للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ بَعْدَ الصَّرْفِ فَمِنْهُمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ

(ص) فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي أَوَّلًا قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا بِيعَ وَقَضَيَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الْفَضْلَةَ مَعَ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَرِضَاهُ فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي قَبْلَ أَجَلِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الرَّهْنَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ قَسْمُهُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ أَوْ أَمْكَنَ بِنَقْصٍ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ مِنْ ثَمَنِهِ وَصِفَتُهُ أَنْ يُقْضَى الدَّيْنُ الْأَوَّلُ كُلُّهُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِ الْحَقِّ فِيهِ، ثُمَّ مَا بَقِيَ لِلثَّانِي وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَضَيَا بِأَنَّ فِيهِ فَضْلًا عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ الْأَوَّلُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ، وَلَا يُوقَفُ وَلَوْ أَتَى لِلْأَوَّلِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا إذَا تَسَاوَى الدَّيْنَانِ، أَوْ كَانَ أَجَلُ الثَّانِي أَبْعَدَ لِوُضُوحِهِ وَهُوَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيَقْضِيَانِ مَعَ التَّسَاوِي وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهُ إذْ رُبَّمَا أَدَّى الْقَسْمُ إلَى النَّقْصِ فِي الثَّمَنِ، وَأَمَّا مَعَ بُعْدِ الْأَجَلِ الثَّانِي فَالْحُكْمُ أَنَّهُ يُقْسَمُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا بِيعَ وَقَضَيَا

وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ: فِي حَدِّ الرَّهْنِ مَا يُبَاعُ مَا كَانَ مَمْلُوكًا لِرَاهِنِهِ وَمَا لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ كَالْمُسْتَعَارِ بَيَّنَ الْحُكْمَ فِيهِ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَشَاعٍ

(ص) ، وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ (ش) ، أَيْ: وَصَحَّ رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ أَيْ لِلِارْتِهَانِ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَنْ اسْتَعَارَ سِلْعَةً لِيَرْهَنَهَا جَازَ ذَلِكَ وَيُقْضَى لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِهَا إنْ لَمْ يُؤَدِّ الْغَرِيمُ مَا عَلَيْهِ وَيَتْبَعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا انْتَهَى وَاخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى الثَّانِي وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

(ص) وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ، أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ (ش) ، أَيْ: رَجَعَ الْمُعِيرُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِصَاحِبِهِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ يَوْمَ قَبْضِ الْعَارِيَّةِ، أَوْ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِمَا أَدَّى الْمُسْتَعِيرُ فِي دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، أَيْ: ثَمَنِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ فَأَوْ لِتَنْوِيعِ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ

(ص) نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا (ش) ، أَيْ: نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاخْتُصِرَتْ عَلَيْهِمَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَدَّى لِلْمُسْتَعِيرِ كَمَا قَرَّرْنَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكَلُّفَ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي هُوَ الْمُعِيرُ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ إذْ لَمْ يُؤَدِّ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْأَدَاءُ مِنْ ثَمَنِ مَالِهِ كَانَ مُؤَدِّيًا وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ فَقَوْلُهُ أُدِّيَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا أَدَّى الْمُسْتَعِيرُ، أَوْ وَكِيلُهُ حَاكِمٌ، أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ الْمُسْتَعِيرُ، أَوْ الْمُعِيرُ وَفِيهِ مَا عَلِمْت

(ص) وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ وَهَلْ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ سِلْعَةً، أَوْ عَبْدًا لِيَرْهَنَهَا فِي دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ فَتَعَدَّى وَرَهَنَهَا فِي طَعَامٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُسْتَعَارُ لِلرَّهْنِ، أَوْ فَاتَ عَلَى رَبِّهِ فَإِنَّهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرِ) بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَاسْمُهُ عَلِيٌّ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ اصْرِفْهُ، فَهُوَ وَكِيلُهُ حَتَّى يَصْرِفَهُ، وَالْوَكِيلُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الصَّرْفِ قَبَضَ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَيَضْمَنُ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ: قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ) فَيُدْفَعُ لِلْأَوَّلِ قَدْرَ مَا يَخْلُصُ مِنْهُ لَا أَزِيدُ، وَالْبَاقِي لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الثَّانِي فَلَا يُدْفَعَ مِنْهُ لِلثَّانِي إلَّا مِقْدَارُهُ وَيَكُونَ بَقِيَّةُ الرَّهْنِ كُلُّهَا لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ إلَخْ) الْعِبَارَةُ فِيهَا حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ مَعًا وَلَوْ أَتَى بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ دَفْعًا لَمَا يُقَالُ إنَّهُ إذَا أَتَى بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ لَا يَقْضِي الدَّيْنَ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ بَلْ يَقْضِي الدَّيْنَ الَّذِي حَلَّ أَجَلُهُ وَيَأْخُذُ الرَّاهِنُ بَقِيَّةَ الدَّرَاهِمِ، وَالرَّهْنُ الَّذِي كَالْأَوَّلِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ فَرُدَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْتِي إلَخْ (قَوْلُهُ: لِوُضُوحِهِ) الْوُضُوحُ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي التَّسَاوِي، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا تَظْهَرُ الْوُضُوحِيَّةُ.

[رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ لِلرَّهْنِ]

(قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ) وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَعِير أَنْ يُعَيِّنَ لِلْمُعِيرِ النَّوْعَ الَّذِي يَرْهَنُهُ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ ارْهَنْهُ فِي ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ طَعَامٍ، وَأَمَّا تَعْيِينُ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) ، أَيْ: اخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ عَلَى الثَّمَنِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى الْقِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَهْرَامَ (قَوْلُهُ: بِقِيمَتِهِ) ، وَالْفَاضِلُ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِلْكٌ لِلْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) ، وَالْفَاضِلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ الْغُرْمُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَالْمُرْتَهِنِ كَمَا فِي كُلِّ عَارِيَّةٍ وَرَهْنٍ غَيْرِ مُعَارٍ فَيَتْبَعُ الْمُعَيَّرُ الْمُسْتَعِيرَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِ الْعَارِيَّةِ وَيَتْبَعُ الْمُسْتَعِيرُ وَهُوَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِقِيمَتِهَا أَمَّا يَوْمَ الْقَبْضِ، أَوْ الْهَلَاكِ، أَوْ الرَّهْنِ عَلَى الْخِلَافِ فَيُقَاصُّهُ مِنْ دَيْنِهِ فَمَنْ فَضَلَ لَهُ شَيْءٌ رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ، وَالرَّهْنِ الْغَيْرِ الْمُعَارِ (قَوْلُهُ: يَوْمَ قَبْضِ الْعَارِيَّةِ) وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ وَقِيلَ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ أَقُولُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَصَرْت عَلَيْهِمَا) هُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ نَقَلْت عَلَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَهَلَكَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى مَا فِي عب وشب بَلْ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ حَكَمَ بِالضَّمَانِ، أَيْ: عَلَّقَ بِهِ الضَّمَانَ مُطْلَقًا وَلَوْ بِمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَتَكُونُ السِّلْعَةُ رَهْنًا فِي الطَّعَامِ وَأَشْهَبُ يَقُولُ لَا ضَمَانَ، وَالسِّلْعَةُ رَهْنٌ فِي الدَّرَاهِمِ وَفَائِدَتُهُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ الْمُعِيرَ إذَا أَتَى بِالدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لِلْمُرْتَهِنِ وَأَخَذَ رَهْنَهُ وَيَقُولُ لِلْمُرْتَهِنِ هَذَا هُوَ الَّذِي أَذِنْت بِالرَّهْنِ فِيهِ وَأَنَا أَرْجِعُ بِدَرَاهِمِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَخْذَهُ بِلَا شَيْءٍ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمُدَوَّنَةِ فَرَهَنَهَا فِي طَعَامٍ، أَيْ: مِنْ قَرْضٍ، أَوْ سَلَمٍ بِأَنْ يَدْفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَهْنًا لِلْمُسْلِمِ فِي الطَّعَامِ الَّذِي عَلَيْهِ فَبَعْضُهُمْ جَعَلَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا بِبَقَاءِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ مَحَلُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالضَّمَانِ وَتَكُونُ السِّلْعَةُ رَهْنًا فِي الطَّعَامِ إذَا خَالَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>