للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ الصَّدَاقِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ اقْتِضَاءً أَوْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) فَقَالَ (ص) إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ (ش) أَيْ إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ فَادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَالضَّمِيرُ فِي تَنَازَعَا رَاجِعٌ لِلْمُتَنَازِعَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ تَنَازَعَا أَوْ لِلْمُتَدَاعَيَيْنِ لِذَلِكَ بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمَا وَهُوَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيبِ إذْ الْمُدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يَنْفِيهَا (ص) ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ أَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَأَنْكَرَ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ عَلَى النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ وَسَوَاءٌ شَهِدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا أَوْ عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِيَّ بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ (ص) وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَلِعَدَمِ ثَمَرَتِهَا لَوْ تَوَجَّهَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ إذَا نَكَلَ عَنْهَا إذْ لَا يُقْضَى بِيَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ نُكُولِ الْآخَرِ (ص) وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا (ش) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الْيَمِينِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ فَإِنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُنْكِرِ إذْ لَا ثَمَرَةَ لِتَوَجُّهِهَا عَلَيْهِ إذْ لَوْ قِيلَ إنَّهَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ فَنَكَلَ عَنْهَا لَمْ يُقْضَ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ أَيْ لَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ لَا نِكَاحَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ.

(ص) وَحَلَفَتْ مَعَهُ وَوَرِثَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ مَيِّتٍ أَنَّهُ كَانَ زَوْجًا لَهَا وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَشْهَدُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ لَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ مَعَهُ وَتَرِثُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى آلَتْ إلَى مَالٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَلَا صَدَاقَ لَهَا إذْ هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَرِثُ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ الزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا الْمَالَ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى عِلَّتِهِ أَنْ يَكُونَ

ــ

[حاشية العدوي]

[فَصْل حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ]

فَصْلُ التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ) . (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ أَيْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ أَيْ وُجُودِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّنَازُعَ فِي الصَّدَاقِ تَنَازُعٌ فِي النِّكَاحِ لَكِنْ لَيْسَ تَنَازُعًا فِي أَصْلِهِ بَلْ تَنَازُعٌ فِي قَدْرِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا تَنَازَعَا إلَخْ) وَلَوْ طَارِئَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ دَعْوَاهُمَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِدَعْوَاهُمَا الْمَأْخُوذَةِ مِنْ التَّنَازُعِ وَلَا بُدَّ مِنْ ارْتِكَابِ التَّجْرِيدِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِدَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إثْبَاتُهَا أَوْ نَفْيُهَا.

(قَوْلُهُ: تَثْبُتُ) أَيْ تَثْبُتُ فَعَبَّرَ بِالْمَاضِي وَأَرَادَ الْمُضَارِعَ وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّمَاعِ) مَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ مُجَوِّزَةً لِغَيْرِ مَنْ أَقَامَ بِالسَّمَاعِ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُجَوِّزَةً لِأَحَدٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ الْمُقِيمُ لِلسَّمَاعِ الْجَائِزَ لَهَا. (قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ) أَيْ مَعَ مُعَايَنَتِهِمَا لَهُمَا كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ أَوْ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَسْمُوعِهِمْ أَوْ مَعَ ثُبُوتِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ قَيْدًا لِعَدَمِ ذِكْرِهِ ذَلِكَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ فِي بَابِهَا بَلْ إنَّمَا ذَلِكَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ شُهُودَ السَّمَاعِ عَايَنُوا الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُجَوِّزًا لَهُمْ لِلْقَطْعِ بِالنِّكَاحِ وَلَا يُسْنِدُوهُ لِلسَّمَاعِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ شب إلَّا أَنَّ مُحَشِّي تت - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَزَالَ الْإِشْكَالَ فَقَالَ قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّكَاحِ وَعَايَنَتْ الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَحَصَلَ لَهُمْ الْيَقِينُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ جُلُّ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ فِي النِّكَاحِ إذَا انْتَشَرَ خَبَرُهُ فِي الْجِيرَانِ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَسُمِعَ الدِّفَافُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَ فُلَانٍ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ النِّكَاحَ فَقَوْلُهُ: لَهُ أَنْ يَشْهَدَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ بِالْقَطْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرُوا طُولَ الزَّمَانِ مَعَ اشْتِرَاطِهِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ بِالْقَطْعِ، وَالدِّفَافُ وَالدُّخَانُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى الِانْتِشَارِ وَكَثْرَتِهِ وَوُجُودِ الْأَمَارَاتِ الْمُفِيدِ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْقَطْعِ بِالشَّهَادَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ إذَا أَفَادَ الْعِلْمَ بِاسْتِفَاضَةٍ وَكَذَا فِي غَيْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ) أَيْ شَهِدَتْ مُعْتَمِدَةً عَلَى مُعَايَنَةِ الْعَقْدِ أَوْ مُعْتَمِدَةً عَلَى السَّمَاعِ الْفَاشِي. (قَوْلُهُ: بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ) أَيْ بِالدُّفِّ أَوْ الدُّخَانِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ أَفَادَهُ بَهْرَامُ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُقْضَى) عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا) لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّارِئَيْنِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَذْهَبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُنْكِرَةً لِلزَّوْجِيَّةِ

. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ) بَلْ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ غَيْرَ أَنَّ مُحَشِّي تت قَدْ قَالَ وَاعْتَبَرَ الْقَيْدَ الْحَطَّابُ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَأَقَرَّهُ نَاصِرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّوْضِيحِ قَائِلًا سَيُصَرِّحُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ بِهَذَا الْقَيْدِ عَنْ صَاحِبِ النَّوَادِرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا صَدَاقَ لَهَا) وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِحَقِّ اللَّهِ وَالظَّاهِرُ تَحْرِيمُهَا عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ بِدَعْوَاهَا وَكَذَا يُقَالُ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بَعْدَ مَوْتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>