للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَلَامُ ح

(ص) وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ جَائِزٌ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ الْخِيَارَ فِي إمْضَاءِ عَقْدِ السَّلَمِ أَوْ رَدَّهُ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ، وَهُوَ الْأَجَلُ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ بِالشَّرْطِ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ إذْ لَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ، وَلَا غَيْرِهِ الثَّانِي أَنْ لَا يُنْقَدَ رَأْسُ الْمَالِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ بِشَرْطٍ وَلَا تَطَوُّعٍ لِأَنَّهُ لَوْ نُقِدَ، وَتَمَّ السَّلَمُ لَكَانَ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِإِعْطَاءِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ سِلْعَةً مَوْصُوفَةً لِأَجَلٍ عَمَّا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ حَقِيقَةُ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَجَازَ بِخِيَارٍ لِلْمُسْلِمِ أَوْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ أَوْ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُنْقَدْ شَرْطٌ فِي الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا، وَقَوْلُهُ بِخِيَارٍ أَيْ وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ السَّلَمِ حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا بِخِيَارٍ لِلْأَجَلِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ

(ص) وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ مَنْفَعَةَ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَخْذِ الْمَنَافِعِ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَفِي السَّلَمِ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَضْيَقُ مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَنْقَضِي مَعَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ كَمَا إذَا قَالَ الْمُسْلِمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ لِي فِي وَقْتِ كَذَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ (ص) وَبِجُزَافٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ جُزَافًا بِشُرُوطِهِ

وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شَرْطِ رَأْسِ الْمَالِ الْعَيْنِ، وَأَنَّ تَأْخِيرَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُفْسِدُهُ، ذَكَرَ حُكْمَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ بِالْعَطْفِ عَلَى فَاعِلِ جَازَ (ص) وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِلَا شَرْطٍ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَلَوْ إلَى حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ أَمَّا مَعَ شَرْطِ التَّأْخِيرِ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَيَفْسُدُ كَالْعَيْنِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ

(ص) وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ إنْ كِيلَ، وَأُحْضِرَ أَوْ كَالْعَيْنِ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ إذَا كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا، وَكِيلَ الطَّعَامُ، وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ فِي مَجْلِسِ

ــ

[حاشية العدوي]

إنَّ قَوْلَهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الطُّرُقِ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْبَعْضَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

[الْخِيَارَ فِي السَّلَمِ]

(قَوْلُهُ لِمَا يُؤَخَّرُ) أَيْ لِزَمَنٍ يُؤَخَّرُ رَأْسُ الْمَالِ إلَيْهِ فَالصِّفَةُ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فَهُوَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْكُوفِيِّ مِنْ جَوَازِهِ فِي الْفِعْلِ (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُفْسِدٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا حُذِفَ الشَّرْطُ أَمْ لَا، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَجَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَحَيَوَانٍ، وَعَرْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ أَفْسَدَهُ إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ، وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ صَحَّ (قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي الثَّانِي) وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ اُنْظُرْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِلَّةَ جَارِيَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ يُقَيَّدْ بِذَلِكَ الْقَيْدِ فَلَعَلَّهُ غَيْرُ مَرْضِيٍّ

(قَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ كَالنُّقُودِ فَتُعْطَى حُكْمَهَا، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَاسْتَظْهَرَ عب أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ذِي الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْفَعَةُ حَيَوَانٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا كَانَ هُوَ رَأْسَ مَالٍ (أَقُولُ) وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَيَوَانِ الْعَرْضُ، وَهُوَ مِثْلُ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ كَقَبْضِ) الْكَافُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا، وَإِلَّا جَازَ) هَذَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ، وَغَيْرُ اللَّقَانِيِّ، وَغَيْرُ عج بَعْدَ أَنْ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كَالِئٌ بِكَالِئٍ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ فَقَالَ وَظَاهِرُ هَذَا الْمَنْعِ سَوَاءٌ شَرَعَ فِيهَا أَمْ لَا، وَانْظُرْ هَلْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ إذْ جَعَلُوا هُنَاكَ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ أَمْ لَا انْتَهَى، وَأَمَّا عج فَمَنَعَ، وَلَوْ مَعَ الشُّرُوعِ قَائِلًا، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْمُشَاحَّةَ فِي بَيْعِ الذَّوَاتِ كَالسَّلَمِ أَشَدُّ مِنْ الْمُشَاحَّةِ فِي بَيْعِ الْمَنَافِعِ، وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَنْقَضِي فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَقَالَاتِ ثَلَاثَةٌ مَقَالَةُ اللَّقَانِيِّ، وَمَقَالَةُ عج، وَالْمُتَرَدِّدُ وَأَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ اللَّقَانِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ شَارِحُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَالْمَضْمُونِ فِي أَنَّهُ إنْ شَرَعَ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُرَادُ الشُّرُوعُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ جَعَلَ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ كَالْعَيْنِ وَأَقُولُ وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَصِحُّ مَعَ الشُّرُوعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالشُّرُوعِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِقَوْلِهِ أَوْ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ مَفْهُومٌ إلَّا عَلَى كَلَامِ عج لَا عَلَى كَلَامِ شَارِحِنَا التَّابِعِ لِلَّقَانِيِّ، وَقَوْلِ شَارِحِنَا لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ يُفِيدُ أَنَّ الْجَوَازَ مَعَ الشُّرُوعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَهُوَ تَابِعٌ لِلتَّوْضِيحِ فَإِنَّ التَّوْضِيحَ قَالَ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفَادَ التَّوْضِيحِ أَيْ مِنْ تَعْلِيلِهِ يُقْضَى بِصِحَّةِ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ لَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ، وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءً فَلَا يَكُونُ لِلتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ مَعْنًى، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنَةِ إلَخْ، وَاَلَّذِي يَلِيقُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنَةِ الرُّجُوعُ لِكَلَامِ عج (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ إنْ رُئِيَ إلَخْ، وَلَوْ نَقْدًا مَسْكُوكًا حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَذَلِكَ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ وَزْنًا فَقَطْ

[رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ]

(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>