للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ بَاعَ جَمِيعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا يَمْلِكُ يَوْمَ الْمَوْتِ، سَوَاءٌ زَادَ، أَوْ نَقَصَ لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ فَالضَّمِيرُ فِي بَاعَهُ لِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَأَمَّا بَيْعُ ثُلُثِ مَالِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِثِيَابِهِ أَيْ ثِيَابِ بَدَنِهِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُوصِي وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِ جِنْسِهَا وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثِيَابَهُ الَّتِي اسْتَخْلَفَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَى لَهُ بِغَنَمِهِ، أَوْ بِرَقِيقِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَبَاعَ ذَلِكَ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مَا اسْتَخْلَفَهُ الْمُوصِي مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ

وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى بِثَوْبٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُوصِي ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الثَّوْبَ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى غَيْرَهُ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلشِّرَاءِ، بَلْ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ وَصِيَّةُ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِدَارٍ، أَوْ بِثَوْبٍ أَوْ سَوِيقٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوصِيَ جَصَّصَ الدَّارَ بِالْجِيرِ وَنَحْوِهِ، أَوْ صَبَغَ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَوْ لَتَّ ذَلِكَ السَّوِيقَ بِالسَّمْنِ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مَا ذُكِرَ بِزِيَادَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ يُطْلَقُ عَلَى مَا حَصَلَ فِيهِ الزِّيَادَةُ فَلَمْ يَتَغَيَّرْ الِاسْمُ كَمَا إذَا أَوْصَى بِعَرَضٍ بِلَفْظِ ثَوْبٍ وَفَصَّلَهُ كَمَا مَرَّ لَا يُقَالُ قَوْلُهُ: (ص) فَلِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ (ش) زِيَادَةٌ مُسْتَغْنًى عَنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَفَادَ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تُعَدُّ رُجُوعًا، وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ هَلْ يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ أَمْ لَا فَنَصَّ عَلَيْهِ فَأَفَادَ بِهَا أَمْرًا يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ

(ص) وَفِي نَقْضِ الْعَرْصَةِ قَوْلَانِ (ش) يُحْتَمَلُ أَنَّ نَقْضَ مَصْدَرٌ وَيَكُونُ أَفَادَ أَنَّ النَّقْضَ أَيْ الْهَدْمَ لِلدَّارِ الْمُوصَى بِهَا هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ وَيُحْتَمَلُ إنَّ نُقْضَ بِضَمِّ النُّونِ اسْمٌ وَيَكُونُ جَازِمًا بِأَنَّ الْهَدْمَ لَا يَكُونُ رُجُوعًا فِي الْعَرْصَةِ مُرَجِّحًا لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ ذَاكِرًا لِلْخِلَافِ فِي نَفْسِ النَّقْضِ هَلْ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ، أَوْ لَا وَبِعِبَارَةٍ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ بِنَاءَ الْعَرْصَةِ لَا يُعَدُّ رُجُوعًا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ مَبْنِيَّةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوصِيَ هَدَمَهَا هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ رُجُوعًا هَلْ نَقْضُهَا بِضَمِّ النُّونِ لِلْمُوصِي أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا فَيُحْتَمَلُ ضَبْطُ نَقْضٍ بِفَتْحِ النُّونِ مَصْدَرًا وَيَحْتَمِلُ ضَبْطَهُ بِضَمِّ النُّونِ اسْمًا

. (ص) ، وَإِنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى فَالْوَصِيَّتَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِشَخْصٍ بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى مِنْ جِنْسِ الْأُولَى أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الْوَصِيَّتَيْنِ إذَا كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ يَحْمِلُ ذَلِكَ وَبِعِبَارَةٍ بَعْدَ أُخْرَى أَيْ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَيْ وَهُمَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ كَعَشْرَةٍ وَعَشْرَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا وَقَوْلُهُ (كَنَوْعَيْنِ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الْوَصِيَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ (وَدَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ أَيْ دَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ أَيْ، وَإِحْدَاهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالْأُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَا مَعًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ مِنْ فِضَّةٍ فَهُمَا نَوْعٌ وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ (وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) إنْ شِئْت فَسَّرْتهمَا بِنَوْعَيْنِ أَوْ جِنْسَيْنِ أَوْ صِنْفَيْنِ. (ص) ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا، وَإِنْ تَقَدَّمَ (ش) أَيْ، وَإِنْ لَمْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلشِّرَاءِ) أَيْ لِكَوْنِهِ اشْتَرَاهُ أَيْ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ وَلَيْسَ مِنْ التَّعْيِينِ أَنْ يُوصِيَ بِثَوْبٍ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ.

