للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِبَانُهَا فَأُولَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهَا الرَّضَاعُ أَصَالَةً وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا عَيْبٌ يُؤَثِّرُ فِي اللَّبَنِ كَكَوْنِهَا حَمْقَاءَ أَوْ جَذْمَاءَ مِمَّا اُشْتُرِطَ عَدَمُهُ فِي الظِّئْرِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ عَنْهَا بِلِبَانٍ وَفِيمَا تَقَدَّمَ بِلَبَنٍ حَيْثُ قَالَ حُصُولُ لَبَنِ آدَمِيٍّ إلَخْ لِأَنَّهُ رَدَّ فِيمَا مَرَّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ لَبَنَ الْآدَمِيِّ لَا يُقَالُ فِيهِ الْأَلْبَانُ وَهُنَا وَافَقَهُ

(ص) وَلَهَا إنْ قَبِلَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا عَلَى الْأَرْجَحِ فِي التَّأْوِيلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ الْغَيْرَ اللَّازِمَ لَهَا الرَّضَاعُ مِنْ شَرِيفَةِ قَدْرٍ أَوْ بَائِنٌ إذَا قَبِلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ مَالِ الْوَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي طَلَبِ الْأُجْرَةِ وَلَوْ وَجَدَ أَبُوهُ مَنْ يُرْضِعُ الْوَلَدَ عِنْدَ أُمِّهِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ مَجَّانًا لِأَنَّ الظِّئْرَ وَإِنْ كَانَتْ تُرْضِعُهُ عِنْدَ أُمِّهِ فَالظِّئْرُ هِيَ الَّتِي تُبَاشِرُهُ بِالرَّضَاعِ وَالْمَبِيتِ وَذَلِكَ تَفْرِقَةٌ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ هُنَا إنْ قَبِلَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْوَلَدُ غَيْرَهَا لَا أُجْرَةَ لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهَا الْأُجْرَةَ فَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يُعْدَمَ الْأَبُ أَوْ يَمُوتَ وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ كَعَدَمِ قَبُولِهِ غَيْرَهَا وَلَهَا أُجْرَتُهَا كَأَنْ قَبِلَ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا لَسَلِمَ مِنْ الْإِيهَامِ الْمَذْكُورِ وَنُسْخَةُ عِنْدَهُ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ أَنْكَرَهَا ابْنُ غَازِي لِأَجْلِ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَرْجِيحُ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ عَلَى نُسْخَةِ التَّأْنِيثِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النَّفَقَاتِ الَّتِي مِنْ أَسْبَابِهَا الْقَرَابَةُ وَكَانَتْ خَاصَّةً بِالْأَبِ وَأَتْبَعَهَا بِالرَّضَاعِ الَّذِي هُوَ مِنْ فُرُوعِهِ وَكَانَا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ شَرَعَ فِي تَوَابِعِهَا وَهِيَ الْحَضَانَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُمَا وَغَيْرِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ مَحْصُولُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ حِفْظُ الْوَلَدِ فِي مَبِيتِهِ وَمُؤْنَةِ طَعَامِهِ وَلِبَاسِهِ وَمَضْجَعِهِ وَتَنْظِيفِ جِسْمِهِ فَقَالَ (ص) وَحَضَانَةُ الذَّكَرِ لِلْبُلُوغِ وَالْأُنْثَى كَالنَّفَقَةِ لِلْأُمِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَضَانَةَ ثَابِتَةٌ وَكَائِنَةٌ لِلْأُمِّ كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَكِنَّ حَضَانَةَ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ وِلَادَتِهِ لِلْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا غَيْرَ زَمِنٍ وَإِنْ صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ وَالْأُنْثَى لِدُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا وَلَا تَكْفِي الدَّعْوَةُ إلَى الدُّخُولِ وَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا الْبُلُوغُ بِالْإِنْبَاتِ وَقَوْلُنَا " الْمُحَقَّقِ " احْتَرَزْنَا بِهِ عَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحَضَانَةِ مَا دَامَ مُشْكِلًا وَبِمَا قَرَّرْنَا أَنَّ الدُّعَاءَ لِلدُّخُولِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَتُعْتَبَرُ

ــ

[حاشية العدوي]

لَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ كَكَوْنِهَا حَمْقَاءَ) لِأَنَّ الْحَمْقَاءَ يَتَغَيَّرُ لَبَنُهَا عِنْدَ حَمَاقَتِهَا فَيُؤْذِي الْوَلَدَ.

(قَوْلُهُ مِمَّا اُشْتُرِطَ عَدَمُهُ فِي الظِّئْرِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِمَّا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَبَ وَإِلَّا فَالْمُسْتَأْجَرُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ظِئْرٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ وَهُنَا وَافَقَهُ) أَيْ عَبَّرَ بِلَبَانٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ يُقَالُ لَهُ لِبَانٌ كَمَا يُقَالُ لَهُ لَبَنٌ

. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا إلَّا لِقَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا لَا لِقَوْلِهِ مَجَّانًا.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ) تَقَدَّمَ الْبَحْثُ مَعَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ وَجَدَ.

