للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ بَاعَ بَعْضَ مَالِهِ بِبَعْضِ مَالِ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ فَيَحْتَاجُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ لِلْإِذْنِ لِذَلِكَ.

وَلَهَا أَرْكَانٌ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْعَاقِدُ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ بِذَهَبَيْنِ إلَخْ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (ص) وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ وَهُوَ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ وَمَا لَا فَلَا وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْعَاقِدَانِ كَالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيُشَارِكَ فَلَا يُشَارِكُ الْعَبْدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ وَشَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ بِالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ لِأَنَّهُ قَدْ يُشْبِهُ بِمَا سَيَأْتِي وَيُقَرِّبُ هَذَا أَنَّ بَابَ الْوَكَالَةِ إثْرَ بَابِ الشَّرِكَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ مُوَكِّلٌ لَهُ فَشَبَّهَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَجْمُوعِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ إلَخْ.

(ص) وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِاللَّفْظِ فَقَوْلُهُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا مِنْ قَوْلٍ كَاشْتَرَكْنَا أَوْ فِعْلٍ كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَالتَّجْرِ فِيهِمَا فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْمُفَاصَلَةَ فَلَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ مُطْلَقًا وَلَوْ أَرَادَ نَضُوضَ الْمَالِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ كَالْقِرَاضِ كَذَا يَنْبَغِي.

(ص) بِذَهَبَيْنِ أَوْ وَرِقَيْنِ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِتَصِحُّ يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَتَصِحُّ بِالذَّهَبَيْنِ وَبِالْوَرِقَيْنِ أَيْ أَخْرَجَ هَذَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ ذَهَبًا أَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا وَرِقًا وَالْآخَرُ وَرِقًا وَسَوَاءٌ اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَمْ لَا كَهَاشِمِيَّةٍ وَدِمَشْقِيَّةٍ وَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ بِشَرْطِ أَنْ يَتَّفِقَ صَرْفُهُمَا وَقْتَ الْمُعَاقَدَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَجُوزُ بِمُخْتَلَفٍ الصَّرْفِ

ــ

[حاشية العدوي]

مَعَ أَنَّ الْآخَرَ لَا يَحْتَاجُ لِإِذْنٍ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ يُقَالُ إنَّ إذْنَ أَحَدِهِمَا فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ فَقَطْ لَا فِي الْجَمِيعِ فَلَا حَاجَةَ لِلسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ (تَنْبِيهٌ) شَمِلَ تَعْرِيفُهُ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعِنَانِ إلَّا أَنَّ الْأُولَى إذْنٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ إنَّمَا يَكُونُ الْإِذْنُ فِي ثَانِي حَالٍّ.

[أَرْكَانٌ الشَّرِكَةُ]

(قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ الرَّشِيدُ يُقَالُ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ لَا يَكُونُ إلَّا رَشِيدًا فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَجْمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ لَكَفَى (قَوْلُهُ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ) أَيْ وَهُوَ الرَّشِيدُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا انْتِقَالٌ مِنْ الصِّحَّةِ إلَى الْجَوَازِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْهَا قَالَ عج فَإِنْ قُلْت قَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ أَهْلًا لِلتَّوْكِيلِ وَلَا يَكُونُ أَهْلًا لِلتَّوَكُّلِ كَالذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ وَكَالْعَدُوِّ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ عَلَى عَدُوِّهِ وَعَلَى هَذَا لَا يُسَلَّمُ مَا ذُكِرَ مِنْ اتِّحَادِ أَهْلِيَّةِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ قُلْت هُمَا مُتَّحِدَانِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا افْتَرَقَا لِعَارِضٍ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا لِمَانِعٍ وَاعْلَمْ أَنَّ شَرِكَةَ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ صَحِيحَةٌ وَجَائِزَةٌ بِلَا قَيْدٍ وَشَرِكَةَ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ صَحِيحَةٌ وَكَذَا جَائِزَةٌ بِقَيْدِ حُضُورِ الْمُسْلِمِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ كَمَا أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمْعٌ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُ الْمَحْجُورِ وَظَهَرَ أَنَّ كَوَّنَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوِيٌّ إلَّا أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ حَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِحُ وَلِذَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ نَاجِي وَيُؤْخَذُ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَمِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَيَمِيلُ إلَيْهِ اقْتِصَارُ التَّوْضِيحِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَذْكُرْ الْوَكِيلَ لَكِنْ يَعْتَبِرُ هُنَا أَهْلِيَّةَ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ فِي كُلِّ شَخْصٍ فَلَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الصَّبِيِّ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا الْعَبْدُ وَيُسْتَثْنَى مِمَّنْ لَهُ التَّوْكِيلُ الصَّغِيرَةُ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوَكِّلَ فِي لَوَازِمِ الْعِصْمَةِ مِنْ مُضَارَّةِ زَوْجِهَا لَهَا وَمِنْ أَخْذِهَا بِالشُّرُوطِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُشَارِكَ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ بَيْنَ مَنْ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَتَوَكُّلُهُ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ يَجْتَمِعَانِ فِي حُرٍّ بَالِغٍ عَاقِلٍ رَشِيدٍ غَيْرِ عَدُوٍّ وَلَا كَافِرٍ وَيَنْفَرِدُ التَّوْكِيلُ فِي عَدُوٍّ وَكَافِرٍ فَإِنَّهُمَا أَهْلُهُ دُونَ التَّوَكُّلِ وَيَنْفَرِدُ التَّوَكُّلُ فِي مَحْجُورٍ فَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ عَلَى إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ دُونَ التَّوْكِيلِ.

(تَنْبِيهٌ) : دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُشَارَكَةُ الْمَرْأَةِ مَعَ الرَّجُلِ وَذَلِكَ فِي الْمَرْأَةِ الْمُتَجَالَّةِ أَوْ الشَّابَّةِ مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِوَاسِطَةِ مَأْمُونٍ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مَأْمُونَانِ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ أَبُو إبْرَاهِيمَ يُؤْخَذُ مِنْ هُنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُغْلِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ الْبَابَ وَهُوَ نَصُّ مَا فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ التِّجَارَةِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ زَرْبٍ وَنَصَّ سَحْنُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى أَنَّ لَهَا إدْخَالَ رِجَالٍ تُشْهِدُهُمْ عَلَى نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ غَائِبٌ وَمَعَهُمْ ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذُو مَحْرَمٍ قَامَ أَهْلُ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ ابْنُ نَاجِي وَالْفَتْوَى بِقَوْلِ سَحْنُونَ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ أَيْ عَنْ الدَّارِ.

(قَوْلُهُ وَشَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ) أَيْ ابْنُ الْحَاجِبِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ شَارِحِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْ فَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُشَبَّهَ بِهِ مَا سَيَأْتِي نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ فِي الْأَذْهَانِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الشَّرِكَةَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَيُقَرِّبُ هَذَا أَيْ التَّشْبِيهَ أَنَّ بَابَ الْوَكَالَةِ إثْرَ بَابِ الشَّرِكَةِ أَيْ عَقِبَ بَابِ الشَّرِكَةِ وَإِذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَقِبَ الشَّرِكَةِ فَتَكُونُ قَرِيبَةً فِي الْأَذْهَانِ فَقَرُبَ التَّشْبِيهُ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ وَالْجَوَابُ يَتَعَلَّقَانِ بِخَلِيلٍ أَيْضًا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ مُطْلَقًا) أَيْ انْعَقَدَتْ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ وَسَوَاءٌ رُفِعَ لِحَاكِمٍ أَمْ لَا (وَقَوْلُهُ نَضُوضَ الْمَالِ) أَيْ صَيْرُورَتَهُ نَاضًّا أَيْ نَقْدًا وَذَلِكَ بِبَيْعِ السِّلَعِ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ أَيْ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ كَالْقِرَاضِ أَيْ أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا اشْتَرَى بِالْمَالِ سِلَعًا وَأَرَادَ خَزْنَهَا وَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَهَا أَوْ الْعَكْسَ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ.

(قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَتَّفِقَ صَرْفُهُمَا) الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ مَا أَخْرَجَهُ أَحَدُهُمَا مُتَّفِقًا فِيمَا ذُكِرَ مَعَ مَا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ أَوْ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>