للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِيدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَلَا يُبَاحُ لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ دَاخِلَ الْبَلَدِ، أَوْ خَارِجَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ (الْإِمَامُ) فِي التَّخَلُّفِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَيْسَ حَقًّا لَهُ

وَلَمَّا كَانَ الْخَوْفُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الصَّلَاةِ ذَكَرَهُ عَقِبَ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمُغَيِّرَاتِ أَيْضًا جَمَعَهُمَا لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ فِيهِمَا وَأَخَّرَهُ عَنْهَا لِشِدَّةِ تَغَيُّرِهِ وَإِبَاحَةِ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِ مِنْ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ فَقَالَ (فَصْلٌ) يُذْكَرُ فِيهِ حُكْمُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَصِفَتُهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنَّ لَهُ صَلَاةً تَخُصُّهُ كَالْعِيدِ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الصِّفَةُ أَيْ كَيْفِيَّةُ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ نَوْعَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ

(ص) رُخِّصَ لِقِتَالٍ جَائِزٍ أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضِ قِسْمِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُبَاحُ قَسْمُ الْمُقَاتِلِينَ قِسْمَيْنِ لِقِتَالٍ وَاجِبٍ كَقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْبَغْيِ، أَوْ مُبَاحٍ كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ لَا حَرَامٍ كَقِتَالِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَالْهَزِيمَةِ الْمَمْنُوعَةِ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ بِبَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، وَالْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ عَلَى الْأَشْهَرِ بِشَرْطِ أَنْ يُمْكِنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضِ الْمُقَاتِلِينَ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مُقَاوَمَةُ الْعَدُوِّ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ عَلَى أَقْسَامِ التَّيَمُّمِ مِنْ رَاجٍ وَمُتَرَدِّدٍ وَآيِسٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّفْرِقَةُ وَخَافُوا إنْ اشْتَغَلُوا بِالصَّلَاةِ دَهَمَهُمْ الْعَدُوُّ وَانْهَزَمُوا صَلَّوْا عَلَى مَا يُمْكِنُهُمْ رِجَالًا وَرُكْبَانًا كَمَا يَأْتِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ يَمْنَةً، أَوْ يَسْرَةً، أَوْ خَلْفَ أَوْ مُقَابَلَةَ الْقِبْلَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ) أَيْ صَلَاةَ الْعِيدِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَارِجَهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ بِالصَّحْرَاءِ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ كَانَ بَيْتُهُ دَاخِلَ الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ. . إلَخْ) أَيْ فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ إذْنُهُ لَهُمْ فِي التَّخَلُّفِ.

وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ وَأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَوْ خَارِجَهُ وَعِبَارَةُ تت أَوْ شُهُودُ عِيدٍ أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إذَا وَافَقَ يَوْمَهَا لَا يُبَاحُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَسْكَنُ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ دَاخِلَ الْمِصْرِ أَوْ خَارِجَهُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَعَطَاءٍ فِي الْأَوَّلِ وَلِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ فِي الثَّانِي أَيْ لِمَا فِي رُجُوعِ أَهْلِ الْقُرَى الْخَارِجَةِ عَنْ الْمَدِينَةِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَا بِهِمْ مِنْ شُغْلِ الْعِيدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْخَارِجِ عَنْ الْمِصْرِ أَيْ وَكَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ دَاخِلَهَا كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَإِذَنْ قَوْلُ الشَّارِحِ: عَلَى الْمَشْهُورِ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ دَاخِلَ الْبَلَدِ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ فِي دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ، وَالتَّعْبِيرُ (بِأَنْ) يُفِيدُ أَنَّهُ خَارِجُ الْمَذْهَبِ

(فَصْلٌ صَلَاةُ الْخَوْفِ)

[فَصْلٌ صَلَاةِ الْخَوْف]

