للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَائِنَةً بِالْبَتَاتِ أَوْ دُونَهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ بَاقٍ يَذُبُّ عَنْ نَفْسِهِ إنْ ظَهَرَ حَمْلٌ وَقَوْلُهُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ (التَّزَيُّنَ بِالْمَصْبُوغِ) هُوَ مَفْعُولُ تَرَكَتْ أَيْ التَّجَمُّلَ بِالْمَصْبُوغِ (ص) وَلَوْ أَدْكَنَ إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ (ش) الْأَدْكَنُ مَا فَوْقَ لَوْنِ الْحُمْرَةِ وَدُونَ السَّوَادِ وَهُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بالْحَمَاحِمِيِّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَلَوْ بِبَيْعِهِ وَاسْتِخْلَافِ غَيْرِهِ (ص) إلَّا الْأَسْوَدَ (ش) أَيْ فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُهُ مَا لَمْ يَكُنْ زِينَةَ قَوْمٍ وَمَا لَمْ تَكُنْ اللَّابِسَةُ نَاصِعَةَ الْبَيَاضِ (ص) وَالتَّحَلِّي وَالتَّطَيُّبُ وَعَمَلُهُ وَالتَّجْرُ فِيهِ (ش) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ لُبْسِ الْحُلِيِّ وَلَوْ خَاتَمًا وَقُرْطًا وَأُخِذَ مِنْ هَذَا جَوَازُ ثَقْبِ أُذُنِ الْمَرْأَةِ لِلُبْسِ الْقُرْطِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ سَارَةَ حَلَفَتْ لَتُمَثِّلَنَّ بِهَاجَرَ فَخَفَضَتْهَا وَثَقَبَتْ أُذُنَيْهَا بِأَمْرِ الْخَلِيلِ وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَتْرُكَ التَّطَيُّبَ فَلَا تَمَسَّهُ وَلَا تَعْمَلَهُ وَلَا تَتَّجِرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي التَّطَيُّبِ وَالتَّحَلِّي وَالزِّينَةِ دَاعِيَةٌ إلَى النِّكَاحِ وَتَهْيِيجِ الشَّهْوَةِ فَمُنِعَتْ مِنْ ذَلِكَ.

(ص) وَالتَّزَيُّنُ فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمِ (ش) مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّزَيُّنِ الْمُرَادُ بِهِ الْمَلْبُوسُ وَأَمَّا التَّزَيُّنُ هُنَا فَالْمُرَادُ بِهِ التَّزَيُّنُ فِي الْبَدَنِ فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ بِالْمَدِّ وَلَا بِشَيْءٍ فِيهِ دُهْنٍ وَلَا بِكَتَمٍ وَهُوَ شَيْءٌ أَسْوَدُ يُصْبَغُ بِهِ الشَّعْرُ يُذْهِبُ حُمْرَتَهُ وَلَا يُسَوِّدُهُ (ص) بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ وَالسِّدْرِ وَاسْتِحْدَادُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَدَّهِنَ بِالزَّيْتِ وَالشَّيْرَقِ وَالِادِّهَانُ غَيْرُ الْمُطَيِّبِ وَالشَّيْرَقُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ قَافٌ وَيُقَالُ بِالْجِيمِ وَهُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ وَكَذَلِكَ لَهَا أَنْ تَمْتَشِطَ بِالسِّدْرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحْلِقَ عَانَتَهَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِحْدَادِ وَإِنْ كَانَتْ زِينَةً لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ.

(ص) وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَا تَطْلِي جَسَدَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَدْخُلَ الْحَمَّامَ فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا وَلَا تَطْلِي جَسَدَهَا بِالنُّورَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ أَنْ تَحْضُرَ الْعُرْسَ وَلَا تَتَهَيَّأُ فِيهِ بِمَا لَا يَلْبَسُهُ الْحَادُّ وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا زَادَ غَيْرُهُ لَا بَأْسَ أَنْ تَنْظُرَ فِي الْمِرْآةِ وَتَحْتَجِمَ وَتُقَلِّمَ أَظْفَارَهَا وَتَنْتِفَ إبْطَيْهَا اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ.

(ص) وَلَا تَكْتَحِلُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَإِنْ بِطِيبٍ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا أَنْ تَكْتَحِلَ إلَّا إذَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَيْلًا وَإِنْ بِطِيبٍ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فَقَوْلُهُ وَإِنْ بِطِيبٍ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْجَوَازِ وَقَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ يَرْجِعُ لِمَسْأَلَةِ الِاكْتِحَالِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى صَنِيعِ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ مَسْأَلَةَ الْحَمَّامِ وَطَلْيِ الْجَسَدِ وَجَعَلَهُمَا قَوْلَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمَا الضَّرُورَةَ وَأَفْرَدَ مَسْأَلَةَ الِاكْتِحَالِ بِقَوْلَةٍ أُخْرَى وَاسْتَثْنَى مِنْهَا الضَّرُورَةَ وَجَوَّزَ الطِّخِّيخِيُّ رُجُوعَهُ لِقَوْلِهِ وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فِي الْكُحْلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِطِيبٍ أَمْ لَا وَاَلَّذِي عِنْدَ الْأَبِيِّ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا حَيْثُ كَانَ بِطِيبٍ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ وَكَانَ سَبَبُهَا أَمْرَيْنِ طَلَاقًا وَوَفَاةً شَرَعَ فِيمَا يَحْتَمِلُهُمَا وَهِيَ عِدَّةُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا وَأَخَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَالتَّدَاخُلِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ.

(فَصْلٌ)

لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ (ص) وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ الرَّفْعُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ يَذُبُّ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ فِي نُسْخَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ نَقْطُهَا أَيْ يَدْفَعُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ اللُّغَةِ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي زَوْجَةٍ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ حُكْمًا.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ تَرَكَتْ الْمَفْقُودُ زَوْجُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ لَا إحْدَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكُنْ اللَّابِسَةُ نَاصِعَةَ الْبَيَاضِ) أَيْ خَالِصَةَ الْبَيَاضِ أَيْ وَغَيْرَ قَوْمٍ هُوَ زِينَتُهُمْ.

(قَوْلُهُ وَالتَّجْرُ فِيهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَنْعَةٌ غَيْرَهُ إذَا كَانَتْ تُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ غَيْرُهَا لَهَا بِأَمْرِهَا كَخَادِمٍ لَمْ تُمْنَعْ.

(قَوْلُهُ حَلَفَتْ لَتُمَثِّلَن بِهَاجَرَ) فِيهِ أَنَّ الْمُثْلَةَ حَرَامٌ فَكَيْفَ يُجِيبُهَا لِذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهَا مُثْلَةٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَمْ تُعْهَدْ فَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَاصِلَ مِنْ الْأَمْرِ وَانْتَفَى كَوْنُهُ مُثْلَةً

(قَوْلُهُ فَلَا تَمْتَشِطُ إلَخْ) أَيْ فَلَا تَمْتَشِطُ امْتِشَاطًا مُلَابِسًا أَوْ مُصَاحَبًا بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمٍ (قَوْلُهُ وَلَا بِشَيْءٍ فِيهِ دُهْنٌ) كَدُهْنِ الْيَاسَمِينِ (قَوْلُهُ يُذْهِبُ حُمْرَتَهُ) أَيْ الْأَصْلِيَّةَ فَلَا يُنَافِي وُجُودَ حُمْرَةٍ أُخْرَى فَفِي الْقَامُوسِ وَالْكَتَمُ مُحَرَّكَةٌ نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْحِنَّاءِ وَيُخَضَّبُ بِهِ الشَّعْرُ فَيَبْقَى لَوْنُهُ وَأَصْلُهُ (قَوْلُهُ وَالشَّيْرَقِ) بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بَعْدَ الشِّينِ فِي نُسْخَتِهِ وَاَلَّذِي فِي عب بِكَسْرِ الشِّين الْمُعْجَمَةِ فَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ سَاكِنَةٍ فَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَقَافٍ وَتُبْدَلُ جِيمًا وَهُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عِنْدَنَا سِيرَجٌ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا) أَيْ تَفُوحُ رَائِحَتُهُ بِأَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ مِنْ الطِّيبِ فِي الدُّهْنِ وَيُجْعَلُ فِي الرَّأْسِ فَتَفُوحُ رَائِحَتُهُ فِيهَا

. (قَوْلُهُ زَادَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَالِكٍ، وَقَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَيْ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ عَنْ أَشْهَبَ وَفِي بَهْرَامَ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يَكُونَ الَّذِي زَادَ مَالِكٌ أَوْ ابْنُ الْقَاسِمِ فَرَاجِعْ

(قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) اُنْظُرْ هَلْ هِيَ ظَاهِرُهَا أَوْ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ.

(فَائِدَةٌ)

لَا بَأْسَ بِاكْتِحَالِ الرَّجُلِ لِضَرُورَةِ دَوَاءٍ وَلِغَيْرِهَا قَوْلَانِ عَنْ مَالِكٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَالْجَوَازِ، وَالْخِلَافُ فِي الْإِثْمِدِ وَغَيْرُهُ جَائِزٌ قَطْعًا وَالِاكْتِحَالُ سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا الْمَالِكِيَّةِ وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ مُعَصْفَرٍ وَمُزَعْفَرٍ قَالَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ وَجَوَّزَ الطِّخِّيخِيُّ) وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّقَانِيِّ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْكُحْلِ وَالْحِنَّاءِ.

(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي عِنْدَ الْأَبِيِّ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عب فَيُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ

[فَصْلٌ لِذِكْرِ الْمَفْقُودِ وَأَقْسَامِهِ]

(فَصْلُ الْمَفْقُودِ) (قَوْلُهُ وَهِيَ عِدَّةُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا) وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُقَدَّرُ مَيِّتًا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُقَدَّرُ طَلَاقُهُ تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ إلَّا أَنَّ الْمَشْهُورَ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَمُقَابِلُهُ يَلْزَمُهُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى ذَلِكَ عَلَى لُزُومِ الْإِحْدَادِ لَهَا.

(قَوْلُهُ وَمُتَعَلَّقَاتِهِ) أَيْ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>