وَهِيَ ضَرْبَانِ مَانِعٌ مُطْلَقٌ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ سَتَأْتِي فَوَاتُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِسًّا أَوْ حُكْمًا، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَزَوَالِ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقِيَامِ وَمَانِعٌ مُقَيِّدٌ، وَهُوَ اثْنَانِ أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (ص) وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ رَقِيقًا فَقَطْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ الرَّقِيقَ فِي الدُّيُونِ أَوْ الْمَغْنَمِ أَوْ عَلَى السَّفِيهِ أَوْ الْغَائِبِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ يَمْنَعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّدِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ، وَسَوَاءٌ بَيَّنَ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْوَارِثِ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ لِلرَّقِيقِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ أَيْضًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الرَّقِيقَ إرْثٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَاعَ لِلْقِسْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ، وَعَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ إرْثٌ كَبَيَانِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ، وَقَوْلُهُ رَقِيقًا رَاجِعٌ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ رَاجِعٌ لِلْوَارِثِ فَقَطْ (ص) وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ آخَرَ ظَنَّهُ أَنَّهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا، وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُهُمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبٍ، وَيَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْأَحْكَامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِ الْحُكْمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ أَقْرَبُ (ص) وَتَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ (ش) هَذَا هُوَ الثَّانِي مِنْ الْمَانِعَيْنِ الْمُقَيَّدَيْنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ إلَّا أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِمَّا يَظْهَرُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ تَنْفَعُهُ تِلْكَ الْبَرَاءَةُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فِيهِ، وَالثَّانِي أَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِفَوْرِ شِرَائِهِ، وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ فَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْبَرَاءَةُ الْتِزَامُ الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا تَنْفَعُ فِي الرَّقِيقِ خَاصَّةً.
وَلَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ الْمُبْتَاعُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ لَهُ فِي الثَّمَنِ إنْ بَيَّنَهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ، وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ، وَلَمْ يُجْمِلْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا عَلِمَ عَيْبًا فِي سِلْعَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ قَالَ أَبِيعُك بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ بِهِ لَمْ يُفِدْهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ حَاكِمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا بُدَّ فِي الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا، وَلَوْ حَاكِمًا أَوْ وَارِثًا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يُعْتَبَرْ عَمَلُهُ فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَخْفَى كَالْإِبَاقِ وَصَفَهُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيَانِهِ أَنَّهُ بِهِ وَصْفًا شَافِيًا كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْتَفَرُ بِمَوْضِعٍ دُونَ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ أَرَاهُ لَهُ كَالْقَطْعِ وَالْعَوَرِ، وَلَمْ يُجْمِلْهُ بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العدوي]
[مَوَانِعْ خِيَارَ النَّقِيصَةِ]
(قَوْلُهُ مَانِعٌ مُطْلَقٌ) أَيْ فِي الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ مُقَيَّدٌ أَيْ بِالرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَقَوْلُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْعَيْبِ كَتَبَ عَلَى نُسْخَتِهِ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ خُصُوصِهِ بِالرَّقِيقِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ) فَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالْعَيْبِ أَوْ عَلِمَ بِهِ الْمَدِينُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِهِ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ بَرَاءَةٍ لِأَنَّ كَتْمَ ذَلِكَ تَدْلِيسٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بَيْعُ حَاكِمٍ مَا إذَا كَانَ وَارِثًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَ عَبْدًا مُسْلِمًا عَلَى مَالِكِهِ الْكَافِرِ فَلَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ بَيَّنَ أَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ لَا) أَيْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ) أَيْ أَنَّ الْبَاجِيَّ يَقُولُ لَا يَكُونُ بَيْعُ الْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ إلَّا إذَا كَانَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ وَعِيَاضٌ يَقُولُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ لِقِسْمَةٍ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مُوَافَقَةُ عِيَاضٍ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْوَارِثِ فَقَطْ) الصَّوَابُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا مَعًا هَذَا الْكَلَامُ وَقَعَ مِنْهُ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْبَيَانَ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ بَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَالَ مُحَشِّي تت، وَبِهِ اغْتَرَّ الْأُجْهُورِيُّ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَجْرِ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ لِإِثْبَاتِهِ التَّخْيِيرَ لِلْمُبْتَاعِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَاكِمِ، وَعَلَى ظَاهِرِهَا لَا خِيَارَ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَكَادُ يَخْفَى كَمَا قِيلَ بِهِ، وَاعْتَمَدَ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ بَيْعُ الْمِيرَاثِ، وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يُحْبَسَ بِلَا عُهْدَةٍ (قَوْلُهُ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا) ظَاهِرٌ فِي الْحَاكِمِ دُونَ الْوَارِثِ إذْ مَعَ شَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ إرْثٌ لَا يَتَأَتَّى ظَنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ ظَنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ مَعَ تَبَيُّنِ أَنَّهُ وَارِثٌ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى أَنَّهُ وَارِثٌ، وَيَظُنَّ خِلَافَهُ ثُمَّ يَثْبُتُ مَا ادَّعَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي الْأَحْكَامِ) أَيْ فِيمَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ (قَوْلُهُ أَوْ مَشْكُوكٍ فِيهِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ، وَقَدَّمَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ حَادِثٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ ذِكْرُهُ أَبْخَسَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَرِهَهُ يَكُونُ أَبْخَسَ (قَوْلُهُ وَوَصَفَهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَعْنَوِيًّا كَالْإِبَاقِ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّهُ بِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ إنْ كَانَ حِسِّيًّا كَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَهُ إلَخْ) وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ فَيَقُولَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ لِأَجْلِ التَّفْرِيعِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يُعْتَبَرْ عِلْمُهُ) أَيْ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الَّذِي لَيْسَ بِعَالِمٍ (قَوْلُهُ وَصَفَهُ) أَيْ وَمَوْضِعَهُ لِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُجْمِلْهُ) أَيْ الْعَيْبَ لَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْإِجْمَالِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ مَعْنَوِيًّا، وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَذْكُرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَيْبِ الْقَائِمِ بِهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute