للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْتَأْجِرِ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ نَجَزَ عِتْقُهُ وَلَا كَلَامَ لِسَيِّدِهِ، وَأَمَّا الْأُجْرَةُ الَّتِي بَعْدَ الْعِتْقِ فِي بَقِيَّةِ زَمَنِ الْإِجَارَةِ هَلْ تَكُونُ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ فَفِيهَا تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ الْآنَ فَالْأُجْرَةُ فِيهَا لِلْعَبْدِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ فِيهَا لِلسَّيِّدِ فَقَوْلُهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ فَقَطْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ أَيْضًا

(فَصْلٌ)

ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ وَالْمُنَاسِبُ لِلِاخْتِصَارِ أَنْ يُسْقِطَ قَوْلَهُ فَصْلٌ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ وَيُذْكَرُ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّعْبِيرِ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ يَعْقِلُ وَبِالْكِرَاءِ لِمَا لَا يَعْقِلُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ ذَلِكَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ مَا أَمْكَنَ نَقْلُهُ مِنْ حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ.

(ص) وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ (ش) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَيْ: إنَّ كِرَاءَ الدَّابَّةِ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِهِ وَأَجْرِهِ كَالْبَيْعِ هَذَا مَعْنَى كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِي يَجُوزُ هُنَاكَ يَجُوزُ هُنَا وَمَا يَمْتَنِعُ هُنَاكَ يَمْتَنِعُ هُنَا وَأَنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمَا بِالْعَقْدِ كَالْإِجَارَةِ وَأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِأَكْلِهَا أَوْ وَقَعَ أَكْلُهَا جَزًّا مِنْ الْأَجْرِ وَظَهَرَ أَنَّهَا أَكُولَةٌ فَيُخَيَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ طَعَامُ رَبِّهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى رَبِّهَا طَعَامُ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلْ كَذَلِكَ أَمْ لَا، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْكِرَاءِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ وَهُوَ الْعَقْدُ لَا الْمَعْنَى الِاسْمِيُّ وَإِلَّا لَمَا صَدَقَ إلَّا عَلَى الْأُجْرَةِ وَيَكُونُ سَاكِتًا عَنْ غَيْرِهَا.

(ص) وَجَازَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا (ش) أَيْ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً مِنْ شَخْصٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا وَلَوْ قَالَ وَجَازَ بِعَلَفِهَا كَانَ أَوْلَى إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ جَوَازُ كِرَائِهَا بِدَرَاهِمَ وَعَلَفِهَا بِالْأَوْلَى لِكَوْنِهِ صَارَ تَابِعًا وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا شَمِلَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا شَمِلَهُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ وَإِنَّمَا أَجَازُوهَا لِلضَّرُورَةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ الْمَنْعَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ لَمَا يُعْلَفُ لِلدَّوَابِّ كَالشَّعِيرِ مَثَلًا وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَهُوَ مُنَاوَلَةُ ذَلِكَ لَهَا فَلَوْ وَجَدَهَا أَكُولَةً أَوْ وَجَدَ رَبَّهَا أَكُولًا فَلَهُ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ.

(ص) أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا أَوْ عَلَيْهِ طَعَامَك (ش) أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ الدَّابَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك يَا مُكْتَرٍ طَعَامَ رَبِّ الدَّابَّةِ أَوْ كِرَاؤُهَا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّهَا طَعَامَ الْمُكْتَرِي وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ أَوْ عَلَيْهِ هُوَ طَعَامُك مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ اكْتَرَاهَا بِطَعَامٍ وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ طَعَامٍ بِطَعَامِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ.

(ص) أَوْ لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ (ش) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ شَهْرًا فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا يَرْكَبُ النَّاسُ الدَّوَابَّ جَازَ وَهَكَذَا يَجِبُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الشَّيْخِ بِمَا قَالَ وَأَنَّ رُكُوبَ النَّاسِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا عِنْدَ الْمُتَكَارِيَيْنِ لَمْ يَجُزْ.

(ص) أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تُكْرِيَ مِنْهُ دَابَّةً لِتَطْحَنَ عَلَيْهَا الْحِنْطَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

السَّيِّدِ لَهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحَرِّ فِي الْوَطْءِ.

[فَصْلٌ كِرَاءُ الدَّوَابِّ]

(فَصْلٌ) كِرَاءُ الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ يَعْقِلُ) تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَا لَا يَعْقِلُ مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا غَيْرَ السَّفِينَةِ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ إجَارَةٌ (قَوْلُهُ بَيْعُ مَنْفَعَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةِ حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَسَلِمَ مِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بَيْعًا لَا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَلَا بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَمْ يَزِدْ هُنَا بِعِوَضِ بَعْضِهِ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا كَمَا فُعِلَ فِي الْإِجَارَةِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَنَافِعِ دَابَّةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهِ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعْرِيفَ شَامِلٌ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ.

(قَوْلُهُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ عَاقِدِهِ) فِيهِ أَنَّ الْكِرَاءَ هُوَ نَفْسُ الْعَقْدِ وَالْعِبَارَةُ تُؤْذِنُ بِالْمُغَايَرَةِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ أَنَّ الَّذِي إلَخْ) بَيَانٌ لِلْأَعَمِّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلْعُمُومِ الشَّامِلِ لِمَا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَاكَ أَيْ: فِي بَابِ الْإِجَارَةِ يَجُوزُ هُنَا فِي بَابِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِأَكْلِهَا أَيْ: كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا بِأَكْلِهِ وَظَهَرَ أَكُولًا يُخَيَّرُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ إذَا اكْتَرَى دَابَّةً إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي بَيَانِ أَنَّ مَا جَرَى فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَجْرِي فِي بَابِ الْكِرَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْكِرَاءِ كَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْإِجَارَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُغَايِرٌ لِلْمَعْنَى عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَنَّ الْعَلَفَ تَابِعٌ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ الدَّرَاهِمُ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) أَقُولُ لَا اسْتِثْنَاءَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْكِرَاءِ مُسَاوِيَةٌ لِأَحْكَامِ الْإِجَارَةِ نَعَمْ يُحْتَاجُ لِلِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً عَلَى التَّحْقِيقِ) لَمَّا قَالَ: إنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّابَّةِ بِعَلَفِهَا وَعَلَفُهَا لَيْسَ مَعْلُومًا عَلَى التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ فَالضَّرُورَةُ تَكُونُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْإِجَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ رَجُلٍ بِأَكْلِهِ.

(قَوْلُهُ وَبِالسُّكُونِ اسْمٌ لِلْفِعْلِ) أَيْ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ طَعَامِ رَبِّهَا وَهَلْ كَمَا أَنَّ الْعَلَفَ بِالْفَتْحِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَلَيْهِ مُنَاوَلَتُهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَعَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ مُنَاوَلَةَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي جَبْرُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَيَلْزَمُهُ نَفَقَتهَا وَلَوْ أَكُولَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ وَجَدَ الْأَجِيرَ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ الزَّوْجَةَ قَلِيلَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا يَأْكُلَانِ خِلَافًا لِابْنِ عُمَرَ أَنَّ لَهُمَا الْفَاضِلَ يَصْرِفَانِهِ فِيمَا أَحَبَّا.

(قَوْلُهُ أَوْ طَعَامُ رَبِّهَا إلَخْ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تَجُوزُ الْجَمْعُ انْضَمَّ لَهُمَا نَقَدَ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ قَالَ الْمَغْرِبِيُّ) كُنْت رَأَيْت فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>