(قَوْلُهُ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ مَا ذُكِرَ هُنَا أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَازِمَةٌ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ فَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ دَوَامَ الزَّوْجِيَّةِ أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ عَلَيْهِ لِمُرَاعَاةِ وُسْعِهِ وَحَالُهَا بِخِلَافِ هَذِهِ.

(قَوْلُهُ كَعَدَمِ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهَا إرْضَاعُهُ لَكِنْ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ لَا أُجْرَةَ لَهَا وَفِيمَا بَعْدَ الْكَافِ لَهَا الْأُجْرَةُ سَوَاءٌ قَبِلَ غَيْرَهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَلَا حَاجَةَ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ

[الْحَضَانَةُ]

. (قَوْلُهُ وَكَانَتْ خَاصَّةً بِالْأَبِ) أَيْ كَانَتْ بِالْقَرَابَةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ الْأَسْبَابِ خَاصَّةً بِالْأَبِ اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الِابْنَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَالِدِهِ فَلَمْ تَكُنْ خَاصَّةً بِالْأَبِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْخُصُوصِ النِّسْبِيَّ أَيْ دُونَ الْأُمِّ (قَوْلُهُ مِنْ فُرُوعِهِ) الْأَوْلَى مِنْ فُرُوعِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّضَاعَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مِنْ فُرُوعِ النَّفَقَاتِ إنَّمَا هُوَ الرَّضَاعُ اللَّازِمُ لِلْأَبِ فَالْإِرْضَاعُ لِلطِّفْلِ بِمَنْزِلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَكَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ أَيْ تَارَةً تُطْلَبُ مِنْ الْأَبِ وَتَارَةً تُطْلَبُ مِنْ الْأُمِّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ فَطَلَبُهُ تَارَةً مِنْ الْأَبِ وَتَارَةً مِنْ الْأُمِّ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فُرُوعِ النَّفَقَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ النَّفَقَاتِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَكَانَ مُشْتَرَكًا (الْحَضَانَةُ) .

(قَوْلُهُ شَرَعَ فِي تَوَابِعِهَا وَهِيَ الْحَضَانَةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْحَضَانَةَ مِنْ تَوَابِعِ النَّفَقَاتِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْحَضَانَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَقَارِبِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فَمَا وَجْهُ كَوْنِهَا مِنْ تَوَابِعِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَابِعَةٌ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَلَى الْأَبِ.

(قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا) أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاشْتِرَاكِ كَوْنَهَا بَيْنَ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ كُلٍّ لَهَا وَلَوْ بِاعْتِبَارِ أَزْمَانٍ كَاشْتِرَاكِ الرَّضَاعِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّهُ بِحَسَبِ زَمَنَيْنِ.

(قَوْلُهُ هِيَ مَحْصُولُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحْصُولَ وَحَاصِلَ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ وَلَيْسَ مَحْصُولٌ اسْمَ مَفْعُولٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى صِيغَتِهِ وَأَنَّ عَادَةَ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرُهُ سَابِقًا بِتَعْرِيفٍ لِلْحَقِيقَةِ يَكْتَفِي بِهِ فَيَقُولُ مَثَلًا وَعَرَّفَهُ فُلَانٌ بِكَذَا وَلَا يَقُولُ مَحْصُولٌ وَلَا حَاصِلٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ لَمَّا كَانَ مُطَوَّلًا وَدَأْبُهُ الِاخْتِصَارُ أَتَى بِقَوْلِهِ مَحْصُولٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ هِيَ حِفْظُ شَأْنِ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ حَاصِلُ قَوْلِ الْبَاجِيِّ كَذَا.

(قَوْلُهُ ثَابِتَةٌ وَكَائِنَةٌ لِلْأُمِّ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِلْأُمِّ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَحَضَانَةٌ وَلَيْسَ الْخَبَرُ لِلْبُلُوغِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَوْصُولِ الْحَرْفِيِّ قَبْلَ كَمَالِ صِلَتِهِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَأُجِيبَ بِاغْتِفَارِ ذَلِكَ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَإِنَّمَا قُلْنَا يَلْزَمُ إلَخْ وَذَلِكَ لِأَنَّ حَضَانَةً مُؤَوَّلٌ بِأَنْ وَالْفِعْلِ وَالْأَصْلُ أَنْ يَحْضُنَ الذَّكَرَ لِلْبُلُوغِ لِلْأُمِّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْحَضَانَةِ لِلْأُمِّ إذَا طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَأَمَّا وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ فَالْحَضَانَةُ حَقٌّ لَهُمَا.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ حَضَانَةَ إلَخْ) حِلٌّ مَعْنًى لَا حِلٌّ إعْرَابٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>