لَمْ يَحُدَّ الْمُصَنِّفُ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا غَيْرُهُمَا قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَيُمْكِنُ رَسْمُهَا بِأَنَّهَا فِعْلُ فَرْضٍ مِنْ الْخَمْسِ وَلَوْ جُمُعَةً مَقْسُومًا فِيهِ الْمَأْمُومُونَ قِسْمَيْنِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَمَعَ عَدَمِهِ لَا قِسْمٌ فِي قِتَالٍ جَائِزٍ (قَوْلُهُ جَمَعَهُمَا لِاشْتِرَاطِ. . .) لَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَهُ عَقِبَ الْجُمُعَةِ جَمْعٌ لَهُمَا إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ جَمْعَهُمَا ذِكْرُ أَحَدِهِمَا عَقِبَ الْآخَرِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ خِلَافُهُ فَلَوْ قَالَ: اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَمَعَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَالْجُمُعَةِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُغَيِّرَاتِ وَيُشْتَرَطُ الْجَمَاعَةُ فِيهِمَا وَأَخَّرَهُ عَنْهَا لِشِدَّةِ تَغَيُّرِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّهُ يُبَاحُ. . . إلَخْ) تَبِعَ الشَّيْخَ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ جَعَلَهَا مُبَاحَةً وَقَالَ لَيْسَتْ سُنَّةً وَلَا فَرْضًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَقِيلَ إنَّهَا مَنْدُوبَةٌ (قَوْلُهُ قِسْمَيْنِ) تَسَاوَيَا أَوْ لَا كَثُرَا أَوْ قَلَّا كَثَلَاثَةٍ يُصَلِّي اثْنَانِ وَيَحْرُسُ الثَّالِثُ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَالذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ كَقِتَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ) أَيْ الْكُفَّارِ (قَوْلُهُ: وَالْبَغْيِ) أَيْ الْمُسْلِمُونَ الْبُغَاةُ أَيْ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُبَاحٍ كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ) فَإِنْ قُلْتَ: حِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ قُلْت مَعْنَى وُجُوبِهِ لَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ بِنَحْوِ إحْرَاقٍ، وَأَمَّا تَمْكِينُ غَيْرِهِ مِنْهُ فَلَا مَا لَمْ يَحْصُلْ مُوجِبٌ لِتَحْرِيمِهِ كَأَنْ يَخَافَ تَلَفَ نَفْسِهِ إنْ مَكَّنَ غَيْرَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْهَزِيمَةُ الْمَمْنُوعَةُ) هِيَ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ عِنْدَ بُلُوغِ الْمُسْلِمِينَ النِّصْفَ وَهُوَ الْفِرَارُ الْمُحَرَّمُ فَلَا يَحِلُّ لَهُمْ الْقَسْمُ، وَاحْتَرَزَ بِالْمُحَرَّمِ عَنْ الْجَائِزِ وَمَثَّلَ شَيْخُنَا لَهَا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَتُصَلِّي جَمَاعَةٌ وَتَمْكُثُ جَمَاعَةٌ تَنْتَظِرُ الْعَدُوَّ وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ جَاءَ لَغَزَوْا وَاعْلَمْ أَنَّ الْهَزِيمَةَ الْجَائِزَةَ تَابِعَةٌ لِلْقِتَالِ لَا قِتَالٌ حَقِيقَةً، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمَكْرُوهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمَتْنُ فِي الْبَاغِيَةِ بِقَوْلِهِ: وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ وَمُوَرِّثِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ) يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ شب وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تُصَلِّي فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يُمْكِنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضِ الْمُقَاتِلِينَ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: لِبَعْضِ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِأَمْكَنَ وَبِتَرْكِهِ لَكِنْ إنْ عُلِّقَ بِأَمْكَنَ كَانَ الْبَعْضُ هُنَا تَارِكًا أَيْ أَمْكَنَ لِبَعْضٍ تَرْكُهُ لِقِيَامِ الْبَعْضِ الْآخَرَ بِهِ وَإِنْ عُلِّقَ بِتَرْكٍ كَانَ الْبَعْضُ هُنَا مَتْرُوكًا إلَّا أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَرْكُهُ لِقِيَامِ بَعْضٍ بِهِ وَاللَّامُ عَلَى الْأَوَّلِ مُعَدِّيَةٌ وَعَلَى الثَّانِي لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ مُقَاوَمَةُ الْعَدُوِّ) أَيْ فِي الْبَعْضِ التَّارِكِ مُقَاوَمَةَ الْعَدُوِّ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّائِفَةِ الَّتِي دَخَلَتْ مَعَهُ أَوَّلًا أَيْضًا أَنَّهَا تُقَاوِمُهُ (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْوَقْتِ) أَيْ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَالَ عج وَلَا تُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا حَيْثُ لَمْ يَرْجُ انْكِشَافَ الْعَدُوِّ قَبْلَ ذَهَابِ الْوَقْتِ فَإِنْ رَجَا انْكِشَافَهُ انْتَظَرَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ (قَوْلُهُ: وَرُكْبَانًا. . . إلَخْ) كَمَا يَأْتِي لَكِنْ فِي حَالَةِ عَدَمِ إمْكَانِ قَسْمِهِمْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا مُطْلَقًا رُكْبَانًا أَوْ مُشَاةً، وَأَمَّا فِي حَالَةِ إمْكَانِهِ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى دَوَابِّهِمْ إيمَاءً وَبِإِمَامٍ.

اعْلَمْ أَنَّ صَلَاتَهُمْ عَلَى الدَّوَابِّ إنَّمَا تَكُونُ حَيْثُ احْتَاجُوا لِذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُمْ وَهِيَ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا وَلَوْ عَلَى خُيُولِهِمْ وَإِنْ أَمْكَنَ قَسْمُهُمْ فَيُصَلُّونَ وَلَوْ بِإِمَامٍ رُكْبَانًا وَمُشَاةً (قَوْلُهُ: يَمْنَةً) أَيْ يَمْنَةَ الْقِبْلَةِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَمْنَةَ الْقِبْلَةِ، وَيَسْرَةَ الْقِبْلَةِ وَخَلْفَ الْقِبْلَةِ وَمُقَابِلَ الْقِبْلَةِ، وَمَعْنَى خَلْفَ الْقِبْلَةِ أَنَّ الْعَدُوَّ مُسْتَدْبِرُ الْقِبْلَةِ وَمَعْنَى مُقَابَلَةَ الْقِبْلَةِ أَنَّ الْعَدُوَّ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ فَعَلَيْهِ يَكُونُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>