شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ عَقْدَانِ أَوْ شَبَهُهُمَا بِقَوْلِهِ (ص) وَجَازَ بَعْدَ أَنْ أَجَّلَهُ الزِّيَادَةَ لِيَزِيدَهُ طُولًا كَقَبْلِهِ إنْ عَجَّلَهُ دَرَاهِمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ زِيَادَةً عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِيُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ أَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ مِنْ ثَوْبِهِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الزِّيَادَةِ، وَأَنْ يَتَعَجَّلَ الْجَمِيعَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مُعَيَّنَةً كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ، وَإِنْ عُيِّنَتْ، وَلَمْ تُقْبَضْ كَانَ بَيْعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَإِنْ أَخَّرَ الْأَجَلَ كَانَ بَيْعًا، وَسَلَفًا إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ صِنْفِهِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ بَيْعٌ بِالدَّرَاهِمِ، وَتَأْخِيرُ مَا فِي الذِّمَّةِ سَلَفٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَزِيدَ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ لِيَزِيدَهُ طُولًا فَقَطْ فِي الثَّوْبِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِشُرُوطٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُعَجِّلَ الدَّرَاهِمَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ فِي الطُّولِ لَا فِي الْعَرْضِ، وَالصَّفَاقَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ الصَّفْقَةِ الْأُولَى إلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ الطُّولِ لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ الصَّفْقَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ قَدْ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا، وَاَلَّذِي اسْتَأْنَفُوهُ صَفْقَةٌ أُخْرَى الثَّالِثُ أَنْ يَبْقَى مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ مِقْدَارُ أَجَلِ السَّلَمِ أَوْ يُكَمِّلَاهُ إنْ بَقِيَ مِنْهُ أَقَلُّ لِأَنَّ الثَّانِيَ سَلَمٌ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، الْخَامِسُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنَّهُ يَزِيدُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ لِيَزِيدَهُ طُولًا، وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلطُّولِ حَيْثُ كَانَ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَإِنَّ الْعَرْضَ وَالصَّفَاقَةَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي الطُّولِ لِأَجْلِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ كَقَبْلِهِ أَيْ كَمَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِيَزِيدَهُ فِي الطُّولِ فَقَطْ لَا فِي الْعَرْضِ، وَالصَّفَاقَةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي لَا أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ (ص) وَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ (ش) أَيْ كَمَا جَازَ قَبْلَ الْأَجَلِ الزِّيَادَةُ لِيَزِيدَهُ طُولًا جَازَ زِيَادَةُ غَزْلٍ، وَدَرَاهِمَ لِمَنْ عَاقَدْتَهُ أَوَّلًا عَلَى غَزْلٍ يَنْسِجُهُ لَك عَلَى صِفَةٍ كَسِتَّةٍ فِي ثَلَاثَةٍ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَقَوْلُهُ (لَا أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ) رَاجِعٌ إلَى مَا قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْغَزْلِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْأَجَلِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمَنْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا يَأْخُذُهُ مُخَالِفًا لِلْأَوَّلِ مُخَالَفَةً تُبِيحُ سَلَمَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَإِلَّا كَانَ قَضَاءً قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَرْدَأَ أَوْ بِأَجْوَدَ
وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى قَضَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَكَوْنِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ طَالِبًا لِلْقَضَاءِ أَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ طَالِبًا، وَأَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ خَفَّ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ عَلَى مَا هُوَ عَقْدَانِ) وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ شَبَهُهُمَا، وَذَلِكَ فِي الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا هُوَ عَقْدَانِ حَقِيقَةً أَوْ مَا هُوَ فِي قُوَّةِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ لِيَزِيدَهُ طُولًا) لَيْسَ الْمُرَادُ طُولًا يُوصَلُ بِالطُّولِ الْأَوَّلِ لِلُزُومِ ذَلِكَ تَأْخِيرَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ غَيْرِ صِنْفِهِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِهِ إلَخْ) الزِّيَادَةُ هُنَا مُسْتَعْمَلَةً فِي حَقِيقَتِهَا، وَقَوْلُهُ إنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ الْمَزِيدَةَ، وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ تَعْيِينِ الزِّيَادَةِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُعَيَّنَ الثَّوْبُ الْأَطْوَلُ أَوْ يَقُولُ أُعْطِيك مِنْ تِلْكَ الشُّقَّةِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَعَجَّلَ الْجَمِيعَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الزِّيَادَةِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُعَجَّلَ الزِّيَادَةُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَمْ لَا ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الزِّيَادَةَ مُنْفَصِلَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مُتَّصِلَةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَمٌ أَيْ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْتِئَامَ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِكَوْنِ الزِّيَادَةِ مُنْفَصِلَةً فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَقْبِضُ عِنْدَ أَجَلِهِ، وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ تُقْبَضُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَعَ أَنَّ الْقَصْدَ أَنْ يَزِيدَهُ طُولًا عَلَى طُولِهِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الطُّولِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْأَجَلِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ ثَوْبٌ أَطْوَلُ، وَأَمَّا قَبْلَ الْأَجَلِ فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا فَإِذَنْ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ يُكَمِّلَاهُ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ النَّقْلَ، وَحِينَئِذٍ فَالْتَأَمَ الْكَلَامُ مَعَ كَوْنِ الْمُعْطَى ثَوْبًا وَاحِدًا أَطْوَلَ مِنْ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَغَزْلٌ يَنْسِجُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَبْلَ لَكِنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ التَّشْبِيهُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الطُّولِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا أَعْرَضُ أَوْ أَصْفَقُ فَإِنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ كَقَبْلِهِ، وَالتَّشْبِيهُ فِي هَذِهِ مُطْلَقٌ قَالَ الْمَوَّاقُ فِيهَا لِمَالِكٍ، وَإِنْ دَفَعْت إلَيْهِ غَزْلًا يَنْسِجُهُ ثَوْبًا سِتَّةَ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةٍ ثُمَّ زِدْته دَرَاهِمَ، وَغَزْلًا عَلَى أَنْ يَزِيدَك فِي عَرْضٍ أَوْ فِي طُولٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُ الْبُيُوعَ انْتَهَى فَمَسْأَلَةُ الْغَزْلِ الَّذِي يَنْسِجُهُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ السَّلَمِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ، وَلِذَا أَجَازَ فِيهَا أَنْ يَزِيدَهُ غَزْلًا، وَدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِي الْعَرْضِ أَوْ الطُّولِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَزِيدُهُ مِنْ غَزْلِهِ، وَلَكِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَرْضِ إنَّمَا تُمْكِنُ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْسِجَ مِنْهُ شَيْئًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ) فَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ دَلِيلًا لِابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى سَحْنُونَ فِي جَوَازِ زِيَادَةِ الطُّولِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ فَالْمُنَاسِبُ لِلِاسْتِدْلَالِ أَنْ يَقُولَ كَغَزْلٍ بِالْكَافِ إذْ لَا يَتَأَتَّى صِنَاعَةُ الِاسْتِدْلَالِ إلَّا بِهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) وَتَعْجِيلُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَا يَكْفِي (قَوْلُهُ مُخَالِفَةٌ تُبِيحُ سَلَمَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ مِنْ الْجِنْسِ لَكِنْ يَكُونُ الْأَوَّلُ مِنْ كَتَّانٍ غَلِيظٍ، وَالثَّانِي مِنْ رَقِيقٍ
[إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ طَالِبًا وَأَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ]
(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ دَفْعُهُ) فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ جَازَ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ اتَّحَدَ سِعْرُ الْمَوْضِعَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute