للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَلْ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْأَشْبَهِ كَمَا لَوْ يَنْقُدُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ

(بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْجُعْلُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَأَفْرَدَهُ عَنْ الْإِجَارَةِ بِبَابٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِ أَحْكَامٍ وَالْجَعَالَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا مَا يُجْعَلُ عَلَى الْعَمَلِ وَهُوَ رُخْصَةٌ فَهُوَ أَصْلٌ مُنْفَرِدٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَجْرًا مَعْلُومًا وَلَا يَنْقُدُهُ إيَّاهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي زَمَنٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَمَّلَهُ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا الْعَقْدَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَرَأَوْا أَنَّهُ مِنْ الْغَرَرِ وَالْخَطَرِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] مَعَ الْعَمَلِ مِنْ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَوْمَ حُنَيْنٍ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ حَقِيقَتَهُ الْعُرْفِيَّةَ بِقَوْلِهِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ. وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ كِرَاءُ السُّفُنِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِينَ وَالرَّوَاحِلِ وَبِقَوْلِهِ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ الْمُسَاقَاةُ وَالْقِرَاضُ وَشَرِكَةُ الْحَرْثِ وَقَوْلُهُ بِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ زِيدَ بِهِ خَوْفَ نَقْضِ عَكْسِ الْحَدِّ أَوْ الرَّسْمِ بِقَوْلِهِ إنْ أَتَيْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَمَلُهُ كَذَا أَوْ خِدْمَتُهُ شَهْرًا فَإِنَّهُ جُعْلٌ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لِلْجَهْلِ بِعِوَضِهِ، وَالْمُعَرَّفُ حَقِيقَتُهُ الْمَعْرُوضَةُ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ التَّعْرِيفَ لِمَاهِيَّةِ الْجُعْلِ الْمُطْلَقِ الْقَابِلِ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَلَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ مُحَافَظَةً عَلَى طَرْدِهِ لِإِخْرَاجِ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ لَكَانَ رَسْمُهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ فَيُقَالُ: حَافَظَ عَلَى طَرْدِهِ فَأَخَلَّ بِعَكْسِهِ فَإِنَّ صُورَةَ النَّقْضِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْجَعَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ شَارَكَتْ الْقِرَاضُ فِيمَا خَرَجَ بِهِ؛ لِأَنَّ عِوَضَهَا نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ فَتَكُونُ خَارِجَةً وَالْمَقْصُودُ دُخُولُهَا وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَزَادَ بِهِ لِتَدْخُلَ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَضَمِيرُ مَحَلِّهِ عَائِدٌ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

مَسْأَلَةُ عَدَمِ النَّقْدِ فَالْفَسْخُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا شَيْءٌ أَمْ لَا

[بَابُ الْجُعْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(قَوْلُهُ ذُكِرَ فِيهِ الْجُعْلُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ صِحَّةً وَأَرَادَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَسَائِلَ الْآتِيَةَ (قَوْلُهُ بِبَعْضِ أَحْكَامٍ) أَيْ: تَتَشَارَكُ مَعَ الْإِجَارَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَتَنْفَرِدُ عَنْهَا فِي الْبَعْضِ أَمَّا الِاشْتِرَاكُ فَكَمَا اُشْتُرِطَ فِي الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ طَاهِرَةً مُنْتَفَعًا بِهَا إلَخْ يُشْتَرَطُ فِي الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَمُرَادُنَا بِالْجُعْلِ الدَّرَاهِمُ مَثَلًا الْمَجْعُولَةُ وَمِثَالُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ دُونَ الْجُعْلِ.

(قَوْلُهُ أَصْلٌ مُنْفَرِدٌ إلَخْ) سَيَأْتِي يَقُولُ إنَّ الْإِجَارَةَ أَصْلٌ لَهُ فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ تَفْسِيرٌ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ أَصْلٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ إلَخْ) هَذَا تَعْرِيفٌ غَيْرُ تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْقُدُهُ إيَّاهُ) أَيْ: لَا يُشْتَرَطُ نَقْدُهُ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا جَائِزٌ (قَوْلُهُ فِي زَمَنٍ مَعْلُومٍ) أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا بِشَرْطِ تَرْكِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ فِي الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ يَعْمَلُ أَيْ: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ أَيْ: بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا) سَيَأْتِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَذْكُرُهُ حَيْثُ قَالَ وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ قَوْلَانِ.

(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: دَاخِلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرٍ يُكْمِلُهُ أَيْ: حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْعَمَلِ مِنْ عَمَلٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ وَجَعْلُهُ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَيِّنٌ لَهُ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ وَالْخَطَرِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ: فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ} [يوسف: ٧٢] أَيْ: بِصُوَاعِ الْمَلِكِ الَّذِي فَقَدُوهُ {حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: ٧٢] مِنْ الطَّعَامِ {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] أَيْ: كَفِيلٌ (قَوْلُهُ مِنْ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ غَيْرِ الْمَانِعِينَ لَهُ وَقَوْلُهُ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» لَا يَخْفَى أَنَّ الْجُعْلَ هُنَا الَّذِي هُوَ الْأَجْرُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ السَّلَبَ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّفَاوُتِ وَوُجُودُ التَّفَاوُتِ فَرْدٌ نَادِرٌ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ كِرَاءُ السُّفُنِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ كِرَاءُ وَيَقُولُ وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ السُّفُنُ أَيْ: فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَنْفَعَتِهَا لَا يُقَالُ فِيهِ جَعَالَةٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُسَاقَاةُ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِعِوَضٍ عَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ نَاشِئًا عَنْ مَحَلِّهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ فِي ذَلِكَ لَا يُقَالُ فِيهِ جَعَالَةٌ بَلْ قِرَاضٌ أَوْ مُسَاقَاةٌ أَوْ شَرِكَةٌ وَقَوْلُهُ مَا مَعْنَاهُ أَيْ: كَلَامًا مَعْنَاهُ أَيْ: فَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ مَعْنَاهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ الرَّسْمِ إلَخْ) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالرَّسْمِ التَّعْرِيفَ وَيَكُونُ تَنْوِيعًا فِي الْعِبَارَةِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا وَأَنْ يَكُونَ رَسْمًا وَالْحَدُّ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ الْآبِقُ مَثَلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْعَمَلِ الْمَالُ فِي الْقِرَاضِ وَالْعَبْدُ فِي الْجَعَالَةِ فَالْقَدْرُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ فِي كُلٍّ نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْمَالُ وَالْعَبْدُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْقَرْضِ نَشَأَ عَنْ الْمَالِ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ وَالسَّبَبُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَتَوَلَّدَ مِنْ وُجُودِ عَمَلِ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ ذَلِكَ الرِّبْحُ، وَأَمَّا الْجُعْلُ فَإِنَّهُ وَإِنْ نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْعَبْدُ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْعَبْدِ خِدْمَتُهُ إيَّاهُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنَاشِئٍ وَالنَّفْيُ مُنْصَبٌّ تَارَةً عَلَى الْقَيْدِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ نَاشِئًا عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبِّ عَمَلِ الْعَامِلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ وَهُوَ الْعَبْدُ لَا بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ كَهَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّ الْجُعْلَ نَشَأَ عَنْ الْعَبْدِ وَخَرَجَ مِنْهُ لَكِنْ لَيْسَ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ الْمُجَاعَلُ أَيْ: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ أَيْ: أَوْ لَا يَكُونُ عَمَلُ الْعَامِلِ سَبَبًا فَاعِلِيًّا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>