للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَفْسُدَ وَعَلَيْهِ فَأَنَّثَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى خَطَفَتْهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْطِفْهَا وَأَكَلَتْ بَعْدَ فَسَادِهَا أَيْ تُرِكَتْ بَعْدَ الْحَلِفِ حَتَّى فَسَدَتْ إلَخْ وَقَوْلُهُ (قَوْلَانِ) مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَتَوَانَى) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْفَسَادِ فَإِنْ قُلْت الْفَسَادُ يَسْتَلْزِمُ التَّوَانِي فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَفْسُدُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ فِيهِ بِمُجَرَّدِ سُقُوطِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لَا كَسَوْتهمَا وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الْجَمْعِ وَاسْتَشْكَلَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يَكْسُوهَا هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّتُهُ عَدَمُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَكَسَاهَا أَحَدَهُمَا فَقَطْ وَلَبِسَتْهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتَشْكَلَ الْحِنْثُ حَيْثُ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَدَمَ الْجَمْعِ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ أَيْ وَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا قُبِلَتْ نِيَّتُهُ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا أَيْ الثَّوْبَيْنِ وَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ لَا كَسَوْتهمَا وَفِي نُسْخَةٍ لَا كَسَوْتهَا أَيْ إيَّاهُمَا وَقَوْلُهُ وَنِيَّةُ الْجَمْعِ أَيْ عَدَمُ الْجَمْعِ لَهَا بَيْنَهُمَا وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَأَوْلَى فِي الْحِنْثِ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَيْمَانِ وَكَانَتْ النُّذُورُ قَرِينَةً لَهَا فِي التَّرَاجِمِ وَتُشَارِكُهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ جَعَلَ لِلنَّذْرِ فَصْلًا تَالِيًا لِبَابِ الْيَمِينِ فَقَالَ.

(فَصْلٌ) لِذِكْرِ أَرْكَانِ (النَّذْرِ) وَأَحْكَامِهِ قَالَ فِي التَّنْبِيهِ فِي فَصْلِ النَّذْرِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ النُّذُورُ جَمْعُ نَذْرٍ وَرُبَّمَا جُمِعَ عَلَى نُذُرٍ بِضَمِّ النُّونِ وَالذَّالِ يُقَالُ نَذَرْت أَنْذِرُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَمَعْنَاهُ الِالْتِزَامُ انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ النَّذْرُ الْأَعَمُّ مِنْ الْجَائِزِ إيجَابُ امْرِئٍ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ أَمْرًا لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» وَإِطْلَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمِ نَذْرًا بِمَعْنَى أَنَّ النَّذْرَ يُطْلَقُ بِمَعْنًى أَعَمَّ وَبِمَعْنًى أَخَصَّ وَالْأَعَمُّ يُطْلَقُ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ لِمَا وَرَدَ فِي الْإِطْلَاقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَخَصُّهُ الْمَأْمُورُ بِأَدَائِهِ الْتِزَامُ طَاعَةٍ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ هَذَا يَمِينٌ حَسْبَ مَا مَرَّ قَوْلُهُ طَاعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمَكْرُوهَ وَالْمُبَاحَ وَالْمُحَرَّمَ الدَّاخِلَ فِي الْأَعَمِّ وَقَوْلُهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْتِزَامَ الطَّاعَةِ لَا بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ وَهُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ الْيَمِينَ لِأَنَّهُ لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ وَهُوَ عَدَمُ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَسَتَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ وَالشَّيْءُ الْمُلْتَزَمُ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ.

وَالشَّخْصُ الْمُلْتَزِمُ وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ (ص) الْتِزَامُ مُسْلِمٍ كُلِّفَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُلْتَزَمِ لِلنَّذْرِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا فَلَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ لَوْ أَسْلَمَ نُدِبَ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ الصَّبِيُّ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَفَاؤُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَالْمَحْجُورَ الْبَالِغَ وَالرَّقِيقَ

ــ

[حاشية العدوي]

الَّتِي هِيَ قِطْعَةُ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْفَسَادِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي يَقُولُ بِعَدَمِ الْحِنْثِ إذَا أَخَذَتْهَا بِحِدْثَانِ أَكْلِهَا قَبْلَ أَنْ تَتَغَيَّرَ وَإِلَّا فَيُتَّفَقُ عَلَى الْحِنْثِ فَالْمُنَاسِبُ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِذَلِكَ تَرْجِيعُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ، وَيُفَسَّرُ التَّوَانِي بِمَا إذَا لَمْ تَأْخُذْهَا بِحِدْثَانِ أَكْلِهَا لِأَنَّهُ يُتَّفَقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْحِنْثِ فَلِذَا قَالَ مُحَشِّي تت فَالصَّوَابُ حَمْلُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت الْفَسَادُ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ) أَقُولُ يَرُدُّ هَذَا الْجَوَابَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَا حَكَى اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى طَعَامٍ لَيَأْكُلَنَّهُ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ فَهَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى التَّوَانِي قَطْعًا فَلَا يَظْهَرُ كَلَامُ الشَّارِحِ فَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ تَتَوَانَى أَيْ بَعْدَ الْخَطْفِ.

(قَوْلُهُ لَا كَسَوْتهمَا) الْمُرَادُ الْجَمْعُ فِي الْكِسْوَةِ لَا الزَّمَانِ بِأَنْ تُلْبِسَهُمَا مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بَلْ الْمُرَادُ لَا كَسَوْتهمَا مُجْتَمِعَيْنِ وَلَا مُتَفَرِّقَيْنِ (قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ عَنْهُ إلَخْ) .

اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لِلْمُصَنِّفِ صِحَّةُ هَذَا الْجَوَابِ لَمْ يَذْكُرْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ نِيَّةٌ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَالنِّيَّةُ الْمُوَافِقَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ تُقْبَلُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَسَوْتُك هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا كَسَوْتهمَا جَمِيعًا يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لَا كَسَوْتهمَا كُلَّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ صَارَتْ النِّيَّةُ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَام النَّذْرِ]

(بَابُ النَّذْرِ) (قَوْلُهُ قَرِينَةً لَهَا) قَرِينَةٌ بِالنُّونِ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِنُونٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَكَانَتْ النُّذُورُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ قَرِينَةً لَهَا فِي التَّرَاجِمِ كَقَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَرِيبَةٌ مِنْ الْقُرْبِ بِمَعْنَى أَنَّ بَابَ النَّذْرِ بَعْدَ بَابِ الْيَمِينِ بِقُرْبٍ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ) أَيْ الْتِزَامُ الْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ وَبِمَعْنًى أَخَصَّ) إلَّا وَصَحَّ أَنْ يَقُولَ كَمَا يُطْلَقُ بِمَعْنًى أَخَصَّ (قَوْلُهُ هَذَا يَمِينٌ) أَيْ إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْ أَمْرٍ وَقَوْلُهُ مَا مَرَّ أَيْ فِي بَابِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ مُحْتَرَزٍ قَوْلُهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ كَأَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ لَا لِامْتِنَاعٍ مِنْ أَمْرٍ يَشْمَلُ مَا إذَا قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا مَعَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ نَذَرَ ثُمَّ إنَّ التَّعْلِيقَ الَّذِي لَا يُقْصَدُ بِهِ الِامْتِنَاعُ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ فَصِيغَتُهُ كَصِيغَةِ النَّذْرِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ (فَإِنْ قُلْت) مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَدَارِي صَدَقَةٌ نَذْرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا بُدَّ لِلنَّذْرِ مِنْ صِيغَةٍ وَهِيَ لِلَّهِ أَوْ عَلَيَّ (قُلْت) كَلَامُهُ فِي بَحْثِ الصِّيغَةِ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَذْرٍ (قَوْلُهُ أَخْرَجَ بِهِ الْيَمِينَ) هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ وَفَاؤُهُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَالَهُ عج تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَقَدْ بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِخِلَافِ الْكَافِرِ كَذَا فِي عب (قَوْلُهُ وَلَا الْمَجْنُونُ) وَانْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ لَهُ الْوَفَاءُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَالظَّاهِرُ لَا (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ) أَيْ غَيْرُ الْمَالِ وَكَذَا الْمَالُ إنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ (قَوْلُهُ وَالْمَحْجُورُ الْبَالِغُ) أَيْ السَّفِيهُ يَلْزَمُهُ أَيْ وَلَوْ بِالْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>