للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالشَّرْطِ (ص) وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ، أَوْ بَاعَ (ش) صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الشَّيْءَ عِنْدَك رَهْنًا عَلَى مَا اقْتَرَضَهُ مِنْك، أَوْ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ مِنْك فُلَانٌ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا قَبْلَ الرَّهْنِ فَقَوْلُهُ وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ، أَيْ: وَصَحَّ الرَّهْنُ الْآنَ وَلَزِمَ إنْ أَقْرَضَ، أَوْ بَاعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَوْلُهُ: (أَوْ يَعْمَلُ لَهُ) بِالْجَزْمِ عَطَفَ عَلَى الشَّرْطِ، أَيْ: عَلَى مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ وَعَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ لِكَوْنِ الْعَمَلِ شَأْنُهُ التَّجَدُّدُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ فَإِنَّهُمَا لَيْسَ شَأْنُهُمَا ذَلِكَ وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا وَهِيَ الْمَنْقُولَةُ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَدْفَعُ رَهْنًا لِعَامِلِهِ فِي أُجْرَتِهِ الَّتِي تَجِبُ لَهُ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَعْمَلَ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ لَهُ عَمَلًا وَيَنْقُدَهُ الْأُجْرَةَ وَيَخْشَى أَنْ يُعَطِّلَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ عَطَّلَ اسْتَأْجَرَ مِنْ الرَّهْنِ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ وَهَذِهِ صَحِيحَةٌ أَيْضًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فِي جُعْلٍ) إلَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا جَاعَلَ شَخْصًا عَلَى تَحْصِيلِ عَبْدِهِ الْآبِقِ مَثَلًا وَيَدْفَعُ لَهُ رَهْنًا عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْجُعْلِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَهُوَ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ رَهْنًا فِي الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَازِمًا، وَلَا آيِلًا لِلُّزُومِ إذْ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَلَوْ شَرَعَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ فِي جُعْلٍ، أَيْ: فِي عِوَضِ جُعْلٍ لَا فِي عَمَلِ جُعْلٍ

(ص) لَا فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنُ عِنْدَ أَجَلِهِ وَمُحَالٌ أَنْ يُسْتَوْفَى الْمُعَيَّنُ، أَوْ مَنْفَعَتُهُ مِنْ الرَّهْنِ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمَرْهُونِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا احْتِرَازًا مِنْ الْأَمَانَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ قِرَاضًا وَيَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ، أَوْ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَاتِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَ وَلِذَلِكَ قَالُوا إنَّ الضَّمَانَ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ

(ص) وَنَجْمِ كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (ش) أَيْ، وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي نَجْمِ كِتَابَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ رَهْنَ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْكِتَابَةِ فَرْعُ تَحَمُّلِهِ بِهَا وَهُوَ لَا يَصِحُّ تَحَمُّلُهُ بِهَا فَلَا يَصِحُّ دَفْعُ الرَّهْنِ فِيهَا، وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ إذَا عَجَزَ يَرْجِعُ رَقِيقًا فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فَغَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْعَجْزُ مَعَ وُجُودِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاعُ كَمَا يُبَاعُ إذَا كَانَ هُوَ الرَّاهِنَ وَقَدْ يُقَالُ قَدْ يَتَأَتَّى الْعَجْزُ مَعَ وُجُودِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ تَكُنْ قِيمَتُهُ تُوَفَّى بِالْكِتَابَةِ وَمَفْهُومُهُ صِحَّةُ أَخْذِ الرَّهْنِ فِي نَجْمٍ، أَوْ فِي الْجَمِيعِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ

وَلَمَّا كَانَتْ غَلَّاتُ الرَّهْنِ وَمَنَافِعُهُ لِرَاهِنِهِ لِخَبَرِ لَهُ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ شَرَعَ فِيمَا تَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ إنْ عُيِّنَتْ بِبَيْعٍ لَا قَرْضٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ

ــ

[حاشية العدوي]

