أَمَّا النَّجِسُ مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِيمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمُخْرَجَاتِ وَهُوَ صَادِقٌ بِحُرْمَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا الرَّوْثَ وَالْعَظْمَ الطَّاهِرَيْنِ وَجِدَارَ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا، وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ وَمُحْتَرَمٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ بَيَانَهُ (ص) ، فَإِنْ أَنْقَتْ أَجْزَأَتْ كَالْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ (ش) أَيْ، فَإِنْ اسْتَجْمَرَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ أَجْزَأَهُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ كَمَا لَوْ أَنْقَى بِالْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الْأَحْجَارِ وَقَوْلُنَا فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِنْقَاءُ احْتِرَازٌ مِنْ الْمُبْتَلِّ وَالنَّجِسِ إذْ هُمَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُمَا الْإِنْقَاءُ بَلْ يَنْشُرَانِ النَّجَاسَةَ وَكَذَا الْأَمْلَسُ وَمَحِلُّ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي النَّجِسِ حَيْثُ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِلَّا أَجْزَأَ حَيْثُ أَنْقَى.
(فَصْلٌ) .
ذَكَرَ فِيهِ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ فَقَالَ (ص) نَقْضُ الْوُضُوءِ (ش) وَتُسَمَّى مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَعْبِيرُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالنَّوَاقِضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ لِأَنَّ النَّاقِضَ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَأَخِّرًا عَنْ الْوُضُوءِ بِخِلَافِ الْمُوجِبِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ اهـ.
وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْوُضُوءِ نَاسَبَ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْهَا بِالنَّوَاقِضِ وَإِلَّا فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى السَّابِقِ وَعَلَى الْمُتَأَخِّرِ وَأَيْضًا فَالتَّعْبِيرُ بِالنَّقْضِ قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ بُطْلَانُ الطَّهَارَةِ السَّابِقَةِ وَإِذَا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فَعَلَ بِهَا مِنْ الْعِبَادَةِ وَلِهَذَا قَالَ سَنَدٌ لَا نَقُولُ: إنَّ الطَّهَارَةَ بَطَلَتْ بِالْحَدَثِ وَلَكِنْ انْتَهَى حُكْمُهَا كَمَا يَنْتَهِي حُكْمُ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَلِهَذَا إذَا تَوَضَّأَ إنَّمَا يَتَوَضَّأُ لِلْحَدَثِ الثَّانِي لَا لِلْحَدَثِ الْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) بِحَدَثٍ وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ لَا حَصًى وَدُودٌ وَلَوْ بِبِلَّةٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدَثَ عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَهُوَ الْخَارِجُ خَرَجَ بِهِ الدَّاخِلُ مِنْ حُقْنَةٍ وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ لِإِيجَابِهِمَا هُوَ أَعَمُّ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّوْثَ يَكُونُ طَاهِرًا كَرَوْثِ مُبَاحِ الْأَكْلِ وَنَجِسًا كَرَوْثِ غَيْرِهِ وَهَلْ الَّذِي يُعَادُ تِبْنًا أَوْ غَيْرَهُ خُصُوصُ رَوْثِ الْمُبَاحِ أَوْمَا هُوَ أَعَمُّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ) لَا يُؤْخَذُ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ الْمُنَاسِبُ التَّفْصِيلُ فَيُقَالُ: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْتَرَمِ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَكْتُوبٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَكِنْ إذَا أُنْقِيَ يُجْزِئُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَدَّدِ، فَإِنَّهُ إذَا آذَاهُ إذَايَةً شَدِيدَةً وَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْزِئُهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يُؤْذِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا أُنْقِيَ أَوْ لَمْ يُنَقَّ وَأَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ وَإِلَّا حَرُمَ، وَأَمَّا الْأَمْلَسُ، فَإِنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يَحْرُمُ وَإِلَّا فَيَجُوزُ، وَأَمَّا الْمُنَجَّسُ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ عَيْنَ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَأُنْقِيَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ وَأَجْزَأَهُ، وَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ يُزِيدُ الْحُرْمَةَ وَإِلَّا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إلَّا حُرْمَةُ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَمَّا الْمُتَنَجِّسُ، فَإِنَّهُ إذَا أَتْبَعَهُ بِالْمَاءِ جَازَ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُرْمَةُ لَا ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ وَأَمَّا الْمُبْتَلُّ، فَإِنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ حَرُمَ مِنْ جِهَةِ الِاقْتِصَارِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ هَذَا مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَرَّرَ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا تَكْرَارَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ) أَيْ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى مِنْ الْيُسْرَى وَيُكْرَهُ بِالْيُمْنَى وَيُؤْمَرُ بِغَسْلِ النَّجَاسَةِ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا تَنْتَشِرَ النَّجَاسَةُ بِالرُّطُوبَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اتِّبَاعَهَا بِالْمَاءِ مِنْ ك (قَوْلُهُ: كَالْيَدِ) إذْ أَنْقَتْ أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ: وَدُونَ) أَيْ فَالْحَجَرُ الْوَاحِدُ يَكْفِي إذَا أُنْقِيَ وَكَذَا الِاثْنَانِ إذَا حَصَلَ إنْقَاءٌ وَأَوْجَبَ أَبُو الْفَرَجِ الثَّلَاثَ.
[فَصْلٌ نَوَاقِضَ الْوُضُوءِ]
(قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى مُوجِبَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ نَاقِضًا أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مُوجِبًا أَنْ يَكُون نَاقِضًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُوجِبِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَسْبِقُ) أَيْ كَمَا فِي الْبُلُوغِ وَكَلَامُنَا فِيمَا كَانَ مُتَأَخِّرًا لَا مَا كَانَ مُتَقَدِّمًا (قَوْلُهُ: وَكَانَ إلَخْ) كَأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَرْضَى بِقَوْلِ التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي أَرْضَى بِهِ خِلَافُهُ فَأَقُولُ وَكَأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهَا بَعْدَ الْوُضُوءِ نَاسَبَ أَيْ فَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِذِكْرِ النَّقْضِ ذَكَرَهَا مُتَأَخِّرَةً وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ التَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبَاتِ أَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالتَّعْبِيرُ بِالْمُوجِبِ أَوْلَى) لَا يُسَلَّمُ أَنَّهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ، وَإِنْ صَدَقَ بِالْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ إلَّا إنْ قَصَدَ بَيَانَ مَا كَانَ مُتَأَخِّرًا فَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْعِلَّةُ تَامَّةً (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّقْضَ قَدْ تُعُورِفَ فِي الِانْتِهَاءِ فَلَا تَوَهُّمَ بَعْدَ هَذَا التَّعَارُفِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِهَا إذَا بَطَلَتْ بَطَلَ مَا فَعَلَ لَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: انْتَهَى حُكْمُهَا) حُكْمُهَا هُوَ إبَاحَةُ الْقُدُومِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَصِحَّتُهَا (قَوْلُهُ: حُكْمُ النِّكَاحِ) أَيْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَلُزُومِ الْإِنْفَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِلْحَدَثِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي فَعَلَ بَعْدَهُ الطَّهَارَةَ الَّتِي انْتَقَضَتْ (قَوْلُهُ: أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ) أَيْ وَلَا أَحْدَاثَ وَلَا أَسْبَابَ كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَالرِّدَّةِ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ دَاخِلٌ فِي الْأَحْدَاثِ، وَالشَّكَّ فِي السَّبَبِ دَاخِلٌ فِي الْأَسْبَابِ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَدَثَ نَاقِضٌ إمَّا مِنْ حَيْثُ تَحَقُّقُهُ أَوْ الشَّكُّ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَرْبَعَةِ مَعَانٍ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ الدَّاخِلُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ خَرَجَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْجِنْسَ يُقَالُ خَرَجَ عَنْهُ لَا خَرَجَ بِهِ (قَوْلُهُ مِنْ حُقْنَةٍ) هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُصَبُّ فِي الدُّبُرِ بِالْآلَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَالَ فِي ك وَانْظُرْ قَوْلَهُمْ إنَّ الْحُقْنَةَ لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَعَ أَنَّ الْآلَةَ الَّتِي تَدْخُلُ فِي الدُّبُرِ تَخْرُجُ مِنْهُ وَرُبَّمَا صَحِبَهَا الْأَذَى إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ خَارِجٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ (قَوْلُهُ: وَمَغِيبِ حَشَفَةٍ) مَصْدَرُ غَابَتْ الْحَشَفَةُ أَيْ وَغَيْبَةِ حَشَفَةٍ أَيْ وَحَشَفَةٍ غَائِبَةٍ فِي الْفَرْجِ أَوْ أَنَّ مَغِيبَ بِمَعْنَى غَائِبٍ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: لِإِيجَابِهِمَا هُوَ أَعَمُّ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْحَشَفَةَ خَرَجَتْ بِالْخَارِجِ سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ مَا هُوَ أَعَمُّ أَوْ لَمْ تُوجِبْ شَيْئًا بَلْ هُوَ تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute