بِذَلِكَ عَلَى الْبَتِّ فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَقْضِي لَهُ بِالْمَالِ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَرْجِعُ إلَى الْمَالِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ لَهُ بِمَا ذَكَرَ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَيْ أَعْتَقَهُ أَوْ أَنَّهُ وَارِثُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُمَا ثُمَّ يُسْتَأْنَى بِالْمَالِ لَعَلَّ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِنْهُ ثُمَّ يَقْضِي لَهُ بِالْمَالِ وَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبٌ وَلَا وَلَاءٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ وَاحِدًا إذْ لَوْ كَانَ يَثْبُتُ مَا ذُكِرَ لَمَا كَانَ لِلِاسْتِينَاءِ فَائِدَةٌ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ سَمَاعُهُمَا لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَإِلَّا ثَبَتَ الْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ وَلَا يَشْهَدَانِ حِينَئِذٍ إلَّا عَلَى الْقَطْعِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّ النَّسَبَ وَالْوَلَاءَ يَثْبُتَانِ بِالسَّمَاعِ
(ص) وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَلَا الْإِقْرَارُ وَلَمْ يُقَوَّمْ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الْعَبْدِ تَكُونُ رِقًّا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُعْتِقُ فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ وَإِنَّمَا هُوَ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَبْدِ مَعَ شَهَادَةِ هَذَا الْمُقِرِّ فَلَوْ قُسِمَتْ الْعَبِيدُ فَوَقَعَ هَذَا الْعَبْدُ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ فِي حِصَّةِ هَذَا الْمُقِرِّ عَتَقَ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ
(ص) وَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ كَعُسْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا شَهِدَ أَنَّ شَرِيكَهُ فِي الْعَبْدِ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَالشَّرِيكُ يُكَذِّبُهُ فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُوسِرًا فَإِنَّ نَصِيبَ الشَّاهِدِ يَكُونُ حُرًّا لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى شَرِيكِهِ إلَّا الْقِيمَةَ وَقَدْ ظَلَمَهُ فِيهَا حَيْثُ أَنْكَرَ الْعِتْقَ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْءَ لِلشَّاهِدِ عَلَى شَرِيكِهِ وَيُعْتِقُ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ مَجَّانًا أَوْ نَصِيبَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ رَقَّ لَهُ فَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَلَى نَفْيِ حُرِّيَّةِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ مَعَ يُسْرِ الشَّرِيكِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَلَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ
(بَابٌ) ذُكِرَ فِيهِ التَّدْبِيرُ وَهُوَ عِتْقُ الْعَبْدِ عَنْ دُبُرٍ وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ وَالتَّدْبِيرُ فِي الْأَمْرِ أَنْ يَنْظُرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ وَالتَّدْبِيرُ التَّفَكُّرُ فِيهِ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي التَّنْبِيهَاتِ التَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ وَدُبُرُ كُلِّ شَيْءٍ مَا وَرَاءَهُ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ لَا غَيْرُ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ
ــ
[حاشية العدوي]
مِمَّا سَبَقَ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) صَرِيحُ هَذَا تَأْخِيرُ الْحَلِفِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُمَا ثُمَّ يُسْتَأْنَى صَرِيحُ هَذَا تَقَدُّمُ الْحَلِفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَهُ صَرِيحٌ فِي اخْتِلَافِ الْحَلِفِ بِحَسَبِ الزَّمَنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالنَّقْلُ يُفِيدُ اسْتِوَاءَ الْحَالَتَيْنِ فِي تَأْخِيرِ الْحَلِفِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ؛ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ وَاحِدًا) أَيْ أَصْلُ السَّمَاعِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فَاشِيًا وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ كَانَ يُفِيدُ الْعِلْمَ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ السَّمَاعُ فَاشِيًا (قَوْلُهُ وَلَا يَشْهَدَانِ حِينَئِذٍ إلَّا عَلَى الْقَطْعِ) فَإِنْ شَهِدَا عَلَى الظَّنِّ وَنَحْوِهِ حُدَّا فِي النَّسَبِ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ إنْ شَهِدَ اثْنَانِ شَهَادَةَ سَمَاعٍ بِالْوَلَاءِ أَوْ الْإِرْثِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ شَاهِدٌ بِالنَّسَبِ أَوْ بِالْوَلَاءِ وَشَاهِدَانِ بِالسَّمَاعِ بِالْوَلَاءِ أَوْ الْإِرْثِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) وَلَدٌ أَوْ غَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالشَّهَادَةِ مَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ شَهِدَ إلَخْ أَيْ إذَا كَانَ عَدْلًا وَقَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ وَهُوَ رَشِيدٌ فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَلِكَ لَكَانَتْ شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ أَيْ مَا ذُكِرَ وَهُوَ الشَّهَادَةُ وَالْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ؛ فِي الْأَوَّلِ شَهَادَةُ وَاحِدِ وَالْعِتْقُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَفِي الثَّانِيَةِ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ؛ يُفِيدُهُ قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ بَلْ ذِكْرُهُ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَجُزْ بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِ غَيْرِ الشَّاهِدِ وَالْمُقِرِّ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِنَصِيبِهَا فَيَصِحُّ وَلَكِنْ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ غَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ أَلْغَى ذَلِكَ لِسَلِمِ مِنْ الْإِيهَامِ (قَوْلُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَبْدِ) أَيْ لَا يُمَكَّنُ الْعَبْدُ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لِيَتِمَّ لَهُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ؛ الْعِتْقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قُسِمَتْ الْعَبِيدُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ أَحْسَنُ وَهِيَ فَإِنْ مَلَكَهُ الشَّاهِدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قُسِمَتْ الْعَبِيدُ فَتَابَ ذَلِكَ لِلشَّاهِدِ أَوْ الْمُقِرِّ عَتَقَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَرِيكِهِ إلَخْ) أَيْ شَهِدَ وَحْدَهُ احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ شَهِدَ مَعَ عَدْلٍ آخَرَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَنَصِيبُ الشَّاهِدِ الشَّرِيكِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لِإِقْرَارِهِ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَتَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ مَا صَدَّرَ بِهِ
[بَابٌ فِي التَّدْبِيرُ]
(بَابُ التَّدْبِيرِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ) يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ عَتَقَ وَلَا يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِعَدَمِ صِحَّةِ كَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِلتَّدْبِيرِ الَّذِي هُوَ صِفَةُ الْمُدَبِّرِ بِكَسْرِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَالتَّدْبِيرُ فِي الْأَمْرِ) أَيْ أَنَّ التَّدْبِيرَ فِي اللُّغَةِ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْحَادِثِ وَأَمَّا التَّدْبِيرُ فِي حَقِّ الْقَدِيمِ فَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالشَّيْءِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ وَقَوْلُهُ عَاقِبَةُ الْأَمْرِ أَظْهَرُ فِي مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ أَيْ يَنْظُرُ فِي الَّذِي تَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَتُهُ أَيْ نِهَايَتُهُ صَوَابٌ أَوْ غَيْرُ صَوَابٍ وَقَوْلُهُ التَّدْبِيرُ التَّفْكِيرُ فِيهِ أَيْ أَنَّ التَّدْبِيرَ فِي الْأَمْرِ التَّفَكُّرُ فِيهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ لِلَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَالتَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ) أَيْ التَّدْبِيرُ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ مِنْ إدْبَارِ الْحَيَاةِ) أَيْ تَوْلِيَتِهَا وَذَهَابِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ؛ ثَمَرَةَ التَّدْبِيرِ مِنْ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْحَيَاةِ (قَوْلُهُ مَا وَرَاءَهُ) أَيْ مِمَّا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ (قَوْلُهُ وَالْجَارِحَةُ بِالضَّمِّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْإِنْسَانِ قَوْلُهُ تَوْلِيَتُهَا كَذَا بِالنُّسَخِ مَعَنَا وَالْمُنَاسِبُ تَوَلِّيهَا اهـ. مُصَحَّحٌ