قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ لَا يُطَالُ فِي الزَّمَنِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالسَّيِّدِ وَلَا يُضَايَقُ فِي الزَّمَنِ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالْعَبْدِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ مَا لَمْ يَقُلْ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ أَوْ يَنْوِهَا وَإِلَّا فَيَلْزَمُ الْعِتْقُ وَالْمَالُ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ نَوَاهَا مِنْ قَوْلِهِ
(بَابٌ) ذُكِرَ فِيهِ أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَالْأُمُّ فِي اللُّغَةِ أَصْلُ الشَّيْءِ وَالْجَمْعُ أُمَّاتٌ وَأَصْلُ أُمٍّ أُمَّهَةٌ وَلِذَلِكَ تُجْمَعُ عَلَى أُمَّهَاتٍ وَقِيلَ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلنَّعَمِ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَنْ وُلِدَ لَهَا وَهِيَ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ خَاصَّةٌ بِالْأَمَةِ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا وَجَرَتْ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ بِتَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ بِالْجَمْعِ فَيُسَمُّونَ هَذَا بِكِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَلَعَلَّ سَبَبَ الْجَمْعِ تَنْوِيعُ الْوَلَدِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْحُرِّيَّةُ فَقَدْ يَكُونُ تَامًّا وَقَدْ يَكُونُ مِنْ مُضْغَةٍ وَغَيْرِهَا وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ أُمَّ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا فَقَوْلُهُ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا جِنْسٌ أَيْ الَّتِي يُنْسَبُ لِحَمْلِهَا الْحُرِّيَّةُ وَثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ لِحَمْلِهَا أَعَمُّ مِنْ الْأَصَالَةِ وَالْعَرْضِ فَالْأَصَالَةُ وَضْعُ النُّطْفَةِ فِي رَحِمِ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِوَاطِئِهَا وَالْعَرْضُ كَعِتْقِ الْحَمْلِ بَعْدَ تَقَرُّرِ مِلْكِهِ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَمَةُ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ حَمْلَهَا وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ الْحَمْلُ عَلَى جَدِّهِ وَيَكُونُ حُرًّا وَاخْتَلَفَ هَلْ يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِلِابْنِ مِنْ وَالِدِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَشْهُورُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا فَقَوْلُهُ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا أَخْرَجَ بِهِ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَمَا شَابَهَهُمَا لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ جَبْرًا عَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِجَبْرًا وَأَصْلُهُ مَجْبُورًا عَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْحُرِّ وَهِيَ بِمَعْنَى الْعِتْقِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ هِيَ الْمَوْصُوفَةُ بِحُرِّيَّةِ وَلَدِهَا أَعْنِي حَمْلَهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا حَالَ كَوْنِ الْحُرِّيَّةِ مَجْبُورًا عَلَيْهَا مَالِكُهَا وَجَبْرًا مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمَالِكِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَجْبُورًا عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ بِهِ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ حَمْلَ أَمَةِ عَبْدِهِ فَإِنَّ الْحَدَّ يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حُرٌّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا لَكِنْ لَيْسَ الْعِتْقُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَبِهِ اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ
وَالْأَمَةُ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ) وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (إنْ ثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ إقْرَارِهِ فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ تَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ بِقَتْلِهَا لَهُ عَمْدًا وَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ وَطْءَ أَمَتِهِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ عَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَتْ الْأَمَةُ أَنَّهُ مِنْهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ التَّخْيِيرُ فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ) عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ أَوْ إنْ أَعْطَيْت أَيْ؛ لِأَنَّهُ؛ جَعَلَ السَّاعَةَ ظَرْفًا لِلْحُرِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ جَعَلَهَا ظَرْفًا لِتَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ كَمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهَا
[بَابٌ فِي أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]
(بَابُ أُمِّ الْوَلَدِ) (قَوْلُهُ أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ) أَيْ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِأُمِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ الْمُشَارِ لَهُ فِيمَا سَيَأْتِي بِقَوْلِهِ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ أَوْ وَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ أَصْلُ الشَّيْءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى شَامِلٌ لِكُلِّ أَصْلٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ أَوْ غَيْرِهَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: ٣٩] ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ وَالْجَمْعُ أُمَّاتٌ إلَخْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَنْ وُلِدَ لَهَا وَقَوْلُهُ وَالْأُمَّاتُ لِلنَّعَمِ كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّعَمِ مَا عَدَا النَّاسَ وَقَوْلُهُ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ إلَخْ الْمُنَاسِبُ حَذْفُ عِبَارَةِ وَيَقُولُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مَنْ وُلِدَ لَهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْأُمَّهَاتُ إلَخْ) الصَّحِيحُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ سَبَبَ الْجَمْعِ إلَخْ) أَقُولُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَمْعَ مِنْ حَيْثُ مُقَابَلَتِهِ بِالْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَمَةُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ بِمَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ الْحُرِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ (قَوْلَهُ مِنْ وَطْءِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالْحُرِّ أَيْ إنَّ الْحُرِّيَّةَ نَشَأَتْ مِنْ وَطْءِ الْمَالِكِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْحُرِّيَّةِ بَلْ بِقَوْلِهِ حَمْلُهَا أَيْ حَمْلُهَا الْكَائِنُ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ؛ لَوْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ الْحُرُّ لَمَا احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ جَبْرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَجَبْرًا مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إشَارَةٌ إلَى وَجْهٍ ثَانٍ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْحُرِّيَّةِ بِالْجَبْرِ وَقَوْلُهُ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمَالِكِ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَجْبُورًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ وَأُخْرِجَ بِهِ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ وَطْءٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَمْلُهَا فَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ
(قَوْلُهُ وَبِهِ اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَعَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَيْ أَنَّ أَهْلَ مَذْهَبِنَا يَقُولُونَ إنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ مُخَالِفِينَ لِغَيْرِهِمْ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ) أَيْ مَعَ إنْزَالٍ إذْ الْوَطْءُ مَعَ إنْكَارِ الْإِنْزَالِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ) مُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ بِرَجُلَيْنِ بَلْ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَعَهُمَا فِي مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَأْتِيَ فِيهِ بِوَلَدٍ تَدَّعِيهِ كَالسَّفِينَةِ وَهِيَ وَسَطَ الْبَحْرِ فَيَحْصُلُ لَهَا التَّوَجُّعُ لِلْوِلَادَةِ ثُمَّ يُرَى أَثَرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ؛ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ مُطَّرِدًا بَلْ يَتَوَجَّهُ عَلَى السَّيِّدِ الْيَمِينُ فِي صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ أَوْ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ أَوْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَشَهِدَتْ امْرَأَتَانِ عَلَى الْوِلَادَةِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا فِي الْجَمِيعِ وَلَدٌ أَمْ لَا أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَوْ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ وَمَعَهَا وَلَدٌ وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute