بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا فَإِنَّهُ يَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ فِي الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ مِنْ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ مَثَلًا أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ الرَّقِيقُ الْبَيْعَ لَهُ فَأَحَبَّ شَخْصًا لِئَلَّا يَفُوتَ غَرَضُ الْمَيِّتِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ اشْتَرَى زَيْدٌ عَالِمًا بِأَنَّهُ أَوْصَى بِبَيْعِهِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَضُرُّ الْمُشْتَرِيَ لِتَنْفِيذِ غَرَضِ الْمُوصِي (ص) أَوْ بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ أَوْ مُكَاتَبٍ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي تَنْفِيذًا لِغَرَضِ الْمُوصِي، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ أَوْ مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ كَمَا مَرَّ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَانَ الْمُوصَى بِهِ مُعَيَّنًا، وَإِلَّا فَالْعُهْدَةُ لِأَنَّهُ إذَا رُدَّ بِحَادِثٍ فِي الْعُهْدَةِ يَشْتَرِي غَيْرَهُ فَلَمْ يَفُتْ غَرَضُ الْمَيِّتِ، وَكَذَلِكَ لَا عُهْدَةَ لِلسَّيِّدِ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِهِ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ أَوْ مُقَاطَعٍ بِهِ مُكَاتَبٍ (ص) أَوْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا (ش) أَيْ لَا عُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي رَدِّهِ الْمَبِيعَ فَاسِدًا لِبَائِعِهِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الرَّدَّ فِي الْمَبِيعِ الْفَاسِدِ بَيْعٌ فَيَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعُهْدَةُ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى أَشْهَبُ لَا عُهْدَةَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ فَسْخُ بَيْعٍ، وَكَذَا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُفْسَخُ. اهـ.
وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ إذَا لَمْ يُفْسَخْ تَكُونُ الْعُهْدَةُ فِيهِ ثَابِتَةً لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَفَائِدَةُ ثُبُوتِهَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ مَنْ عِوَضِهِ أَرْشُ الْعَيْبِ، وَفِي تت أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِيهِ إذَا فَاتَ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ فِيهِ الْعُهْدَةَ (ص) وَسَقَطَتَا بِكَعِتْقٍ فِيهِمَا (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعُهْدَةِ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا أَعْتَقَ الْعَبْدَ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ تَسْقُطُ، وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَيَسْقُطُ تَوَابِعُهَا مِنْ نَفَقَةٍ وَضَمَانٍ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ شَرَعَ فِي حُكْمِ مَا هِيَ فِيهِ، وَمَتَى يَنْتَهِي ضَمَانُهُ فَقَالَ (ص) وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا لِقَبْضِهِ بِكَيْلٍ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ (ش) أَيْ إنَّ ضَمَانَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَهُوَ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدَدٌ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِمَّا يُعَدُّ أَوْ يُوزَنُ فَبِعَدَدِهِ أَوْ وَزْنِهِ فَاللَّامُ فِي لِقَبْضِهِ لِلْغَايَةِ أَيْ، وَغَايَةُ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ يَنْتَهِي لِقَبْضِهِ مَتَاعَهُ، وَبِعِبَارَةٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لِقَبْضِهِ بِكَيْلٍ أَنَّ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِي الْمِكْيَالِ يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي فَتُجْعَلُ الْبَاءُ سَبَبِيَّةً مُتَعَلِّقَةً بِقَبْضِهِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لِقَبْضِهِ بِسَبَبِ تَمَامِ كَيْلٍ، وَيُرَادُ بِالْكَيْلِ الْفِعْلِيُّ لَا الْآلَةُ، وَقَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ تَخْصِيصٌ لَهُ لِأَنَّ تَمَامَ كَيْلِهِ خُرُوجُهُ مِنْ مِعْيَارِهِ، وَالْمُرَادُ تَمَامُ كَيْلِ مَا كِيلَ أَوْ تَمَامُ وَزْنِ مَا وُزِنَ أَوْ تَمَامُ عَدِّ مَا عُدَّ لِإِتْمَامِ الْجَمِيعِ أَيْ مَا كِيلَ وَمَا لَمْ يُكَلْ، وَوُزِنَ مَا وُزِنَ وَمَا لَمْ يُوزَنْ، أَوْ عَدَّ مَا عُدَّ وَمَا لَمْ يُعَدَّ، أَوْ بِمَعْنَى فِي، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِضَمِنَ أَيْ ضَمِنَهُ فِي كَيْلِهِ أَيْ فِي حَالِ كَيْلِهِ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ لِلْمُشْتَرِي، وَمَا سَيَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ لِلْبَائِعِ فَلَا مُنَافَاةَ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِكَيْلٍ أَنَّ الْجُزَافَ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِمُجَرَّدِهِ كَمَا يَأْتِي.
(ص) وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ (ش) أَيْ أَنَّ أُجْرَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ التَّوْفِيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ} [يوسف: ٨٨] كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ كَيْلِ الثَّمَنِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بَائِعُهُ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ ثُمَّ أَخْرَجَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (ص) بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) أَيْ:
ــ
[حاشية العدوي]
لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ أَخْذُ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ لَا عُهْدَةَ) أَيْ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ، وَلَهُ رَدُّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ إلَخْ) يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ وَرِثَ أَيْ حَيْثُ عَمَّمَ هُنَاكَ، وَقَيَّدَ هُنَا (قَوْلُهُ إنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ ثُبُوتِ الْعُهْدَةِ (قَوْلُهُ وَفِي تت إلَخْ) كَلَامُ عب يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ إلَّا أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ جَعَلَ هَذَا التَّفْصِيلَ غَيْرَ ظَاهِرٍ إذْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْلَدَهُ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ الِاسْتِيلَادُ لَا يَأْتِي إلَّا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ تَسْقُطُ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ أَرْشٌ.
[أُجْرَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ أَوْ عَدِّهِ أَوْ وَزْنِهِ]
(قَوْلُهُ لِقَبْضِهِ مَتَاعَهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَهِيَ تَحْرِيفٌ، وَالْمُنَاسِبُ مُبْتَاعُهُ (قَوْلُهُ أَنَّ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِي الْمِكْيَالِ) أَيْ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى تَفْرِيغِهِ فِي الْأَوْعِيَةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ) هَذَا رُوحُ الْجَوَابِ (قَوْلُهُ تَخْصِيصٌ لَهُ) أَيْ تَبْيِينٌ لَهُ أَيْ بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَمَامِ الْفِعْلِ تَفْرِيغُهُ، وَتَمَامُ الْفِعْلِ بِالتَّفْرِيغِ لِأَنَّ الْكَيْلَ يُرَادُ بِهِ مَجْمُوعُ وَضْعِ الْحَبِّ فِي الْقَدَحِ وَتَفْرِيغُهُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ تَمَامَ كَيْلِهِ خُرُوجُهُ إلَخْ أَيْ وَلَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ إلَّا قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ أَوْ عُدَّ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَوْ الْبَعْضَ فَضَمَانُهُ مِنْ مُبْتَاعِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَمَالِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ وَلَا فِعْلُ بَعْضِ ذَلِكَ كَافٍ فِي ضَمَانِ الْجَمِيعِ بَلْ كُلُّ مَا عُلِمَ بِمِعْيَارِهِ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ فِي حَالِ كَيْلِهِ) أَيْ وَيُرَادُ بِحَالِ الْكَيْلِ مَا دَامَ فِي الْمِكْيَالِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ إلَّا قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمِكْيَالُ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ يُفَرِّغُهُ فِي الْحَالِ فِي أَوْعِيَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَمَا سَيَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَنْصَرِفُ بِهِ لِمَنْزِلِهِ، وَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ يَنْصَرِفُ بِهِ لِمَنْزِلِهِ، وَمَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا كَانَ يُفَرِّغُهُ فِي أَوْعِيَةِ الْمُشْتَرِي، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ) أَيْ الْجُزَافُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ الْوَاوِ، وَيَكُونُ تَعْلِيلًا لِكَوْنِ التَّوْفِيَةِ وَاجِبَةً عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَخْرَجَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ الَّتِي هِيَ الْقَرْضُ إنَّمَا ذُكِرَتْ دَلِيلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute