للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسْكَارِهَا مَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْكِرٍ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْفُخَّارِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الظُّرُوفِ لِعَدَمِ إسْرَاعِ مَا يُنْبَذُ فِيهِ إلَى التَّغَيُّرِ.

(ص) وَفِي كَرْهِ الْقِرْدِ وَالطِّينِ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِرْدَ هَلْ يُمْنَعُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْوَاضِحَةِ وَلِأَنَّهُ يُقَالُ إنَّهُ مَمْسُوخٌ أَوْ يُكْرَهُ أَكْلُهُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] الْآيَةَ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيُّ وَكَذَا الطِّينُ هَلْ يُمْنَعُ أَكْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَدَنِ أَوْ لَا يَمْنَعُ بَلْ يُكْرَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ فَفِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلَانِ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ بِمَنْعِ أَكْلِ التُّرَابِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الذَّكَاةِ وَمَعْرُوضِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ وَكَانَ أَغْلَبُهُ مَذْكُورًا فِي بَابِ الْمُبَاحِ ذَيَّلَ بِهِ بَابِ الذَّكَاةِ لِشِدَّةِ التَّعَلُّقِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ مِنْ النَّعَمِ الْمَعْرُوضِ لِلذَّكَاةِ فَقَالَ.

(بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْمُخَاطَبُ بِهَا وَمَا هِيَ مِنْهُ وَمَا يَجْزِي فِيهَا وَمَا لَا يَجْزِي وَمَكَانُهَا وَزَمَانُهَا) وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الْأُضْحِيَّةُ اسْمًا مَا تُقُرِّبَ بِذَكَاتِهِ مِنْ جَذَعِ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيِّ سَائِرِ النَّعَمِ سَلِيمَيْنِ مِنْ بَيْنِ عَيْبٍ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ فِي نَهَارِ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ تَالِيَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ عِيدَهُ لَهُ وَقَدَّرَ زَمَنَ ذَبْحِهِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ تَحَرِّيًا لِغَيْرِ حَاضِرِهِ فَتَخْرُجُ الْعَقِيقَةُ وَالْهَدْيُ وَالنُّسُكُ فِي زَمَنِهَا قَوْلُهُ مَشْرُوطًا حَالٌ مِنْ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ فَتَخْرُجُ الْعَقِيقَةُ وَمَا شَابَهَهَا مِنْ الْهَدْيِ وَالنُّسُكِ فِي زَمَانِهَا وَالضَّمِيرُ فِي عِيدِهِ يَرْجِعُ إلَى عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ وَلَهُ يَعُودُ عَلَى الْإِمَامِ وَانْظُرْ بَقِيَّةَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ الْقِرْدِ) وَمِثْلُهُ النَّسْنَاسُ (قَوْلُهُ وَالطِّينِ) وَمِثْلُ الطِّينِ التُّرَابُ أَوْ أَنَّهُ مِنْهُ وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِإِبَاحَةِ أَكْل الطِّينِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِإِبَاحَةِ الْقِرْدِ وَقَالَ بَهْرَامُ هُنَا وَفِي شَامِلِهِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَةِ أَكْلِهِ فَالِاكْتِسَابُ بِهِ حَلَالٌ وَكَذَا ثَمَنُهُ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَةِ أَكْلِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَوْلِ بِحُرْمَةِ أَكْلِهِ وَيُرَدُّ لِمَوْضِعِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَرَاهَةِ الطِّينِ أَوْ حُرْمَتِهِ الْحَامِلِ إذَا تَاقَتْ لَهُ وَخَافَتْ عَلَى جَنِينِهَا فَيُرَخَّصُ لَهَا قَطْعًا كَمَا قَالَ ابْنُ غَلَّابٍ فِي أَكْلِهِ وَقَوْلُهُ وَخَافَتْ بِالْوَاوِ وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَفِيهِ الْقَوْلَانِ كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ عج وَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَمَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ مَا ذُكِرَ وَلِذَا أَفْرَدَهُ بَعْدَ شَيْئَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَطْفِ الثَّانِي بِأَوْ، أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْأَكْلِ إذْ التَّقْدِيرُ وَفِي كُرْهٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) هَذَا لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَإِلَّا وَرَدَ الْكَلْبُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يُقَالُ إنَّهُ مَمْسُوخٌ) أَيْ فَأَصْلُهُ آدَمِيٌّ وَالْآدَمِيُّ يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَكَوْنُهُ مَمْسُوخًا ضَعِيفٌ وَلِذَا عَبَّرَ بِيُقَالُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْمَمْسُوخِ هَلْ يَكُونُ لَهُ نَسْلٌ أَمْ لَا فَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ أَبُو بَكْرٍ إلَى أَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ الْقِرَدَةِ مِنْ نَسْلِ الْمَمْسُوخِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَرْفُوعًا «أَنَّ اللَّهَ يُهْلِكُ قَوْمًا أَوْ يُعَذِّبُ قَوْمًا فَيَجْعَلُ لَهُمْ نَسْلًا وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ» قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ فِي بَابِ صِفَةِ إبْلِيسَ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ) لَمْ يَقُلْ الْبَاجِيُّ بِالْكَرَاهَةِ وَنَصُّهُ وَأَمَّا الْقِرْدُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِ الْقِرْدِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلَمْ يَرِدُ فِيهِ مَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا وَلَا كَرَاهَةً فَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةً فَلِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ اهـ فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْحُرْمَةِ ضَعِيفٌ وَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ لِعُمُومِ لَا يُنْتِجُ الْكَرَاهَةَ (قَوْلُهُ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ وَالطِّينُ مِنْ التُّرَابِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْجَزْمُ بِمَنْعِ التُّرَابِ.

[بَابٌ حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَالْمُخَاطَبُ بِهَا وَمَا هِيَ مِنْهُ وَمَا يَجْزِي فِيهَا]

(قَوْلُهُ وَكَانَ أَغْلَبَهُ) أَيْ أَغْلَبَ الْحَيَوَانِ الْمَعْرُوضِ لِلذَّكَاةِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَاتَهُ بَعْضُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي هِيَ مَعْرُوضَةٌ لِلذَّكَاةِ فَمِنْ ذَلِكَ الْغَزَالُ وَحِمَارُ الْوَحْشِ فَإِنَّهُ فَاتَهُ ذَلِكَ بِالصَّرَاحَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَوَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ أَوْ أَرَادَ بِالْمَعْرُوضِ لَهَا وَلَوْ مَكْرُوهًا وَقَدْ فَاتَهُ النَّمِرُ (قَوْلُهُ ذُيِّلَ بِهِ إلَخْ) أَيْ جَعَلَهُ ذَيْلًا لِبَابِ الذَّكَاةِ وَيَجُوزُ جَعْلُ ذَيْلٍ إلَخْ حَالًا وَيَكُونُ أَتْبَعَ حَالًا (قَوْلُهُ أَتْبَعَ ذَلِكَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ أَنَّهُ حَذَفَ الْعَاطِفَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ حَذْفُهُ اخْتِيَارًا.

(بَابُ الْأُضْحِيَّةِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ شَدِّ الْيَاءِ وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِذَبْحِهَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَوَقْتَ الضُّحَى (قَوْلُهُ اسْمًا) اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ اسْمًا وَلَمْ يَذْكُرْ مَصْدَرًا دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تُعْرَفُ اسْمًا دَائِمًا وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ مَصْدَرًا وَقَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ عِيدَهُ إلَخْ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَخُطْبَتِهِ لِتَضَمُّنِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَقَدَّرَ زَمَنَ ذَبْحِهِ إلَخْ لِذَلِكَ وَقَدْ يَبْحَثُ فِيهِ بِأَنَّ دَلَالَةَ الِالْتِزَامِ مَهْجُورَةٌ فِي التَّعَارِيفِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاةٍ إلَخْ مَعْمُولٌ لِلذَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَالنُّسُكُ) أَيْ الْفِدْيَةُ (قَوْلُهُ فِي زَمَنِهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ فِي عِيدِهِ عَائِدٌ عَلَى عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ) وَقَوْلُهُ عِيدَهُ مَعْمُولُ صَلَاةٍ فَالْمَعْنَى بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْإِمَامُ عِيدَهُ أَيْ صَلَاةَ عِيدِهِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِيدَ هُوَ عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ فَالْأَوْلَى كَوْنُ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى ذِي الْحِجَّةِ وَمَعْنَى كَوْنِ الْعِيدِ لِذِي الْحِجَّةِ أَنَّهُ حَاصِلٌ فِيهِ أَوْ أَنَّ عِيدَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ فِي عِيدِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ صَلَاةٍ أَيْ وَبَعْدَ خُطْبَةٍ وَقَوْلُهُ لَهُ يَعُودُ عَلَى الْإِمَامِ أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَقَوْلُهُ وَقَدَّرَ عُطِفَ عَلَى الصَّلَاةِ أَيْ وَبَعْدَ قَدَّرَ زَمَنَ ذَبْحِ الْإِمَامِ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ ذَبْحِ غَيْرِ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا وَأَدْخَلَ بِهِ إذَا تَحَرَّى مَنْ لَا إمَامَ لَهُمْ ذَبْحَ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ حَاضِرَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَدَّرَ (قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهَا) أَيْ الضَّحِيَّةُ بِمَعْنَى التَّضْحِيَةِ وَأَرَادَ بِالرُّكْنِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ وَهَذَا مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا بِالْمَعْنَى الِاسْمِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>