(قَوْلُهُ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَةٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ زِيَادَةِ قِيمَةِ صَنْعَةِ الْعَبْدِ بِتَعْلِيمِهِ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ قُوَّةُ تَعْلِيمِهِ حَتَّى كَأَنَّهُ ذَاتٌ أُخْرَى بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَمْ تُغَيِّرْ زِيَادَتُهَا الِاسْمَ إذَا أَوْصَى لَهُ بِدَقِيقٍ ثُمَّ لَتَّهُ أَوْ بِمَا يُسَمَّى كُسْكُسًا ثُمَّ لَتَّهُ بِسَمْنٍ

. (قَوْلُهُ وَفِي نَقْضِ الْعَرْصَةِ) أَيْ الَّتِي صَارَتْ عَرْصَةً بَعْدَ النَّقْضِ فَفِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ كَمَا قَالَ عج وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّارِ لَا تُبْطِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَبَيْنَ الزَّرْعِ يُبْطِلُ أَنَّ الزَّرْعَ بَعْدَ حَصْدِهِ وَذَرْوِهِ وَتَصْفِيَتِهِ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الزَّرْعِ بِخِلَافِ الدَّارِ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا اسْمُهَا بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ دَارٌ خَرِبَةٌ أَوْ مَهْدُومَةٌ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِلْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ وَقَوْلُهُ هَلْ نَقْضُهَا بِضَمِّ النُّونِ لِلْمُوصِي إلَخْ الْقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا قَالَ عج (أَقُولُ) حَيْثُ كَانَ النَّقْضُ بِفَتْحِ النُّونِ لَيْسَ رُجُوعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّقْضَ بِضَمِّ النُّونِ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَدَبَّرْ

[أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى]

. (قَوْلُهُ كَعَشْرَةٍ وَعَشْرَةٍ) كُلٌّ مِنْهُمَا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَهُ الْعَدَدَانِ مَعًا كَمَا قَالَ الشَّارِحِ وَحُكِيَ عَنْ الْمَعُونَةِ أَنَّ لَهُ أَحَدَهُمَا لِجَوَازِ التَّأْكِيدِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّتَيْنِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً كَذَهَبٍ وَذَهَبٍ اخْتَلَفَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ أَنَّهُمَا يَكُونَانِ لَهُ وَلَوْ سُكَّا بِسِكَّةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ عج أَقُولُ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ أُخْرَى فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ إنْ اخْتَلَفَا صِفَةً كَأَنْ اتَّفَقَا صِفَةً إنْ اتَّحَدَ قَدْرُهُمَا وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا وَإِنْ تَقَدَّمَ الْوَفْيُ بِالْمَسْأَلَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلِفَيْنِ صِفَةً وَأَوْلَى جِنْسًا يَلْزَمَانِ وَمِثْلُهُمَا الْمُتَّفِقَانِ نَوْعًا وَصِفَةً حَيْثُ اتَّحَدَا قَدْرًا كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ ثُمَّ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فَيَلْزَمُ الْأَكْثَرُ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ.

(قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ) أَقُولُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا (قَوْلُهُ وَدَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ) إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مَسْكُوكَةٌ وَالسَّبَائِكَ غَيْرُ مَسْكُوكَةٍ وَقَوْلُهُ وَإِحْدَاهُمَا مِنْ ذَهَبٍ إلَخْ إنَّمَا أَتَى بِذَلِكَ لِتَبْيِينِ صِحَّةِ كَوْنِهِ عَطْفَ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ كَنَوْعَيْنِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ ذَهَبٍ أَيْ الَّتِي هِيَ السَّبَائِكُ وَقَوْلُهُ وَالْأُخْرَى مِنْ فِضَّةٍ أَيْ الَّتِي هِيَ الدَّرَاهِمُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْفِضَّةِ بِخِلَافِ السَّبَائِكِ فَتَكُونُ مِنْ ذَهَبٍ وَتَكُونُ مِنْ فِضَّةٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السَّبَائِكُ مِنْ فِضَّةٍ كَالدَّرَاهِمِ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّنْفِيَّةِ لَا فِي النَّوْعِيَّةِ (قَوْلُهُ إنْ شِئْتَ فَسَّرْتَهُمَا بِنَوْعَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَةَ مُتَرَادِفَةٌ وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كُلِّ مَا دَلَّ عَلَى كَثِيرِينَ فَلَمْ يَكُنْ جَارِيًا عَلَى الْقَانُونِ الْمَنْطِقِيِّ بَلْ عَلَى الْقَانُونِ اللُّغَوِيِّ وَعَلَى كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>