وَكَانَ بِالْكُتُبِيِّينَ بِتُونُسَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالصَّلَاحِ عَارِفٌ بِالْكُتُبِ يَسْتَفْتِحُ لِلدَّلَّالِينَ مَا يَبْنُونَ عَلَيْهِ فِي الدَّلَالَةِ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي الشِّرَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَا عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ الْمَازِرِيِّ، ثُمَّ حَصَلَ فِيمَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقِيمَةِ الْمَنْعُ لِظَاهِرِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَالْجَوَازُ لِدَلِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ وَالِاسْتِحْبَابُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ لِإِتْلَافِهِ مَالَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَيْسَ بِنَاجِشٍ انْتَهَى زَادَ بَعْضٌ وَهَذَا مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ حَمْلٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ أَنْ تُعْطِيَهُ فِي سِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ
وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَلَّغَهُ فِي النِّدَاءِ لَاتَّفَقَ مَعَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَيُرَشِّحُهُ قَوْلُهُ لِيَغُرَّ وَلَا يَبْقَى فِي الْمَسْأَلَةِ سِوَى قَوْلَيْنِ قَوْلِ مَالِكٍ مَعَ الْمَازِرِيِّ وَقَوْلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ تَأَمَّلْ انْتَهَى وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ مُجَرَّدُ الْعَطَاءِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ غُرُورُ الْغَيْرِ كَانَ الْغُرُورُ مَقْصُودًا بِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِهَا فَاللَّامُ فِي لِيَغُرَّ لِلْعَاقِبَةِ وَالْمَآلِ لَا لِلتَّعْلِيلِ فَقَوْلُهُ: وَكَالنَّجْشِ أَيْ: وَكَبَيْعِ النَّجْشِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ حَيْثُ عَلِمَ بِالنَّاجِشِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ تَعَلَّقَ بِالنَّاجِشِ فَقَطْ
(ص) وَإِنْ عَلِمَ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ.
(ش) أَيْ: وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالنَّاجِشِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يَزْجُرْهُ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا رَدَّ ذَاتَه، وَإِنْ فَاتَ فَلَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ بِالثَّمَنِ أَيْ: ثَمَنِ النَّجْشِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهَا مُتَحَتِّمَةٌ بَلْ، إنْ أَرَادَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ مَعَ الْقِيَامِ وَتَحَتُّمُ الْقِيمَةِ مَعَ الْفَوَاتِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْقِيمَةَ حَيْثُ شَاءَ ذَلِكَ قَالَ الْمَوَّاقُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ خَلِيلٍ بِذَلِكَ (ص) وَجَازَ سُؤَالُ الْبَعْضِ لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ لَا الْجَمِيعِ (ش) أَيْ: جَازَ لِحَاضِرٍ سَوْمُ سِلْعَةٍ يُرِيدُ شِرَاءَهَا سُؤَالُ الْبَعْضِ مِنْ الْحَاضِرِينَ لِلسَّوْمِ لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ فِيهَا لِيَشْتَرِيَهَا السَّائِلُ بِرُخْصٍ وَلَيْسَ لَهُ سُؤَالُ الْجَمِيعِ، أَوْ الْأَكْثَرِ وَالْوَاحِدُ الَّذِي كَالْجَمَاعَةِ مِنْ كَوْنِهِ مُقْتَدًى بِهِ كَالْجَمِيعِ، فَإِنْ وَقَعَ سُؤَالُ الْجَمِيعِ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ فِي رَدِّهَا وَعَدَمِهِ، وَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ الثَّمَنِ عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ أَمْضَى بَيْعَهَا فَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ بِتَوَاطُئِهِمْ عَلَى تَرْكِ الزِّيَادَةِ زَادَتْ، أَوْ نَقَصَتْ، أَوْ تَلِفَتْ وَمِنْ حَقِّ الْمُبْتَاعِ مِنْهُمْ أَنْ يُلْزِمَهُمْ الشَّرِكَةَ، إنْ نَقَصَتْ، أَوْ تَلِفَتْ وَمِنْ حَقِّهِمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ، إنْ زَادَتْ وَكَانَ فِيهَا رِبْحٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا فِي سُوقِ السِّلْعَةِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ أَرَادَهَا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ لِغَيْرِهَا كَانَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ التِّجَارَةِ، أَوْ لَا قَالَهُ تت أَيْ: وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ الْمُشْتَرَطِ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الِاشْتِرَاءُ بِالسُّوقِ لَا بِالْبَيْتِ وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ إلَخْ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ هُنَا فِي الظُّلْمِ إذْ السَّائِلُ ظَالِمٌ بِسُؤَالِهِ لِغَيْرِهِ وَغَيْرُهُ ظَالِمٌ بِإِجَابَتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ وَكَلَامُ تت ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِاشْتِرَاكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَمَّا، إنْ فَاتَتْ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَيَخْتَصُّ بِهَا الْمُشْتَرِي