إذَا يَبِسَتْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: وَصَحَّ الرَّهْنُ الْآنَ) ، أَيْ: وَصَحَّ عَقْدُ الرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ الْآنَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ، وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَ إنْ أَقْرَضَ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ أَقْرَضَ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَزِمَ إنْ أَقْرَضَ، وَلَا يَحْتَاجَانِ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ وَلَيْسَ الْمَعْنَى وَصَارَ رَهْنًا إنْ أَقْرَضَ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَازِمٌ لِلرَّاهِنِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَرْهَنُك عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي مَثَلًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الْإِقْرَاضُ وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَفْعِ الْقَرْضِ لَمْ تَدُمْ الرَّهْنِيَّةُ وَتَبْطُلُ (أَقُولُ) وَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُ إنْ أَقْرَضَ مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ، أَيْ: وَصَحَّ الرَّهْنُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَقْرَضَ كَانَ كَذَا رَهْنًا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) ، أَيْ: لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَفِي النُّكَتِ وَيَكُونُ رَهْنًا بِمَا دَايَنَهُ مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قِيمَةَ الرَّهْنِ، وَلَا يُرَاعَى مَا يُشْبِهُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَمَالَةِ إذَا قَالَ دَايِنْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ؛ لِأَنَّ الْأُولَى بَيَّنَ بِالرَّهْنِ مَا يُقْرِضُهُ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ الشَّخْصَ إلَخْ) وَكَذَا يَصِحُّ رَهْنٌ يَأْخُذُهُ الْمُجَاعِلُ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى أُجْرَةٍ دَفَعَهَا لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ.

[الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ فِي الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ وَلَا فِي مَنْفَعَتِهِ]

(قَوْلُهُ: لَا فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ) ، وَأَمَّا إنْ أَخَذَهُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ مِنْ عِوَضِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ حَيْثُ تَلِفَ، أَوْ تَعَيَّبَ لَوْ اُسْتُحِقَّ فَصَحِيحٌ مِثَالُ الْمُعَيَّنِ أَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبًا وَيَدْفَعَ لَهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى اُسْتُحِقَّ وَأَبَى مُسْتَحِقُّهُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ وَهَذَا مُحَالٌ وَمِثَالُ الْمَنْفَعَةِ أَنْ يَكْتَرِيَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا، أَوْ دَارًا وَيَدْفَعَ رَبُّهَا فِي مَنَافِعِهَا رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ حَصَّلَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ بِعَيْنِهَا مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ بِهِ رَهْنًا) ، أَيْ:؛ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ إذَا ضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ لَا يَلْزَمُ الْمُؤْتَمَنَ عَلَيْهَا شَيْءٌ، وَالْمُرَادُ ضَاعَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، وَأَمَّا لَوْ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إذَا ضَاعَتْ بِتَفْرِيطٍ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا، وَالرَّهْنُ لِأَجْلِ ذَلِكَ فَيَصِحُّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ خَارِجٌ عَمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ أَوَّلَ الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَثِيقَةٌ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَ) هَذَا تَعْلِيلٌ يُوَجَّهُ بِهِ صِحَّةُ هَذَا الِاحْتِرَازِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا قَالُوا إنَّ الضَّمَانَ فِي الْمُعَيَّنَاتِ) ، أَيْ:؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ شَغْلُ ذِمَّةٍ، أَيْ: فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ شَيْئًا بِحَيْثُ إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الشَّيْءُ، أَوْ ضَاعَ يُحَصِّلُهُ الضَّامِنُ بِعَيْنِهِ.

(قَوْلُهُ:، وَالْمُرَادُ بِالنَّجْمِ الْجِنْسُ) ، أَيْ: فَيُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ جَمِيعَ النُّجُومِ وَقَدْ فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كُلِّ النُّجُومِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رَهْنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: فَرْعُ تَحَمُّلِهِ بِهَا) ، أَيْ: فَرْعُ تَعَلُّقِهَا بِذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَا يُتَوَثَّقُ بِهِ فِي الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَيْ وَتَحَمُّلُهُ بِهَا لَا يَصِحُّ، أَيْ: وَتَعَلُّقُهَا بِذِمَّتِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ فَرْعُ تَعَلُّقِهَا بِذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ وَهِيَ لَا تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ الرَّهْنُ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَكِتَابَتُهُ لَيْسَتْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تُسُومِحَ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: إذَا عَجَزَ يَرْجِعُ رَقِيقًا) ، أَيْ: فَيَضِيعُ الْمَالُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامِلْهُ، وَلَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْكِتَابَةِ وَهِيَ لَا يُرَدُّ مَا أُخِذَ مِنْهَا بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ.

[مَا تَكُونُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُرْتَهِنِ]

(قَوْلُهُ: وَجَازَ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ فِي بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ وَيُعَيِّنُ مُدَّتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>