للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ص) وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعُ صُبْرَةٍ عَلَى الْكَيْلِ فَالْمِثْلُ تَحَرِّيًا لِيُوَفِّيَهُ، وَلَا خِيَارَ لَك (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَهْلَكَ الصُّبْرَةَ الَّتِي بَاعَهَا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ أَفَاتَهَا بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْلَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِصُبْرَةٍ مِثْلِهَا عَلَى التَّحَرِّي لِيُوَفِّيَ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارٌ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ يَتَمَسَّكَ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِثْلَ صُبْرَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا لَمْ يَظْلِمْ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى الْكَيْلِ بَلْ مِثْلُهُ الْوَزْنُ وَالْعَدَدُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا كَالْحِنَّاءِ، وَالْكَتَّانِ، وَالْعُصْفُرِ (ص) أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ إنْ جُهِلَتْ الْمَكِيلَةُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ كَانَتْ الصُّبْرَةُ هَلَكَتْ بِفِعْلِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مَجْهُولَةَ الْكَيْلِ أَوْ مَعْلُومَتَهُ فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا عَيْنًا لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا جُهِلَتْ مَكِيلَتُهُ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ إذْ الْجُزَافُ مُقَوَّمٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبَائِعِ أَنَّا لَوْ أَغْرَمْنَا الْأَجْنَبِيَّ الْمِثْلَ لَكَانَ مُزَابَنَةً لِأَنَّهَا بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَالْغَالِبُ عَلَى الْبَائِعِ عِلْمُ مَكِيلَةِ مَا بَاعَهُ (ص) ثُمَّ اشْتَرَى الْبَائِعُ مَا يُوَفِّي فَإِنْ فَضَلَ فَلِلْبَائِعِ، وَإِنْ نَقَصَ فَكَالِاسْتِحْقَاقِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِيمَةَ الَّتِي يَغْرَمُهَا الْأَجْنَبِيُّ يَأْخُذُهَا الْبَائِعُ فَيَشْتَرِي بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا طَعَامًا لِيُوَفِّيَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى حُكْمِ مَا اشْتَرَى مِنْهُ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لِرُخْصٍ حَدَثَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أَغْرَمَتْ، وَلَوْ أُعْدِمَ الْمُتَعَدِّي أَوْ ذَهَبَ فَلَمْ يُوجَدْ كَانَتْ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ فَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْتِوَاءٌ كَانَ لَهُ النَّمَاءُ وَالْمُشْتَرِي لَمْ يَظْلِمْ إذَا أَخَذَ مِثْلَ مَا اشْتَرَى، وَإِنْ نَقَصَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْوَفَاءِ لِغَلَاءٍ حَدَثٍ فَإِنَّ النَّقْصَ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمَبِيعِ، وَاسْتِحْقَاقُ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ كَعَيْبِهِ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ كَثِيرًا فَوْقَ الرُّبْعِ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ أَوْ التَّمَاسُكُ بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا أَيْ الرُّبْعَ فَأَقَلَّ لَزِمَهُ التَّمَاسُكُ بِمَا بَقِيَ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَقَعَ عَمْدًا، وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الْإِتْلَافُ خَطَأً لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَيَكُونُ كَالسَّمَاوِيِّ لَكِنْ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حَمَلَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ، وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ جَوَازَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بِكُلِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ نَبَّهَ عَلَى تَصَرُّفِهِ بِالْعِوَضِ فَغَيْرُهُ أَحْرَى بِقَوْلِهِ.

(ص) وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا مُطْلَقَ الطَّعَامِ رِبَوِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَالْفَوَاكِهِ الْمَأْخُوذَةِ بِمُعَاوَضَةٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا كُلَّ شَيْءٍ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ مِعْيَارِ الْعُمُومِ، وَبِعِبَارَةٍ وَجَازَ بَيْعُ مَا مُلِكَ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْمُعَاوَضَةِ كَمَا قَالَ وَأَمَّا تَقْدِيرُ مَا اشْتَرَى كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِالْمُعَاوَضَةِ فِي الْمُسْتَثْنَى فَيَصِيرُ مُسْتَدْرَكًا، وَأَخْرَجَ بِهِ مَا أُخِذَ بِقَرْضٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَدَخَلَ فِي طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَأْخُوذُ صَدَاقًا أَوْ فِي خُلْعٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا يُؤْخَذُ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مِنْ الْمِثْلِيِّ إذَا فَاتَ وَوَجَبَ مِثْلُهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَا أُخِذَ عَنْ مُتْلَفٍ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا بِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ عَلَى مَنْعِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي أَرْزَاقِ الْقُضَاةِ وَوُلَاةِ السُّوقِ وَالْكُتَّابِ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَهْلَكَ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْهَلَاكُ بِسَمَاوِيٍّ لَكَانَتْ مِنْ الْبَائِعِ، وَانْتَقَضَ الْبَيْعُ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يُفْسَخُ، وَمِثْلُهُ الْخَطَأُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِأَهْلَكَ كَالْمُدَوَّنَةِ، وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ كَالْعَمْدِ أَيْ فَيَلْزَمُ الْمِثْلُ تَحَرِّيًا لِأَنَّهُ كَالْخَطَأِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ آخِرًا فَإِنْ جَهِلَ هَلْ كَانَ مِنْ سَمَاوِيٍّ أَوْ مِنْ مُتْلِفٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَ مَا بَاعَ، وَإِنْ أَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي وَعُرِفَتْ مَكِيلَتُهَا غَرِمَ الثَّمَنَ فَإِنْ جُهِلَتْ لَزِمَهُ تَحَرِّيًا (قَوْلُهُ فَالْمِثْلُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ لَهُمَا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى تَرْكِ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ طَعَامًا أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ لَا لِلُزُومِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا وَجَبَ لَهُ الْمِثْلُ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الشِّرَاءُ بِهِ قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَهْلَكَ عَمْدًا، وَأَمَّا خَطَأً فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رُجُوعٌ بِمَا يُوَفِّي إذَا رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُخْطِئِ بِالْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ أَقُولُ الظَّاهِرُ كَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْهَلَاكُ بِهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِلَفْظِ أَهْلَكَ، وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ أَتْلَفَ، وَلَفْظُ أَتْلَفَ يُقَالُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ) أَيْ وَيَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ عَلِمَ مَكِيلَةَ مَا بَاعَهُ) وَهَذَا لَا يُنَافِي الرُّجُوعَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي ذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّ مَا تَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ هُوَ عَيْنُ مَا فِي ذِهْنِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ اشْتَرَى) أَيْ فَالْبَائِعُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْكِتَابِ، وَقِيلَ الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أُغْرِمَتْ) أَيْ أُغْرِمَتْ لَهُ أَيْ فَصَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ فَإِذَا فَضَلَ شَيْءٌ فَازَ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْدَمَ إلَخْ) وَجْهٌ ثَانٍ لِكَوْنِ الْفَاضِلِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْتِوَاءٌ) بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ الْهَلَاكِ كَانَ لَهُ النَّمَاءُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ النَّقْصُ كَثِيرًا إلَخْ) بِأَنْ كَانَ الثُّلُثَ فَمَا فَوْقُ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَالتَّمَاسُكُ بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ.

[الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ]

(قَوْلُهُ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ إلَّا طَعَامَ الْمُعَاوَضَةِ مُطْلَقًا رِبَوِيًّا أَمْ لَا (قَوْلُهُ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا بِيعَ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ رَدَّ الْعِوَضِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ فِي فَوَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِمَثَابَةِ مَا أُخِذَ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ (قَوْلُهُ وَوُلَاةُ السُّوقِ) أَيْ وَأَصْحَابُ السُّوقِ أَيْ مَشَايِخُ الْأَسْوَاقِ، وَكَذَا الْعُلَمَاءُ إنْ جَعَلَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ تَعْلِيمِهِمْ لِلنَّاسِ لَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ، وَلَا مَنْ اشْتَرَى عُلُوفَةً بِشُوَنٍ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ إذْ الْأَصْلُ أَنَّ السُّلْطَانَ وَضَعَهَا لِلصَّدَقَةِ، وَأَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي تَعَدٍّ فَيَجُوزُ بَيْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>