(ص)
وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ أَيْ: نَهَى عَنْ بَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ شَيْئًا مِنْ السِّلَعِ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُمْ بِلَا ثَمَنٍ مِنْ حَطَبٍ وَسَمْنٍ وَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ جَاهِلًا بِالْأَسْعَارِ أَمْ لَا أَمَّا فِي سِلَعٍ نَالُوهَا بِثَمَنٍ، أَوْ كَسْبٍ أَيْ: عَمَلٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَمَحَلُّ النَّهْيِ: فِي سِلَعٍ لَيْسَتْ مَأْخُوذَةً لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ تُوَلِّي بَيْعِهَا لَهُ، وَلَيْسَ النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَكَانَ بِالْكُتُبِيِّينَ إلَخْ) تَقْوِيَةٌ لِلَّذِي قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّجُلِ الْمُسْتَفْتِحِ بِالْكُتُبِيِّينَ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى إذْ الْمَعْنَى الَّذِي، أَوْجَبَ النَّهْيَ فِي النَّجْشِ مُنْتَفٍ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ بَلْ وَتَفْسِيرُ مَالِكٍ وَالْمَازِرِيِّ لَا يَشْمَلُهَا وَهُوَ عَيْنُ مَا يَفْعَلُهُ مَشَايِخُ الْأَسْوَاقِ بِمِصْرَ الْعَارِفُونَ بِأَثْمَانِ السِّلَعِ يَفْتَتِحُونَ لِدَلَّالٍ دُونَ ثَمَنِهَا لِيَبْنِيَ عَلَى ذَلِكَ مَنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَفْتَتِحَ جَاهِلٌ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا فَيَضُرَّ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقِيمَةِ) أَيْ: بَلْ يُسَاوِي الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: وَيُرَشِّحُهُ) أَيْ: يُرَشِّحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَلَغَهُ فِي النِّدَاءِ قَوْلُهُ: لِيَغُرَّ الَّذِي مَعْنَاهُ هُوَ قَوْلُهُ: لِيَقْتَدِيَ بِك غَيْرُك، لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْحُرْمَةِ النَّجْشُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ) تَقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ النَّجْشِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَوَّاقُ) هُوَ مُعْتَمَدُ شَيْخِنَا السَّلْمُونِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ كُفَّ عَنِّي) هَذَا إذَا كَانَ السُّؤَالُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ كُفَّ عَنِّي وَلَك دِينَارٌ وَيَلْزَمُهُ الدِّينَارُ اشْتَرَاهَا، أَوْ لَا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، أَوْ يَسْعَى فِي رِزْقَةٍ، أَوْ وَظِيفَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِعِوَضٍ مِنْ السِّلْعَةِ كَمَا لَوْ قَالَ كُفَّ عَنِّي وَلَك بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَطَاءِ مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ تت ظَاهِرٌ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَالَ خُيِّرَ الْبَائِعُ إلَخْ فَالْإِمْضَاءُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ حَالَةُ التَّخْيِيرِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَوْلُ الشَّارِحِ، أَوْ لَا زَادَتْ إلَخْ أَيْ: بَعْدَ الْإِمْضَاءِ فَتَدَبَّرْ (أَقُولُ) وَالْإِمْضَاءُ كَمَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْقِيَامِ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْفَوَاتِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا بَلْ إنْ أَرَادَهَا، لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ وَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ إلَخْ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ فَدَفْعُ الْقِيمَةِ يَرْجِعُ لِلرَّدِّ وَدَفْعُ الثَّمَنِ يَرْجِعُ لِلْإِمْضَاءِ
[بَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ]
(قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ) أَيْ: وَكَانَ الْبَيْعُ لِحَضَرِيٍّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ لِبَدَوِيٍّ فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ: بِلَا ثَمَنٍ) أَيْ: وَبِلَا عَمَلٍ مُشِقٍّ.
(قَوْلُهُ: جَاهِلًا بِالْأَسْعَارِ أَمْ لَا) الْمُعْتَمَدُ شَرْطُ الْجَهْلِ بِالْأَسْعَارِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَمَلٌ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَمَلٌ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مِثْلُ السَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْعَمَلِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّ النَّهْيِ إلَخْ