الْقَبُولِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ فِي وَلَوْ قَبْلَ لِلْحَالِ، أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعَزْلِ الرَّدُّ أَيْ، وَلَهُ رَدَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ، وَلَوْ قَبِلَ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْقَبُولِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَبُولُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَطْرَأَ عَجْزٌ، وَإِنْ أَبَى الْوَصِيُّ مِنْ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ لِأَنَّهُ بَعْدَ إبَايَتِهِ صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُقَدَّمِ الْقَاضِي لَا حُكْمُ الْوَصِيِّ مِنْ قِبَلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي
. (ص) وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ مَحْجُورِهِ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ حَيْثُ أَشْبَهَ وَكَانَ فِي حَضَانَتِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ فِي كَفَالَةِ أُمِّهِ وَهِيَ فَقِيرَةٌ وَكَانَ أَثَرُ النِّعْمَةِ ظَاهِرًا عَلَى الْوَلَدِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ لِلْوَصِيِّ الشَّامِلِ لِوَصِيِّ الْوَصِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَمِثْلُهُ مُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْحَاضِنُ وَالْكَافِلُ. (ص) لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ، وَلَا فِي دَفْعِ مَالِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ الصَّبِيِّ فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ فَقَالَ الْوَصِيُّ مَاتَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَالنَّفَقَةُ وَاصِلَةٌ وَقَالَ الصَّبِيُّ بَلْ مَاتَ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ مَثَلًا، فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الصَّبِيِّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ إلَى قِلَّةِ النَّفَقَةِ وَكَثْرَتِهَا لِأَنَّ الْأَمَانَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَقَالَ الصَّبِيُّ ادْفَعْ إلَيَّ مَالِي الَّذِي عِنْدَك وَقَالَ الْوَصِيُّ قَدْ دَفَعْته إلَيْك بَعْدَ بُلُوغِك وَرُشْدِك إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] أَيْ لِئَلَّا تَغْرَمُوا عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ طُولٍ فَقَوْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مُتَعَلِّقٌ بِدَفَعَ، وَأَمَّا قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَلَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ وَافَقَهُ
(بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْفَرَائِضُ) وَهُوَ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ وَبَيَانُ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَمِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ وَبَدَأَ أَوَّلًا بِبَيَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَنِهَايَتُهَا خَمْسَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَطَرِيقُ حَصْرِهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ وَبِغَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةٍ وَعِلْمُ الْفَرَائِضِ لَهُ حَدٌّ وَمَوْضُوعٌ وَغَايَةٌ فَحَدُّهُ مَا يُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ حَيْثُ أَشْبَهَ وَكَانَ فِي حَضَانَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَفَادَهَا شَارِحُنَا وَهِيَ أَنْ يَكُونَ فِي حَضَانَتِهِ وَأَنْ يُشْبِهَ وَأَنْ يَحْلِفَ وَفَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ (أَقُولُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْهَا وَاخْتُلِفَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْسِبَ أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ وَيُسْقِطَ الزَّائِدَ حَتَّى لَا يَحْلِفَ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَقَالَ عِيَاضٌ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إذْ قَدْ يُمْكِنُ أَقَلُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِيَمِينٍ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: ٦] هَلْ لِئَلَّا تَغْرَمُوا وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ طُولٍ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَالَ إلَيْهِ عج وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ إنْ طَالَ الزَّمَنُ كَعِشْرِينَ سَنَةً يُقِيمُونَ مَعَهُ وَلَا يَطْلُبُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَبْضُ أَمْوَالِهِمْ إذَا رَشَدُوا وَجَعَلَ ابْنُ زَرِبٍ الطُّولَ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ اهـ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ اهـ وَقَالَ عب وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَقَالَاتِ خَمْسَةٌ وَأَنَّ عج مَالَ إلَى الْأَوَّلِ وَعِنْدِي أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ
[بَابٌ فِي الْفَرَائِضُ]
(بَابُ الْفَرَائِضِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ عِلْمٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهِيَ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرَائِضِ الْفَنُّ الْمَعْهُودُ فَذُكِّرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ الْقَوَاعِدَ لَا الْمَلَكَةَ وَلَا الْإِدْرَاكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مَذْكُورًا إنَّمَا هُوَ الْقَوَاعِدُ لَا الْمَلَكَةُ وَلَا الْإِدْرَاكُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُضَافٌ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرَائِضِ الْمَذْكُورَةِ مُتَعَلَّقُ عِلْمِ الْمَوَارِيثِ أَيْ: مُتَعَلَّقُ الْمَلَكَةِ أَوْ الْإِدْرَاكِ وَقَوْلُهُ وَبَيَانُ أَيْ وَتَبْيِينُ مَنْ يَرِثُ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ: وَذُو تَبْيِينٍ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ هِيَ التَّبْيِينَ بَلْ سَبَبٌ فِي التَّبْيِينِ وَيَكُونُ الْعَطْفُ تَفْسِيرًا وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قِرَاءَةِ، بَيَانُ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى عِلْمِ الْمَوَارِيثِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمَوَارِيثِ أَيْ وَعِلْمُ بَيَانِ أَيْ تَبْيِينِ أَيْ: الْعِلْمِ الْمُحَصَّلِ لِتَبْيِينِ مَنْ يَرِثُ إلَخْ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْبَيَانِ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّصَوُّرُ أَيْ: عِلْمٌ أَوْ تَصْدِيقٌ أَوْ تَصَوُّرٌ إلَخْ أَيْ الْمُفِيدُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِبَيَانِ الْحُقُوقِ) أَيْ تَبْيِينِ الْحُقُوقِ (قَوْلُهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَبِغَيْرِهِ) أَرَادَ بِالْغَيْرِ الْعَقْلَ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ مَا يُوصَلُ) أَيْ: شَيْءٌ يُوصَلُ إلَخْ أَيْ: وَهُوَ الْقَوَاعِدُ الْآتِيَةُ وَقَوْلُهُ لِمَعْرِفَةِ أَيْ: لِتَصَوُّرٍ أَوْ تَصْدِيقٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَارَةً تُفَسَّرُ بِالتَّصْدِيقِ وَتَارَةً تُفَسَّرُ بِالتَّصَوُّرِ وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمَقَامِ بِتَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ) مَوْضُوعُ كُلِّ عِلْمٍ مَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مُقَرَّرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ) هَكَذَا فِي نُسْخَةِ شَارِحِنَا وَنَقُولُ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute