للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادَّعَتْ الرُّجُوعَ عَنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى صَدَاقٍ بَيْنَهُمَا فِي السِّرِّ وَأَظْهَرَا صَدَاقًا فِي الْعَلَانِيَةِ يُخَالِفُ قَدْرًا أَوْ صِفَةً أَوْ جِنْسًا فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ وَلَا يُعْمَلُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُمَا رَجَعَا عَمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ إلَى مَا أَظْهَرَاهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَأَكْذَبَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ وَإِنْ نَكَلَ عُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ وَمَحَلُّ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ أَنَّ صَدَاقَ الْعَلَانِيَةِ لَا أَصْلَ لَهُ فَإِنَّ الزَّوْجَ حِينَئِذٍ لَا يَحْلِفُ، وَسَوَاءٌ كَانَ شُهُودُ السِّرِّ هُمْ شُهُودُ الْعَلَانِيَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ.

(ص) وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ عَشَرَةٌ نَقْدًا وَعَشَرَةٌ إلَى أَجَلٍ وَسَكَتَا عَنْ عَشَرَةٍ سَقَطَتْ (ش) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِثَلَاثِينَ مِنْهَا عَشَرَةٌ عَلَى النَّقْدِ وَعَشَرَةٌ إلَى سَنَةٍ مَثَلًا وَعَشَرَةٌ سَكَتَا عَنْهَا فَإِنَّهَا تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُمَا عَنْ ذِكْرِهَا دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِهَا، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْبَيْعِ لَكَانَتْ الْعَشَرَةُ حَالَّةً وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يَظْهَرُ فِيهِ قَدْرٌ وَيَكُونُ فِي السِّرِّ دُونَهُ فَيَكُونُ سُكُوتُهُمْ عَنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ دَلِيلًا عَلَى إسْقَاطِهَا وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ

(ص) وَنَقْدُهَا كَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا كَتَبُوا أَنَّ الزَّوْجَ نَقَدَ زَوْجَتَهُ قَدْرًا مِنْ صَدَاقِهَا وَوَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي عُرْفًا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ قَبَضَتْهُ، وَأَمَّا إنْ قَالَ النَّقْدُ الْمُعَجَّلُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ كَذَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبْضِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي نَقْدِهِ كَذَا قَوْلَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّقْدِ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ لَا الْقَبْضَ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا مُقْتَضِيًا لِقَبْضِهِ وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَقَدَهَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي حَيْثُ دَلَّ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَصْدَرِ أَنَّ لَفْظَ الْمَاضِي دَالٌّ عَلَى أَنَّ النَّقْدَ قَدْ حَصَلَ إذْ مَدْلُولُهُ الْحَدَثُ الْمُقْتَرِنُ بِالزَّمَنِ الْمَاضِي.

وَأَمَّا الِاسْمُ الدَّالُّ عَلَى الدَّوَامِ وَالثُّبُوتِ فَيَقْتَضِي الْبَقَاءَ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ فِي جَانِبٍ مِنْ صِدْقٍ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ هَذَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا يَأْتِي

وَلَمَّا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الصَّدَاقَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ بِدَلِيلِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ ذَكَرَهُ فَقَالَ (ص) وَجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مَا عُقِدَ دُونَ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ وَاحْتُرِزَ بِالْأَخِيرِ مِمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِ فُلَانٍ فِيمَا يُعَيِّنُهُ مِنْ مَهْرِهَا فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْمُسَمَّى بِنِكَاحِ التَّحْكِيمِ فَقَوْلُهُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرِ صِفَةٍ لِقَوْلِهِ عَقْدٌ وَقَوْلُهُ (بِلَا وُهِبَتْ) حَالٌ مِنْ النَّكِرَةِ الْمَحْضَةِ وَهَذَا الْقَيْدُ الْأَخِيرُ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْرِيفِ إذْ الْعَقْدُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ شَامِلٌ لِمَا إذَا قَالَ الْوَلِيُّ وَهَبْتهَا قَاصِدًا بِذَلِكَ النِّكَاحَ وَإِسْقَاطَ الصَّدَاقِ فَاحْتَاجَ إلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِلَا وُهِبَتْ وَلَوْ قَالَ وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ وَهَبْتهَا

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّصْدِيقَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ إلَّا أَنَّهُمَا تَنَازَعَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ دَعْوَى الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ فَمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مُعْتَرَفَانِ بِهِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَظْهَرَا صَدَاقًا فِي الْعَلَانِيَةِ) وَلَا يَضُرُّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى السِّرِّ أَنْ تَقَعَ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْعَلَانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ شَهِدْنَا أَنْ يَكُونَ سِرًّا كَذَا وَعَلَانِيَةً كَذَا

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ إلَخْ) هَذَا كَالتَّفْرِيعِ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِ السِّرِّ؛ لِأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا الثَّلَاثِينَ وَاللَّازِمُ إنَّمَا هُوَ الْعِشْرُونَ

. (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ) وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ أَنَّهُ مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ كَقَوْلِك ضَرْبُ هِنْدٍ عِشْرُونَ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى وُقُوعِ الضَّرْبِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي وَثِيقَةِ الصَّدَاقِ نَقْدُهَا كَذَا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا وَلَا قَرِينَةَ تُبَيِّنُ أَحَدَهُمَا، فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَمِنْ الْقَرِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَا إذَا كَانَ عُرْفُهُمْ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَكْتُبُونَ صِيغَةَ الْمَاضِي فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فِي الصَّادِرِ مِنْ الزَّوْجِ هَلْ الْفِعْلُ أَوْ الْمَصْدَرُ وَلَمْ يَضْبِطْ الشُّهُودُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ عُرْفٌ بِعَيْنِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَصْدَرِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ: النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: النَّقْدُ الْمُعَجَّلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ النَّقْدُ فِيهِ كَذَا لَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ) لَمْ يَمُرَّ. (قَوْلُهُ: وَالثُّبُوتُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ الثَّبَاتُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: فَيَقْتَضِي الْبَقَاءَ) لَا يَظْهَرُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَدْلُولَ الِاسْمِ أَنَّ النَّقْدَ حَصَلَ وَاسْتَمَرَّ وَلَا يُعْقَلُ اسْتِمْرَارٌ هُنَا فَيُنْظَرُ لِمَا عَدَاهُ وَهُوَ الْحُصُولُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَمَا قَامَ مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ إنَّمَا تُعُورِفَ كَوْنُهُ لِلْجُمْلَةِ لَا لِلِاسْمِ

[نِكَاحِ التَّفْوِيضِ]

(قَوْلُهُ: وَلَا صَرْفِهِ لِحُكْمِ) أَيْ لِحُكْمِ أَحَدٍ هَذَا التَّقْرِيرُ بِمَا يُفْهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ شَامِلٌ لِلتَّحْكِيمِ وَالتَّفْوِيضِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ وَيَكُونُ تَعْرِيفًا بِالْأَعَمِّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَاصًّا بِالتَّفْوِيضِ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا وُهِبَتْ يُعَيِّنُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالتَّفْوِيضِ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ وَعَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّحْكِيمَ بِقَوْلِهِ مَا عُقِدَ عَلَى صَرْفِ قَدْرِ مَهْرِهِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُحَكَّمُ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ.

(قَوْلُهُ: حَالٌ مِنْ النَّكِرَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ عَقْدٌ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ وَهُوَ أَنَّ فِيهِ تَعَلُّقٌ جَارَّيْنِ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَقَوْلُهُ الْمَحْضَةِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ " الْمُخْتَصَّةِ " أَيْ بِالْوَصْفِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْعَقْدُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ شَامِلٌ إلَخْ) وَلَكِنَّ لَفْظَ ذِكْرِ يُبْعِدُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ السَّالِبَةُ تُصَدَّقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ.

(قَوْلُهُ: قَاصِدًا بِذَلِكَ النِّكَاحَ وَإِسْقَاطَ الصَّدَاقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>