للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ عَرَفَةَ وَنَذْرُ ذِي الرِّقِّ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّ يَلْزَمُهُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ مِنْ فِعْلِهِ انْتَهَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ حَيْثُ كَانَ نَذْرُهُمَا بِغَيْرِ الْمَالِ أَوْ بِهِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ زَادَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَالنَّذْرُ مِنْ التَّبَرُّعِ وَلِلْوَارِثِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ مِنْ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَيْضًا السَّفِيهَ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ عَلَى وَلِيِّهِ رَدُّ نَذْرِهِ مُطْلَقًا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُلْتَزَمُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ إنْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَحْوَهَا وَإِنْ كَانَ مَالًا فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ ثُمَّ.

بَالَغَ عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ غَضْبَانَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ غَضْبَانَ عَلَى الْمَعْرُوفِ لَرُدَّ مَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهِ وَفِي اللَّجَاجِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَأَنَّهُ أَفْتَى ابْنَهُ عَبْدَ الصَّمَدِ بِذَلِكَ وَكَانَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ فَحَنِثَ وَقَالَ لَهُ إنِّي أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ اللَّيْثِ فَإِنْ عُدْت لَمْ أُفْتِك إلَّا بِقَوْلِ مَالِكٍ ابْنِ بَشِيرٍ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَيَعُدُّونَهُ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَاللَّجَاجُ أَنْ يَقْصِدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ وَمُعَاقَبَتَهَا بِإِلْزَامِهَا النَّذْرَ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ غَيْظُ نَفْسِهِ وَالتَّشْدِيدُ عَلَيْهَا وَالتَّبَرُّرُ وَالرِّضَا أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الشُّكْرِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي مَثَلًا وَقَدْ ذَكَرَ ح مَا يُفِيدُ كَرَاهَةَ نَذْرِ اللَّجَاجِ.

(ص) وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ لَازِمٌ لِنَاذِرِهِ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي عَدَمُ جَعْلِهِ نَذْرًا أَيْ فَأَحِلُّهُ عَنْ نَفْسِي فَإِنَّهُ لَا يَنْحَلُّ وَهُوَ لَازِمٌ لِأَنَّ السَّبَبَ تَقَدَّمَ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اللُّزُومُ وَالسَّبَبُ هُوَ الْتِزَامُ النَّذْرِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ النَّذْرُ وَلَوْ قَالَ النَّاذِرُ إلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ أَيْ مِنْ هَذَا الْمَنْذُورِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا يُفِيدُ اسْتِثْنَاؤُهُ فَلَوْ قَالَ هَذَا نَذْرٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَذْرًا إلَّا بِمَشِيئَتِهِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت أَبُو الْحَسَنِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يَرُدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ النَّذْرَ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ كَإِنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ عَلَيَّ الْحَجُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ كَلَّمَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(ص) وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مَنْدُوبًا فِعْلُهُ أَوْ تَرْكُهُ فَلَا يَلْزَمُ فِي الْمُبَاحِ كَنَذْرٍ عَلَيَّ أَنْ أَمْشِيَ فِي السُّوقِ إذْ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَالْمَكْرُوهُ أَحْرَى كَنَذْرٍ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ نَفْلًا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْمُحَرَّمُ أَحْرَى كَنَذْرٍ عَلَيَّ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْوَاجِبُ لَازِمٌ بِنَفْسِهِ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ مَثَلًا وَنَذْرُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ

ــ

[حاشية العدوي]

لَكِنْ بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ) أَيْ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِهِ عَمَلُهُ أَوْ كَانَ بِمَالٍ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُوَضِّحَةٌ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ إذْ عَلَى وَلِيِّهِ رَدُّ نَذْرِهِ) أَيْ بِالْمَالِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الثُّلُثَ أَوْ دُونَهُ وَرَدُّ وَلِيِّهِ رَدُّ إبْطَالٍ كَانَ السَّفِيهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ يَلْزَمُهَا مَا لَمْ يَرُدَّ الزَّوْجُ وَرَدُّهُ إبْطَالٌ وَالْعَبْدُ يَلْزَمُهُ نَذْرُهُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالسَّفِيهُ لَا يَلْزَمُهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَهُ بَعْدَ الرُّشْدِ رَدُّهُ، هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ.

(قَوْلُهُ أَنَّ فِيهِ وَفِي اللَّجَاجِ) فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِأَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ إنَّمَا أَفْتَى ابْنُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَلَّفَ ابْنَهُ الْمَشْيَ فَلَا يَفْعَلُ فَيَلْزَمُهُ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِهَانَةُ بِمَسْأَلَةٍ مِنْ الدِّينِ فَيَكُونُ طَرِيقًا إلَى الِاسْتِهَانَةِ بِغَيْرِهَا وَهَذَا حَسَنٌ مِنْ الْفَتْوَى عَظِيمٌ، الثَّانِي ظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّجَاجَ غَيْرُ الْغَضْبَانِ وَكَذَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ تَفْسِيرَ اللَّجَاجِ بِالتَّفْسِيرِ الْآتِي يُفِيدُ أَنَّ نَذْرَ الْغَضْبَانِ هُوَ نَذْرُ اللَّجَاجِ لَا أَنَّهُ غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدْت فِي كَلَامِ بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ هُوَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ بَقِيَ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ كَلَامَنَا فِي النَّذْرِ مَا وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ حَلِفٌ (أَقُولُ) إنَّ النَّذْرَ الْوَاقِعَ مِنْ الْغَضْبَانِ هُوَ يَمِينٌ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَجَعَلَهُ حَلِفًا أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَذْرٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ الثَّانِي اللُّزُومُ (قَوْلُهُ وَالرِّضَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ لِكَوْنِ الْمَوْلَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى شَفَى مَرِيضِي.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) هَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَفِي الْمُعَلَّقِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعًا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِي الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ (قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ وَيَصِحُّ الضَّمُّ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ أَوْ بِالْكَسْرِ أَوْ بِالْفَتْحِ يُخَاطِبُ ذَكَرًا فَالطَّلَاقُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ كَانَ الشَّخْصَ الْمُتَكَلِّمَ أَوْ غَيْرَهُ وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ فَإِنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت بِالضَّمِّ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ عَهِدَ التَّعْلِيقَ فِي الطَّلَاقِ دُونَ النَّذْرِ وَأَمَّا إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَيَنْفَعُ فِي رُجُوعِهِ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فِي الْبَابَيْنِ وَلَا يَنْفَعُ إذَا رَجَعَ لِلْمُعَلِّقِ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ كَذَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَرَجَّعَهُ لِدُخُولِ الدَّارِ لَا إنْ رَجَّعَهُ لِصِيغَةِ النَّذْرِ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَهَذَا تَحْقِيقُ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ) الْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوِهِ لَا يُفِيدُ فِي النَّذْرِ غَيْرِ الْمُبْهَمِ مُطْلَقًا أَيْ مُعَلَّقًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ سَوَاءٌ رَدَّهَا لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ) أَيْ بِأَنْ رَجَّعَهُ لِصِيغَةِ النَّذْرِ فَقَطْ أَوْ لَهَا وَلِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا بَلْ يَكُونُ وَاجِبًا وَحَرَامًا وَمَنْدُوبًا وَمَكْرُوهًا كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أُصَلِّ الظُّهْرَ مَثَلًا أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ إنْ لَمْ أَمْشِ إلَى كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَعَلَيَّ صَدَقَةُ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ وُجِدَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَوَرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ نَذْرُ صَوْمِ رَابِعِ النَّحْرِ وَالْإِحْرَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>