ الْغَرَرِ وَحَجْرِ الْمَبِيعِ خِلَافٌ اهـ. أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ: (فَصْلٌ) لِذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ الْخِيَارِ بَيْعُ وَقْفٍ بَتَّهُ أَوَّلًا عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ فَقَوْلُهُ بَيْعُ وَقْفٍ بَتَّهُ أَوَّلًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَتَّ الْأَوَّلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءٍ يَأْتِي فَأَخْرَجَ بَيْعَ الْبَتِّ، وَيَخْرُجُ ذُو الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ لِأَنَّ الْبَيْعَ الَّذِي فِيهِ خِيَارٌ حُكْمِيٌّ لَمْ يَتَوَقَّفْ بَتُّهُ أَوَّلًا عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ فَيُقَالُ فِي الْحُكْمِيِّ بَيْعٌ آلَ إلَى خِيَارٍ فَإِنْ قُلْت هَلْ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَيِّدَ الْمَحْدُودَ بِقَوْلِنَا بَيْعُ الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ قُلْت لَا لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْحُكْمِيِّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالنَّقِيصَةِ أَنَّ مُوجِبَ الْخِيَارِ إمَّا مُصَاحِبٌ لِلْعَقْدِ أَوْ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ التَّرَوِّي، وَالثَّانِي النَّقِيصَةُ، وَهُوَ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ لِأَنَّهُ بِعَيْبٍ سَابِقٍ عَلَى الْعَقْدِ ثُمَّ شَرَعَ فِي تَنْوِيعِ أَمَدِ الْخِيَارِ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ فَذَكَرَ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الدَّارِ شَهْرٌ بِقَوْلِهِ (ص) إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ (ش) وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ الْخَمْسَةَ الْأَيَّامَ وَالسِّتَّةَ لِأَجْلِ اخْتِبَارِ جُدُرِهَا وَأُسُسِهَا وَمَرَافِقِهَا وَمَكَانِهَا وَجِيرَانِهَا، وَالدُّورُ وَالْأَرَضُونَ سَوَاءٌ، وَكَذَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ فَقَوْلُهُ كَشَهْرٍ إلَخْ مِثَالٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَيَخْتَلِفُ الْخِيَارُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ كَكَذَا، وَلَنَا أَنْ نَجْعَلَ كَشَهْرٍ إلَخْ مِنْ مَدْخُولِ الْحَصْرِ أَيْضًا، وَهُوَ أَحْسَنُ، وَيَكُونُ رَادًّا بِالْأَوَّلِ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَبِالثَّانِي عَلَى الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ بِشَرْطٍ، أَيْ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ إلَّا بِشَرْطٍ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ إنَّمَا الْخِيَارُ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ، وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ، وَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ إلَخْ (ص) وَلَا يَسْكُنُ (ش) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَسْكُنَ إذَا كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَوْلَا اخْتِبَارُ حَالِ الدَّارِ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ هَذَا إذَا كَانَ بِلَا أَجْرٍ
ــ
[حاشية العدوي]
بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ إيضَاحٌ إلَخْ) وَكَأَنَّهُ قَالَ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً تُرَدُّ، وَإِنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ إلَّا بِمَنْزِلَةِ لَكِنْ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَالْمَجْمُوعُ تَوْضِيحٌ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ لِأَنَّهُ عَيْنُهُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَكَفَاهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، وَإِلَّا بِمَعْنَى لَكِنْ، وَعَلَى هَذَا فَلَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً عَلَى مَحْذُوفٍ بَلْ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَحْذُوفٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) لِلتَّرَدُّدِ فِي الْعَقْدِ لَا سِيَّمَا فِي جَانِبِ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْأَمْرُ لَكِنْ أَجَازَهُ الشَّارِعُ لِيَدْخُلَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى بَصِيرَةٍ بِالثَّمَنِ وَالْمَثْمُونِ، وَلِيَنْفِيَ الْغَبْنَ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمَازِرِيُّ إلَخْ) هَذَا كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْحَطَّابِ (قَوْلُهُ وَحَجْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ لِأَنَّ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) أَيْ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً خِلَافٌ، وَكَانَ الْمُقَابِلُ لَا يُعَدُّ ذَلِكَ غَرَرًا.
[فَصْلٌ بَيْعُ الْخِيَارِ]
(فَصْلٌ بَيْعُ الْخِيَارِ) (قَوْلُهُ الْبَتَّ الْأَوَّلَ) جَعَلَ الْأَوَّلَ صِفَةً لِلْبَتِّ أَيْ صِفَةً مِنْ أَوْصَافِ الْبَتِّ، وَلَا يَظْهَرُ بَلْ قَوْلُهُ أَوَّلًا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وُقِفَ (قَوْلُهُ فَأَخْرَجَ بَيْعَ الْبَتِّ) أَيْ بِقَوْلِهِ وُقِفَ، وَالْبَتُّ الْقَطْعُ لِقَطْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا خِيَارَ صَاحِبِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ، وَقَوْلُهُ وَيَخْرُجُ ذُو الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ لِأَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ بَيْعُ وَقْفٍ بَتَّهُ لَكِنْ هَذَا الْوُقُوفُ لَيْسَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بَلْ فِي آخِرَتِهِ عِنْدَ ظُهُورِ عَيْبٍ. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ بَتُّهُ أَوَّلًا) أَيْ أَنَّ الْبَتَّ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُتَوَقِّفًا فِي الْأَوَّلِ عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ فِي الْآخَرِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ بَيْنَ خِيَارِ التَّرَوِّي) هُوَ عَيْنُ الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، وَخِيَارُ النَّقِيصَةِ هُوَ عَيْنُ الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ مُوجِبَ الْخِيَارِ إمَّا مُصَاحِبٌ) أَيْ وَهُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَقَدِّمٌ عَلَيْهِ أَيْ وَهُوَ الْعَيْبُ الَّذِي فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ (قَوْلُهُ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ) أَيْ الْخِيَارُ الْمَعْهُودُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ خِيَارُ التَّرَوِّي لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ حَيْثُ أَطْلَقُوا الْخِيَارَ فِي عُرْفِهِمْ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَجَلِ اخْتِبَارِ جُدُرِهَا) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ أَيْ إنَّمَا جُعِلَ مُدَّةُ الْخِيَارِ الشَّهْرَ أَيْ هَذِهِ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ لِاخْتِبَارِ جُدُرِهَا، وَقَوْلُهُ وَمَكَانِهَا أَيْ جِهَتِهَا الَّتِي هِيَ فِيهَا فَلَا يَرِدُ أَنَّ الدَّارَ مَكَانٌ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهَا مَكَانٌ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ أَيْ كَالطَّاحُونِ، وَالْمَعْصَرَةِ، وَالْحَمَّامِ (قَوْلُهُ وَيَخْتَلِفُ الْخِيَارُ) أَيْ مُدَّتُهُ (قَوْلُهُ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ إلَخْ) الْقَائِلِينَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ أَيْ أَنَّهُ مَا دَامَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْمَجْلِسِ فَلِكُلٍّ وَاحِدٍ الْخِيَارُ فَلَيْسَ مَعْمُولًا بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ، وَمُدَّتُهُ بِشَرْطٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ وَمُدَّتُهُ وَيَقُولَ أَيْ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ أَيْ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَلَا تَكُونُ مُدَّتُهُ إلَّا كَشَهْرٍ فِي دَارٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرْطٌ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهَا مِنْ قَوْلِهِ إنَّمَا الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَمُدَّتُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِاخْتِبَارٍ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِاخْتِبَارٍ بَلْ، وَلَوْ لِاخْتِبَارٍ، وَقَوْلُهُ هَذَا إلَخْ أَيْ مَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ إذَا كَانَ بِلَا أَجْرٍ لِمَا فِيهِ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بِهِ جَازَ أَيْ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute